بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حتى وقت قريب كان أغلب المتدينين يؤمنون بفكرة عيش الإنسان البدائي لمئات السنين استنادا على نصوص صريحة لا تقبل الجدل في مختلف المصادر الدينية
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (14) سورة العنْكبوت
سفر التكوين إصحاح 9
28 وَعَاشَ نُوحٌ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. 29 فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ نُوحٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمَاتَ.
حتى ظهور التيار التنويري في العقود والسنوات القليلة الماضية الداعي لمراجعة كل صغيرة وكبيرة في كتاب الله بما في ذلك أعمار الأولين ذات الطابع الخرافي (من منظور البعض) ليخرجوا بفكرة لم تكن في الحسبان تزعم اختلاف دلالة السنة في زمن النبي نوح عن مفهومها المتداول في زمننا المعاصر
الفكرة التي لقيت بالترحيب والإعجاب حتى من الفئة المنفتحة من أهل الموروث
وبالأخص عندما يلاحظ عدم ذكر عمر نوح في القرآن كآية ربانية تميزه عن باقي البشر المعاصرين كما هو الشأن مع ناقة ثمود مثلا
وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) سورة الإسراء
بل على العكس فقد كانوا يرونه مجرد بشر عادي لا يتميز عنهم بشيء
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً (24) سورة المؤمنون
على خلاف لو كان شخصا معمرا لا يدركه الهرم مقارنة بأعمارهم الموجزة حينها كانوا سيعتبرونه إلها أو ملك وليس مجرد رسول من البشر...وهو ما يوحي بمطابقة عمر نوح لمن عاصره من الناس...لنجد أنفسنا أمام أحد الاحتمالين إما أن تكون فرضية طول أعمار الأولين صحيحة أو أن يكون مفهوم السنة هو من تغير مع مرور الزمن
طبعا الجانب العقلاني أو بالأحرى (ما نعتبره عقلانيا) يدفعنا لتسليم بالفرضية الثانية...لكن في نفس الوقت لا يمكن تجاهل المعطيات القرآنية التي توحي بالعكس وتطرح أكثر من علامة استفهام ؟ والتي قبل التطرق إليها أود التوقف عند معطى بالغ الأهمية يغفل عنه أغلب الباحثون في الموضوع وهو قصر عمر الإنسان في العصور القديمة مقارنة بزمننا الحالي حسب نفس المعطيات العلمية والتاريخية التي يستندون عليها...وأن معدل عمر البشر في الحقبة الزمنية القريبة نسبيا من زمن الطوفان لم يكن يتجاوز الأربعين عاما
وبالتالي حتى لو انطلقنا من فرضية دلالة السنة في قصة نوح على الدورة القمرية الواحدة فستصير مدة لبوت نوح في قومه لوحدها
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (14) سورة العنْكبوت
أكثر من 80 ألف عام أي أكثر من ضعف معدل العمر في زمانه...وإذا أضفنا عليها الخمسين عام التي تم استثناءها وتقديرها لما بعد الطوفان (لعدم منطقية استثناء 50 من 80 عام بدل ذكر 30 مباشرة) فسيصير عمر نوح المفترض على الأقل 130 عام وهو ما يفوق بعقدين من الزمن أقصى عمر بلغه جنس الذكور (الأقصر من الإناث) في زمننا المعاصر التي بلغ فيه أقصى معدلات أمل الحياة مقارنة بالعصور السابقة
وبالتالي كان يجب أن يبدو عمر نوح بالنسبة لقومه قبيل الطوفان عند بقائه بصحة جيدة ووفاة الغالبية الساحقة ممن عاصروا بداية دعوته
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) سورة نوح
أمرا غير اعتيادي وآية بينة على صدق رسالته
فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً (24) سورة المؤمنون
وهو ما يدعو على الأقل إلى عدم إغلاق الباب أمام فرضية طول الأعمار وأخذها مأخذ الجد وإعادة دراسة النصوص المرتبطة بالموضوع بتجرد تام من تأثير الفكر المسبق الهدام للجوانب الغائبة عن إدراك وعلم الإنسان.....حينها ستبدو لنا أكثر من إشارة صارخة لا توحي فحسب بطول أعمار البشر قبل الطوفان بل حتى في المجتمع المخاطب في نصوص القرآن.....الذي زعم التاريخ البديل تنزيله قبل 14 قرن فقط رغم إشارة كل شيء في نصوصه إلى عودته إلى العصور الغابرة والغير موثقة تاريخيا كما سبق التفصيل في مقال
فتعالوا نعيد قراءة النصوص القرآنية بتجرد تام من أية قناعة مسبقة كأننا ندرسها لأول مرة لنرى هل تتماشى مع تصورنا عن عمر الإنسان البدائي أم سنكتشف حقيقة صادمة لم تكن في الحسبان ! نصوص قرأناها عشرات المرات ولمسنا إشكالياتها...وكنا نبحث دائما عن تفاسير تتماشى مع قناعتنا المترسخة....وكمثال بسيط وأوضح من الشمس تحديد القرآن لعمر الشدة في سن الأربعين !!!
