إثبات صحة الرواية القرآنية خارج نطاق الموروث التاريخي البشري

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


تقوم نظرية الأكوان الموازية على فرضية وجود عدة عوالم متشابهة يعيش فيها نفس الأشخاص وتشهد نفس الأحداث تقريبا لكن بسيناريوهات مختلفة كليا هذا ما أشعره به عند مقارنة القصص القرآني بالتاريخ البشري المتعارف لدى عموم الناس أننا في عالم موازي يتحدث عن نفس الأشخاص ونفس الأقوام لكن بصورة جد مختلفة لدرجة لا تترك من خيار سوى التسليم بأن إحدى الروايتين ضرب من الخيال 
بطبيعة الحال من الصعب إقناع عموم الناس بأن السواد الأعظم مما توصلت إليه الإنسانية من موروث تاريخي متراكم عبر قرون من البحث مجرد كذب وفبركة وأن الحقيقة المطلقة توجد في كتاب ديني وحيد مبهم الفهم حتى بالنسبة لأتباعه الحاليين فالأمر صعب حتى بالنسبة لمن يؤمن بألوهية الكتاب فما بالك بمن لا يؤمن بها ؟ وفي ظل غياب الدلائل المادية وإنعدام الإيمان الغيبي عند غير المسلمين يبقى الجانب المنطقي هو السبيل الوحيد لإقناع الناس بصحة القصص القرآني بغض النظر عن مسألة الإيمان بألوهية القرآن من عدمها والبداية بتصحيح بعض المغالطات التي تم ترسيخها في عقول العامة ومن أبرزها إعتماد المرويات التاريخية الغير موثقة علميا للأديان الأقدم زمانيا حجة على الأديان الموالية وهنا أخص بالذكر الموروث اليهودي المسيحي الذي يتخذ دوما حجة على الموروث الإسلامي بدعوى أنهما أكثر قدما دون الأخذ بعين الإعتبار إحتمالية زيفهما وفبركتهما قرون طويلة بعد زمن الأنبياء والشخصيات المنسوبة إليهم لو أخذنا الأمر من منظور محايد
فاليهود والمسيحيون يعتبرون كل ما جاء في كتبهم حقيقة إلاهية مطلقة والماديون ينكرون وجود كل ما لم يتم توثيقه بالأدلة المادية وبالتالي يعتبرون التاريخ المروي اليهودي المسيحي هو الأصل الذي اقتبس منه الإسلام وهو ما يجعل كل ما خالف فيه القرآن ما يسمى بالكتاب المقدس بالنسبة للفريقين مجرد خطأ مطبعي أو إلتباس من طرف مؤلف القرآن فتجدهم يعترضون على نصوصه سائلين متى قال اليهود أن يد الله مغلولة ؟
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ (64) سورة المائدة
متى قالوا أن عزير إبن الله ؟
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ (30) سورة التوبة
طيب ما أدراكم أنهم لم يقولها في وقت من الأوقات ولم تنقل رواياتهم الأمر مثلما لم تنقل الروايات المنسوبة للنبي محمد العديد من الأشياء عن حياته وعن هوية الجيل الأول من المؤمنين وعلى رأس القائمة عدم بعثته في صحراء جنوب الحجاز والمفارقة أننا نجد نفس هؤلاء وبالأخص المستشرقين أول المشككين في مصداقية التاريخ الإسلامي الموروث متهمين إياه بمحو التاريخ الإسلامي الحقيقي من الوجود 
مع أن المرويات الإسلامية أقرب نسبيا سواء لزمننا الحالي أو للشخصيات المنسوبة إليها حسب اعتقادهم مقارنة بالمرويات المسيحية واليهودية التي كتبت قرون طويلة بعد زمن الشخصيات المنسوبة إليها وبالأخص الموروث اليهودي
فبغض النظر عن مسألة الإيمان بالوحي الإلهي والأنبياء فالتسليم بإقتباس القرآن من كتب اليهود والمسيحيين يعد ضربا من العبث وتزييف صارخ للحقائق وكيل بمكيالين ولعل أبرز خدعة يلجأ إليها المروجون لهذه المغالطة الزعم بتصديق القرآن لما يسمى بالكتاب المقدس
معتمدين على النصوص التي يشهد فيها القرآن على حفظ وصحة التوراة والإنجيل في زمن تنزيل القرآن 
قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) سورة آل عمران
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) سورة المائدة
الذي تم نسبه لمطلع القرن السابع الميلادي في الموروث الإسلامي في زمن كان فيه ما يسمى بالكتاب المقدس قد انتشر في مختلف بقاع العالم ومنذ عدة قرون مما يغلق الباب أمام أية احتمالية للزعم بوجود نسخ مخالفة من التوراة والإنجيل في نفس الحقبة الزمنية 