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (15) سورة الأَحقاف
والذي زعم المفسرون الأوائل دلالته على مرحلة اكتمال النضج
وهو ما دفع مخترعي السيرة إلى الزعم ببعثة الرسل في نفس العمر
ولأننا أمة برمجة منذ قرون على عدم تدبر ودراسة القرآن إلا من خلال مفاهيم السلف فقد سلمنا بالأمر رغم مخالفته الواضحة لنصوص القرآن التي ربطت مصطلح الشدة بعمر النكاح (الزواج)
وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا (6) سورة النساء
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ (34) سورة الإسراء
المتزامن مع الاستواء بمعنى اكتمال طول الإنسان
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (14) سورة القصص
الذي يكون في الغالب في سن 18-20 لدى الذكور وما بين 14-16 لدى الإناث بالنسبة للبشر المعاصر (إن جاز الوصف) وهو ما يضعنا أمام احتمالين لا ثالث لهما إما أن يكون الحديث عن أحد التقويمات القديمة التي كانت تقدر فيها السنة بستة دورات قمرية كما سبق الاقتراح في مقال
أم أننا ببساطة أمام فصيلة بشرية قديمة كانت تنمو بوثيرة أبطأ وتعيش لمدة أطول قبل أن يتناقص العمر تدريجيا مع مرور الزمن والاختلاط بباقي الأجناس البشرية الأقصر عمرا كما يتجلى بوضوح في الذكر الصريح لطول تعمير الأمم السابقة مقارنة بالمخاطبين في نصوص القرآن
وَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا (9) سورة الروم
والذي تم تفسيره بتعمير الأرض بالمنشآت والمباني
المفهوم الذي لا أساس له في كتاب الله الذي اقتصر فيه فعل عمر ومشتقاته على مفهوم اللبوث لمدة طويلة سواء تعلق الأمر باللبوث في الحياة الدنيا
أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ (37) سورة فاطر
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) سورة المؤمنون
أو اللبوث مع قوم ما
فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) سورة يونس
أو اللبوث في مكان ما كمسجد الله الحرام
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (18) أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (19) سورة التوبة
وهو ما يحصر مصطلح التعمير في المفهوم الزماني ويثبت طول عمر الأمم السابقة.....وكلما قمنا بمراجعة النصوص وإعادة طرح الأسئلة على ضوء المستجدات كلما بدت لنا متماشية مع نفس الطرح...كما هو الشأن مع حالة الشخص الذي بعث من موته بعد قرن من الزمن
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ (259) سورة البقرة
الذي لا يمكنه أن يكون آية للناس
قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ (259) سورة البقرة
في غياب التوثيق المرئي (الصور والفيديوهات) وشهود العيان الذين يفترض موت غالبيتهم الساحقة وبلوغ الاستثناءات النادرة مرحلة الهرم التي لا تسمح بالشهادة...على خلاف لو كان الحديث عن مجتمع معمر كانت تبدو فيه مئة عام كعقد من الزمن....حينها سيشهد العديد من المقربين من المعني بالأمر على بعثته الفعلية من الموت وبقائه على نفس الهيئة.....ونفس الحالة تنطبق على فتية الكهف
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) سورة الكهف
على افتراض لبوثهم لمدة ثلاثة قرون وأن القصد ليس عدد الأشخاص الذين لبثوا في الكهف
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) سورة الكهف
وهو ما سيغير نظرتنا إلى العديد من النصوص ويسلط الضوء على احتمالات كانت مستبعدة كليا تحمل في طياتها التفسير المنطقي لبعض الظواهر المثيرة للجدل كمسألة التعميم ومحاسبة الأبناء بذنوب الآباء المخالف لأحد أبرز المبادئ القرآنية
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) سورة المدثر
وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (164) سورة الأَنعام
والتي تم لم تفت أعداء ومنتقدي الإسلام المتربصين بكل صغيرة وكبيرة
والتي كنا نقنع النفس عند تدبرها بأن سبب التعميم هو سير الأبناء على نفس درب الآباء في الكفر
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا (104) سورة المائدة
لكن ماذا لو كان الخطاب بالفعل موجه لنفس الأفراد المعمرين من زمن الأحداث المذكورة ؟ ماذا لو كانت الطائفة المعرفة ببني إسرائيل قد كانت حاضرة بالفعل منذ زمن موسى وفرعون وكانت ضمن العابرين للبحر المفروق والعابدين للعجل !