متجاهلين اعتراف التراث المسيحي نفسه بوجود طوائف تبنت معتقدات وأناجيل مختلفة عن الأناجيل المتعارفة لدى المسيحيين أشهرها إنجيل العبرانيين الذي لم يعثر على أية مخطوطة وأثر تاريخي له باستثناء المرويات المسيحية التي أكدت من خلال شهادات آباء الكنيسة المسيحية تبنيه من طرف من وصفوهم بالهرطقات
فالمعيار ليس هو إثبات إنتشار ما يسمى بالكتاب المقدس في بقاع العالم بل نفي وجود أناجيل وطوائف أخرى في نفس الحقبة الزمنية مع العلم أن الأناجيل المسيحية بنفسها تؤكد اقتصار رسالة يشوع على بني إسرائيل ورفضه تبشير بقية أمم العالم
إنجيل متى إصحاح 5
24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 
باستثناء بعض النصوص التي ثبت دسها في الأناجيل لاحقا
هذا لو سلمنا ببعثة النبي محمد في أواخر القرن السادس الميلادي كما زعم التاريخ البشري الذي ثبت زيف السواد الأعظم منه في أكثر من مناسبة 
وبطبيعة الحال يبقى الهدف الرئيسي من هذه الدعاية التضليلية تبرئة ما يسمى بالكتاب المقدس من الإختلافات الموجودة بينه وبين القرآن ونسب الخطأ والإلتباس لهذا الأخير وكمثال الإختلاف في هوية هامان وحقبته الزمنية الذي زعمت نصوص العهد القديم عيشه في أرض بابل في زمن الملك أحشويروش
سفر أستير إصحاح 3
1  بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ عَظَّمَ الْمَلِكُ أَحْشَوِيرُوشُ هَامَانَ بْنَ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيَّ وَرَقَّاهُ وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ.
في مرحلة متأخرة عن هامان المصري
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ (39) سورة العنكبوت
وبالتالي فلا يمكن أن يكون الأمر بالنسبة لأحاديي الرؤية سوى إلتباس وخلط بين القصص عند اقتباس مؤلف القرآن من العهد القديم الذي ركز حسب زعمهم على عداوة هامان لليهود 
سفر أستير إصحاح 3
6  وَازْدُرِيَ فِي عَيْنَيْهِ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُرْدَخَايَ وَحْدَهُ لأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ عَنْ شَعْبِ مُرْدَخَايَ. فَطَلَبَ هَامَانُ أَنْ يُهْلِكَ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي كُلِّ مَمْلَكَةِ أَحْشَوِيرُوشَ شَعْبَ مُرْدَخَايَ. 
أكثر من تركيزه على البلاد والحقبة الزمنية التي عاش فيها لكن تبقى مشكلة هذه التهمة التي زعمت أيضا إلتباس القرآن ودمجه لقصة برج بابل القريبة من زمن طوفان نوح في العهد القديم مع قصة هامان البابلي
أنها أغفلت وجهة نظر القرآن الحقيقية التي لم تعتبر أصلا قوم موسى يهودا 
وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) سورة يونس
وهو ما يؤكده الغياب التام لتسمية اليهود في قصة النبي موسى رغم أخذها حيز كبير من القصص القرآني
مثلما أغفلت استحالة الربط بين هامان والبرج من خلال بلاد بابل التي يفترض أنها أغفلت في الإلتباس الأول المزعوم من طرف أصحاب هذه التهمة الذين ادعوا جهل كاتب القرآن بإنتماء هامان لبلاد بابل المعلومة قرآنيا
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ (102) سورة البقرة
والتي ليس من باب الصدفة أن تكون حسب نفس النص مصدر الوحي الشيطاني الذي اعتمده اليهود بدلا من التوراة الحقيقية عند بعثة النبي محمد المتجسد في ما يسمى بالعهد القديم الذي نشأ في بابل بالذات وقام بتكفير نبي الله سليمان الشيء الذي تم نفيه في النص القرآني السالف الذكر
سفر الملوك الأول إصحاح 11
 9 فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10 وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ.  
الذي لم يكتفي بنزع صفة التوراة عن ما يسمى بالعهد القديم بل وصفه بوحي الشياطين الذي كان هدفه بث الريبة والشك كما سبق التوضيح في مقالي
حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء
مفهوم المحكم والمتشابه
والذي قام القرآن بالرد على العديد من افتراءاته كزعمه بتعب الله عند خلق السماوات والأرض
سفر التكوين إصحاح 2
1 فَاكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالارْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2 وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3 وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لانَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقا.
 أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) سورة الأحقاق
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) سورة ق
وفي الحقيقة هناك عدة حالات مماثلة لم تسلط عليها الأضواء بشكل كبير كنسب القرآن لقصة جدعون في العهد القديم 
سفر القضاة إصحاح 7
4 وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيراً. انْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَكَ. وَكُلُّ مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا لاَ يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ لاَ يَذْهَبُ». 5 فَنَزَلَ بِالشَّعْبِ إِلَى الْمَاءِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «كُلُّ مَنْ يَلَغُ بِلِسَانِهِ مِنَ الْمَاءِ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ فَأَوْقِفْهُ وَحْدَهُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلشُّرْبِ». 6 وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ وَلَغُوا بِيَدِهِمْ إِلَى فَمِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةِ رَجُلٍ. وَأَمَّا بَاقِي الشَّعْبِ جَمِيعاً فَجَثُوا عَلَى رُكَبِهِمْ لِشُرْبِ الْمَاءِ. 7 فَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «بِالثَّلاَثِ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ وَلَغُوا أُخَلِّصُكُمْ وَأَدْفَعُ الْمِدْيَانِيِّينَ لِيَدِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الشَّعْبِ فَلْيَذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ».
لطالوت 
 فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ (251) سورة البقرة 
المعرف في العهد القديم بشاوول والذي عاش في حقبة زمنية متأخرة متزامنة مع شخصيتي داوود وجالوت المعرف بجليات في العهد القديم الذي روى القصة بصيغة مختلفة كليا
سفر صاموئيل الأول إصحاح 17
4 فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ اسْمُهُ جُلْيَاتُ, مِنْ جَتَّ, طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ, 10 وَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ: «أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هَذَا الْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلاً فَنَتَحَارَبَ مَعاً». 11 وَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلاَمَ الْفِلِسْطِينِيِّ هَذَا ارْتَاعُوا وَخَافُوا جِدّاً. 49 وَمَدَّ دَاوُدُ يَدَهُ إِلَى الْكِنْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ حَجَراً وَرَمَاهُ بِالْمِقْلاَعِ, وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ, فَانْغَزَرَ الْحَجَرُ فِي جِبْهَتِهِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 50 فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّ بِالْمِقْلاَعِ وَالْحَجَرِ, وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ.