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) سورة البقرة
فكرة أغرب من الخيال لكن لا يمكن تجاهل النصوص التي حتى لو اعتبرناها مجرد سرد لتاريخ بني إسرائيل بتسلسل زمني....فكيف يمكن تفسير عودتها للتذكير مرة أخرى بعبادة المخاطبين للعجل وعدم حفظهم لوصايا الكتاب في حادثة رفع الطور
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) سورة البقرة
في إطار الحديث عن كفرهم بالقرآن عند الانتقال للحديث عن مرحلة النبي محمد ؟
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ (93) سورة البقرة
ألم يأمر الرسول محمد هنا بمخاطبة نفس من أشربوا في قلوبهم العجل ؟
وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) سورة البقرة
هل من باب الصدفة أن يذكر مباشرة في النصوص الموالية تمني أحدهم تعمير ألف سنة ؟؟؟
قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) سورة البقرة
أم أنها إشارة صريحة إلى أقصى عمر يكون بلوغه في جيله المعاصر...مثلما يتمنى أغلب الناس بلوغ مئة عام في زمننا الحالي ؟ ونفس الملاحظة في سياق سورة عمران الذي أمر فيه الرسول بتبشير قتلة الأنبياء بشكل مباشر وصريح !
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) سورة آل عمران
فالمعطيات القرآنية توحي بمخاطبة الرحمن في رسالته الخاتمة لنفس الطائفة المنتمية في الأصل لقوم موسى التي عاصرت مختلف أنبياء بني إسرائيل من بعده وساهمت في قتل فئة منهم
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) سورة البقرة
وكانت في صراع وجدال مع خاتم النبيين
لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) سورة آل عمران
قد يقول قائل أنه مجرد احتمال لا يمكن أن نبني عليه دعوى بمثل هذا العظم وقد يكون الأمر مجرد أسلوب في لسان قوم الرسول
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) سورة الحاقة
الذي التزم به في القرآن
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4) سورة إبراهيم
لكن الأمور ستصير أكثر جدية وستتجلى بشكل أوضح عند الانتقال إلى النصوص المخاطبة لقوم الرسول الأميين التي ذكرت المخاطبين المعاصرين لتنزيل القرآن بشكل منفصل عن الآباء (الأسلاف المتوفون)
إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) سورة الدخان
والتي قبل الخوض فيها أود التوقف عند أحد النقاط البالغة الأهمية والتذكير بأحد أبرز القواعد القرآنية التي سبق التطرق إليها في أكثر من مناسبة
حتى لا يكون هناك لبس وإشكال في فهم الآتي...وأن لا يتم التعميم والخلط بين الطوائف المنتمية لنفس القوم والتوهم بتناقض القرآن...وعدم اعتبار حديث أو خطاب الرحمن لفئة من القوم أو الجنس
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) سورة الأَنعام
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) سورة آل عمران
الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ (97) سورة التوبة
خطابا شاملا بالضرورة لجميع الأفراد بدون استثناء
فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ (47) سورة العنْكبوت
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ (199) سورة آل عمران
وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ (99) سورة التوبة
وحتى لا تأخذ النصوص التي تخبر بأمية قوم الرسول المطلقة وجهلهم التام بعلم الكتب السماوية
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) سورة سبأ
بشكل مطلق لا يستثني أحدا من القوم الذين سنصطدم بقولهم أو بالأحرى بقول فئة منهم بأنهم وعدوا في الماضي بنفس ما جاء في القرآن !