ويبقى السبب في رأيي لعدم تركيز الإعلام المعادي للإسلام على مثل هذه الإختلافات هو عدم وجود أسباب مقنعة لتفسير إلتباس كاتب القرآن وخلطه بين الشخصيات لهذه الدرجة وأن ذلك سيفتح باب الشك والريبة في مصداقية ما يسمى بالعهد القديم ويقوي احتمالية إقتباس القرآن من مصادر ونسخ أخرى من التوراة والإنجيل عكس الإختلافات التي توحي للوهلة الأولى بإلتباس القرآن وخلطه بين الشخصيات كما هو الشأن بالنسبة لذكر القرآن لأخوة مريم العذراء للنبي هارون الذي يعد مادة دسمة للإعلام المنتقد لإسلام والقرآن
لكن في العديد من الأحيان تكون المظاهر خادعة وبقليل من التدبر سيتبين أن العكس هو الصحيح شريطة نزع نظرات التراث اليهودي المسيحي 
فلو كان الأمر مجرد خلط وجهل من  طرف كاتب القرآن الذي اختار أن يذكر بعض الشخصيات بالإسم ومن بينها هارون ومريم وتجاهل أسماء أخرى
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا (8) سورة يوسف
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) سورة القصص
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا (35) سورة آل عمران
لجاء النصين اللذان ذكرت فيهما أخت موسى  الكبرى في القرآن 
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ (40) سورة طه
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) سورة القصص
كالآتي
إِذْ تَمْشِي مَرْيَمُ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ (40) سورة طه
وَقَالَتْ لِمَرْيَمَ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) سورة القصص
أو لذكرت بالإسم في إحداهما على الأقل مثلما ذكر إسم هارون في كل من قصتي النبيان موسى 
وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي (142) سورة الأعراف
وعيسى
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) سورة مريم
ولجاء النص الأخير كالآتي
يَا أُخْتَ مُوسَى مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) سورة مريم
أو
يَا أُخْتَ مُوسَى وَهَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) سورة مريم
فلو كان الأمر مجرد اقتباس من العهد القديم الذي اعتبر مريم إبنت عمران أختا لكل من النبيان موسى وهارون معا لكان أولى ذكر أخوتها لموسى أكثر نبي ذكر في القرآن وأحد أهم الأنبياء على الإطلاق مما يدل على التمييز الواضح للقرآن بين أخت موسى الكبرى ومريم العذراء التي اعتبرها أخت هارون الصغرى الغير شقيقة من أبيهما عمران من أم لم ترزق قبلها ذكرا
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ (36) سورة مريم
والتي لا تربطها أية علاقة بموسى الأخ الأكبر الغير شقيق لهارون من الأم فقط
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي (94) سورة طه
قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي  (150) سورة الأعراف
ولمزيد من التفاصيل يمكن العودة لمقال
فكما نرى فإن القرآن له نظرته الخاصة والدقيقة لعائلة عمران والتي تختلف كليا عن ما جاء في العهدين القديم والجديد ليبقى السؤال الحقيقي من أي جاء القرآن بهذه النسب وهذه الرواية ؟ ومن خلط بين الشخصيات في حقيقية الأمر القرآن أو ما يسمى بالكتاب المقدس ؟
ويبقى أكبر دليل على عدم اقتباس القرآن مما يسمى بالكتاب المقدس الغياب الكلي لشخصية يشوع الناصري وسيرته المذكورة في الأناجيل المسيحية حيث يعد الإختلاف الشاسع بين مسيح القرآن ومسيح الأناجيل المسيحية صداع رأس بالنسبة لأصاحب تهمة اقتباس النبي محمد من كتب اليهود المسيحيين مما دفعهم إلى الترقيع والتخبط ومناقضة النفس بإتهام النبي محمد بإقتباس قصة عيسى بن مريم من الأناجيل المنحولة الذي يعد في حد ذاته اعتراف ضمني بوجود أناجيل مصدقة لما جاء في القرآن على الرغم من القرب الشديد لهذه الأخيرة من سيرة يشوع النصاري المذكورة في الأناجيل المسيحية الأربعة باستثناء بعض التفاصيل أكثر من قربها لمسيح القرآن الذي انفرد بإسم عيسى وانتساب العذراء لعائلة عمران ألخ وكمثال إتهامهم للقرآن بإقتباس قصة هز مريم لجذع النخلة 