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) سورة النمل
قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) سورة المؤمنون
والذي وصفوه بأساطير الأولين (كتب الأولين) ؟؟؟
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) سورة الشعراء
ليبقى السؤال المحير متى وعدوا هذا الوعد قبل القرآن ومن وعدهم وفي أي كتاب !!! وهنا لا مجال لنفي الأمر عن الأبناء وحصره في الآباء الذين ذكروا بشكل منفصل في نفس الجملة
لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ (68) سورة النمل
لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ (83) سورة المؤمنون
ألا يعد هذا القول شهادة صريحة على معاصرة فئة من المخاطبين في القرآن لأحد الأنبياء السابقين ؟ على خلاف بقية القوم الغافلين الذين ولدوا في مرحلة متأخرة لم تسمح لهم بالاطلاع على ما أنذر به آباؤهم من كتاب
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) سورة يس
الذي سبق التوضيح في العديد من المناسبات أنه كتاب موسى
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا (12) سورة الأَحقاف
لتتضح الصورة أخيرا بخصوص هوية المخاطبين في نص سورة الأنعام الذين كانوا يخفون كتاب موسى عن العامة الغافلة...وأنهم لم يكونوا مجرد كهنة ورثوا الكتاب عن آبائهم بل أفراد احتفظوا بكتاب موسى منذ زمانه مع وضع سطر كبير تحت عبارة الكتاب الذي جاء به موسى
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا (91) سورة الأَنعام
التي اختيرت خصيصا في هذا السياق بدل مصطلح كتاب موسى الوارد في باقي النصوص للإشارة إلى تلقيهم الكتاب بشكل مباشر من كليم الله
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) سورة البقرة
ومرة أخرى تتكرر عبارة أنتم وآباءكم للدلالة على نفس الطائفة المطلعة على كل من كتاب موسى
قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) سورة الأَنعام
والتي تكررت في أكثر من موضع قرآني للإشارة إلى تمتيع نفس الفئة متاعا سابقا لبعثة محمد ونزول الرسالة الخاتمة
بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) سورة الزخرف
طال عليهم العمر خلاله
بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ (44) سورة الأنبياء
حتى نسوا ما ذكروا به في الماضي البعيد
وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) سورة الفرقان
وهو ما يتجلى بوضوح في سياق سورة القصص الذي قام فيه الرحمن بتذكير الفئة المعمرة من زمن النبي موسى بما أنزل عليهم من كتاب في الماضي
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) سورة القصص
لمن قيل لعلهم يتذكرون لأناس هلكوا منذ مئات السنين أم للمخاطبين في نصوص القرآن الذين ظلوا فيه شك من كتاب موسى حتى لحظة تنزيل القرآن ؟
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) سورة هود
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) سورة فصلت
الذين تخبر عنهم النصوص بعد التأكيد على عدم شاهدة محمد على بعثة موسى حتى يروي لهم تفاصيلها المعلومة لديهم....أن تطاول أعمارهم وسط القرون (الأقوام) المختلفة التي نشأت في المنطقة بعقائد جديدة بعد موسى دفعهم إلى نسيان الذكر
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ (45) سورة القصص
ثم انتقل للحديث عن آخر هذه الأقوام بصفة عامة والذين لا علاقة لأغلبهم بنبي الله موسى
وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) سورة القصص
قبل العودة لتخصيص الخطاب مرة أخرى للفئة المعمرة بتذكيرهم بكفرهم السابق بكتاب موسى الذي طالبوا بنفس آياته المادية
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) سورة القصص
لنجد أنفسنا أمام طائفتين معمرتين من زمن موسى الطائفة التي ظلت منصهرة في المجتمع الإسرائيلي الأم والمعرفة بتسمية بني إسرائيل والتي نقضت عهد وميثاق الله معها عند حادثة رفع الطور
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا (93) سورة البقرة
بمساهمتها في تحريف التوراة إضلال الناس ومحاربة الأنبياء
وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70) سورة المائدة
لا تزال تطلع على خائنة منهم أي الفئة التي بقيت على قيد الحياة ممن خانوا ميثاق الله
أما الفئة الثانية فقد انسلخت من المجتمع الإسرائيل الكتابي منذ زمن النبي موسى أو قريبا منه....وأنشأت عقيدة جديدة قائمة على تأنيث وعبادة الملائكة
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) سورة النجم
وسنلمس نفس الظاهرة في حقبة موسى نفسه وهذه المرة في الطرف المقابل لبني إسرائيل عندما تمت الإشارة في سياق سورة الزخرف إلى تعمير فئة من آل فرعون من زمن النبي يوسف على لسان أحد أفرادهم
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) سورة غافر
النص الذي سبق اعتماده للإثبات إيجاز المدة بين النبيان يوسف وموسى ونفي فكرة انتماء يوسف وإخوته لبني إسرائيل
لكن في ظل المعطيات الجديدة فلا يمكن الجزم بشيء وبالأخص عندما نلاحظ بقاء النبي زكريا المنتمي لآل يعقوب (عائلة يعقوب) على قيد الحياة حتى زمن مريم أم المسيح
وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا (37) سورة آل عمران
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) سورة مريم
فهل يعقل أن تكون كل هذه المعطيات مجرد صدف ؟ أم أنها مفاتيح موضوعة بعناية لكشف أحد أكبر أسرار التاريخ البشري الذي طمس منه جزء كبير ؟ ولنسأل أنفسنا عن السبب الذي دفع الغالبية الساحقة من الأقوام المعاصرة للأنبياء إلى إنكار القيامة والبعث
بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) سورة المؤمنون
والتشبث بالحياة الدنيا
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) سورة الأَعلى
في مجتمع يفترض عدم تجاوزه غالبيته الثلاثين عام ؟ ما الذي تغير في الأجيال اللاحقة حتى أصبحت تتبنى فكرة الحياة بعد الموت والحساب رغم وثنيتها ؟
فهل كان الأمر نتاج تطور وعي الإنسان أم تغير في نظرته للأشياء مع تغير مدة تعميره في الأرض ؟ بطبيعة لن ينظر لحياة موجزة لا تتجاوز أربعين سنة في أحسن الأحوال بنفس النظرة إلى تعمير مئات السنين بصحة جيدة تغري بنسيان الله
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) سورة الحشر
وإنكار فكرة الحساب
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا (51) سورة الأَعراف
وجعل الدنيا جنة الإنسان الوحيدة
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) سورة النجم
هل ينطبق هذا القول
أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) سورة فاطر
على مجتمع لا تتجاوز فيه القلة القليلة التي بلغت سن الرشد سنوات معدودة ؟ أم على مجتمعات عمرت لعقود وقرون طويلة عاصرت فيها أكثر من نبي شاهد على دين الله الحق ؟ لتأخذ النصوص التي كنا لا نشك ولو للحظة في مجازيتها معناها الحرفي الخالص ويتبين معاصرة فئة من الرسل السابقين لحقبة تنزيل القرآن أولا بطلبهم شخصيا بنصرة النبي الخاتم عند قدومه !
وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) سورة آل عمران
وبالأخص في طلب النبي الخاتم بسؤالهم شخصيا !!!
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45) سورة الزخرف
والذي تمت الإشارة إلى تعميره بدوره لمدة ليست بالهينة قبل نزول القرآن
قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) سورة يونس
والتي يوحي حساب عدد الكلمات من بداية السورة إلى كلمة عمرا (300 كلمة) بعيشه 3 قرون قبل نزول القرآن ! وهو ما سيغير نظرتنا ليس فقط لتاريخ الأنبياء بل لتاريخ الجنس البشري عامة الذي عرف جزء منه في وقت من الأوقات طفرة كبيرة في الأعمار تجليها بوضوح حالة إسرائيل المعمر من زمن الطوفان إلى حقبة المسيح تقريبا.....التي تم توثيقتها قرآنيا بمجموعة من الأدلة العددية التي لا تقبل الجدل كما سبق التبيان بأدق التفاصيل في مقال
والتي من المستبعد أن تكون طفرة ضخمة ومنفردة لشخص وحيد عاش مئات إلى آلاف السنين في مجتمع لا يتجاوز أغلب أفراده الأربعين بل الأقرب أنها كانت طفرة نسبية مقارنة بمن عاصره....نستطيع تشبيهها بحالة من بلغ 200 عام في زماننا المعاصر الذي من الطبيعي أن يلقب بعمران (طويل العمر) عند تجاوزه 150 مثلا
إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) سورة آل عمران