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) سورة مريم
من أحد الأناجيل المنحولة المقتبسة بدورها من قصة ولادة بوذا في كتاب البوذيين
وفي ما يلي نص الإنجيل المنحول ليتضح مدى حجم التدليس والتضليل
كتاب مولد مريم وطفولة المخلص
حدث في اليوم الثالث من المسير تعبت مريم في الصحراء بسبب حرارة الشمس الشديدة جدا فقالت ليوسف : وقد رأت نخلة دعني أرتاح قليلا في ظل هذه النخلة فسارع يوسف إلى اقتيادها إلى جوار النخلة وأنزلها  عن دابتها وألقت مريم نظرها إلى رأس النخلة وقد جلست وإذا رأته ممتلئا ثمرا قالت ليوسف : أريد إن كان ذلك ممكنا في الحصول على بعض ثمار النخلة فقال لها يوسف : استغرب كيف يمكنك الكلام هكذا فأنت ترين كم سعف النخلة مرتفعا أما أنا فقلق جدا بسبب الماء لأن جلودنا جفت الآن وليس لنا شيئا لنشرب منه نحن وأبقارنا عندها قال الطفل يسوع الذي كان في ذراعي العذراء مريم أمه للنخلة : أيتها النخلة إحني أغصانك وأطعمي أمي من ثمارك فأحنت النخلة على الفور لصوته رأسها حتى قدمي مريم وجمعوا
المختلف في أغلب التفاصيل كطول النخلة وإنحاءها لمريم وبالأخص إضافة شخصية يوسف النجار خطيب مريم الوهمي الذي اخترعه المسيحيون لإيجاد نسب ليشوع في نسل النبي داوود كما سبق التوضيح في مقال
الهرطقة المسيحية
بالإضافة لولادة يشوع في مغارة عدة أيام قبل الحادثة حسب نفس الكتاب عكس القرآن الذي ربط إنجاب المسيح بنفس الحادثة التي أكد عزلة مريم أثناءها
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) سورة مريم
بل أن الرواية القرآنية أقرب للنص البوذي الذي تجاهل أصحاب هذه التهمة ذكره للحمامة السماوية رمز روح القدس في المسيحية وإسم مايا والدة بوذا القريب من إسم مريم
بعد عشرة أشهر، في يوم اكتمال القمر فيشاكا (مايو)، توجهت مايا في رحلة لزيارة والديها. في طريقها شاهدت بستان جميل من لومبيني. فخرجت فترة من الوقت لكسر السفر فبدأت بالتجول ثم جاءت تحت شجرة سال كبيرة. و ما إن وصلت هناك حتى شعرت بآلام الولادة. فأمسكت بأحد فروع شجرة السال فأنجبت الطفل Siddhattha عندما ولدت الطفل ويقال أن ديفاس الوصي أربعة (شاتور-Mahabrahmas) استقبلته في شبكة الذهبي، والحمامة السماوية من السماء تغسل له. حين ولدت، وبلغ الصبي على الفور على الأرض واستغرق سبع خطوات نحو الشمال وزمجر كالأسد لينطق - "أنا سيد العالم".
أكثر من قربها للنص المسيحي المنحول والملاحظ أيضا أن النص البوذي لم يشر قط إلى إنحناء الشجرة كما زعم المدلسون مما يثبت عدم اقتباس القرآن من النص المنحول بل أن كلاهما كرر نفس القصة من مصدر ثالث بصيغتين مختلفتين ليبقى السؤال المطروح من الأقرب للواقع والمنطق أن يقتبس كل من القرآن وبعض الطوائف المسيحية المبكرة في فترتين زمنيتين مختلفتين حسب التاريخ الذي يؤمن به أصحاب الشبهة نفس النص من البوذية البعيدة عنهما مكانيا وزمانيا وحتى لغويا أو أن هذه الأخيرة هي من اقتبست القصة من إنجيل المسيح عيسى حفيد عمران الأقدم زمانيا من بوذا قبل أن يقتبس المسيحيون لاحقا نفس القصة وينزل القرآن مصدقا لها ؟
على العموم هذه فقط بعض الأمثلة تعطي نظرة مغايرة لما يروج له إعلام العين الواحدة الذي يسعى لإلغاء جميع الفرضيات والإحتمالات التي يفرضها مبدأ الحياد ليجبر الناس على التسليم بالحقيقية التي يريد رغم بعدها الشديد عن واقع الأشياء