تناقلتها الأجيال الأولى من ذريته بدرجة أقل والتي لا غرابة أن يعمر جزء منها مئات السنين ويعاصر عشرات الأنبياء
لنصل إلى بيت القصيد والسؤال الأهم وهو ما سبب هذه الطفرة الجماعية التي حولت مخلوق بدائي لا يتجاوز عمره الأربعين أو أقل إلى جنس فريد يعيش لقرون طويلة على خلاف أشباهه سواء من البشر أو من الفصائل القريبة جينيا ؟ في الحقيقة لا يوجد نبأ يقين لكن يمكن استنتاج الحقيقة في مثل هذه الحالات من خلال ما نتوفر عليه من معطيات قرآنية....وبما أننا نتحدث عن ظاهرة سابقة لزمن الطوفان فمن الطبيعي أن نقلص مجال البحث في الأجيال الأولى لبني آدم ولما لا جيل آدم نفسه الذي عرف نقلة نوعية أولا من خلال عملية نفخ الروح
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) سورة ص
ثانيا بالانتقال للعيش في بيئة خاصة مجهولة المكان إلى يومنا هذا
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا (35) سورة البقرة
فما الذي حدث يا ترى ليتحول آدم ونسله إلى مخلوقات فريدة معمرة لمئات السنين ؟ هل هي نفخة الروح أم طبيعة وثمار الجنة ؟ أم أن هناك معطى آخر لم يكن في الحسبان ؟ ماذا لو كان السر في ما وصفه إبليس بشجرة الخلد ؟ فكما سبق التوضيح في مقال
فإن مسألة إقناع إبليس لآدم بالأكل من الشجرة لم تكن نتاج وسوسة عابرة في لحظة معينة دفعت آدم إلى نسيان عهده مع الله
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) سورة طه
والاستجابة للعدو الذي تم تحذيره من مخططه
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) سورة طه
بمجرد دعوته بناء على وعود وادعاءات بدون دليل...بل كانت نتيجة خطة محبكة نجح من خلالها في إقناع آدم بالأكل من الشجرة وتصديق كذبته بأنها بالفعل شجرة الخلد
وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلِكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) سورة الأَعراف
وهو ما استلزم تقديم أدلة خادعة أوحت لعبد بدرجة صلاح وتقوى آدم بصدق إبليس وكذب الله وحشاه....وخلافا للاعتقاد الشائع بوقوع أحداث القصة في ظرف وجيز بسبب الجهل بأسلوب القرآن الذي تطرق في أكثر من موضع لأحداث تفصلها عشرات أو ربما مئات السنين كما هو الشأن على سبيل المثال بين هجرة النبي إبراهيم من قومه في سن الشباب
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) سورة الأنبياء
و البشرى بإسحاق التي حدثت في شيخوخته عقود طويلة بعد ذلك إن لم تكن مئات السنين
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) سورة هود
بتسلسل يوحي بحدوثها في نفس الفترة تقريبا
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) سورة الصافات
فإن الأمر قد يكون تطلب سنوات بين دعوة إبليس
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) سورة طه
واستجابة آدم
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ (22) سورة طه
قام خلالها إبليس بمجموعة من التجارب على فصائل معينة من الحيوانات (في الغالب التي ليس لها شعر لأسباب مذكورة في المقال المخصص) والتي تباطأت وثيرة شيخوختها بشكل كبير عند الأكل من ثمار الشجرة وهو ما أوهم آدم ومن معه بصدق دعوى الشيطان الكاذبة
وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) سورة الأَعراف
لا ندري هل كانت هذه الشجرة من صنع الشيطان أم أن كانت مهيئة للإنسان في مرحلة مستقبلية من تطوره الشيء الأكيد أن استعجاله الأكل منها وجهله بالآثار الجانبية أدت به إلى ترك نعمة جنة والاضطرار إلى العودة إلى أرض الشقاء والصراع دون نيل الخلود المزعوم
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) سورة الأنبياء
فنتج عن ذلك فصيل بشري امتاز بخاصية طول العمر التي تناقصت بالتدريج مع مرور الزمن والاختلاط بباقي الأجناس...صحيح أنها تبقى مجرد فرضية تستلزم المزيد من الأدلة لكنها تعطي تفسير منطقي لظاهرة طول الأعمار الملموسة بوضوح في مختلف النصوص القرآنية...وتبقى خطوة أولى للبحث في أحد المسائل المستبعدة كليا في الأوساط العلمية والتي تم حفظ ذكرها بالإضافة إلى عدد من الحقائق المغيبة في التاريخ البشري المتعارف بفضل كتاب الله المبين
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم
تعليقات
إرسال تعليق