سبب كثرة الاختلاف في فهم القرآن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


يتساءل العديد من الناس وبالأخص الغير مؤمنين منهم لماذا نجد كل هذا الاختلاف والتناقض في تفسير نصوص القرآن الذي يستلزم أن يكون كتاب مبين لجميع الناس
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) سورة الحجر
لماذا لم يتفق المفسرون الأوائل على نفس المفاهيم للنصوص القرآنية ؟ ولماذا لم يزد الباحثون الجدد الطين إلا بلة بانفراد كل واحد منهم بمفاهيمه الخاصة من دون الغير ؟ هل عجز الله عن تنزيل كتاب يفهمه الجميع كما يروج المشككون أم أن الخلل في الإنسان الذي لا يريد فهم كلام الله بقدر ما يسعى لفرض أفكاره المسبقة ونظرته الخاصة على كلام الله
عندما ينظر الإنسان البسيط إلى الكم الهائل من الاختلافات التي من حوله في فهم كتاب الله فإنه بالتأكيد سيتيه ويجد صعوبة كبيرة في تمييز الرشد من الخطأ في ظل حرص كل مدرسة على عرض قراءاتها للنصوص في إطار معايير معينة توحي بصحتها وحجيتها في أعين المتلقي الذي من حقه التساؤل عن مكمن الخلل والسبيل إلى القراءة السليمة لكتاب الله...لذلك وجب تغيير السياسة والتطرق للمشكل من زاوية جديدة وعدم الاكتفاء بعرض وجهات النظر والقراءات الخاصة دون توضيح النهج السليم لتدبر كتاب الله وأخطاء وثغرات باقي المناهج المخالفة والتي يمكن اختزالها في مدرستين رئيستين مدرسة الموروث التي أنتجت ما نحن عليه من اختلاف وتفرق ومدرسة الإصلاح التي بدل أن تعيد قراءة النص القرآني من الألف إلى الياء بتجرد تام عن موروث الآباء حاولت تصحيح الوضع بالتعامل ما أنتجه الموروث البشري المنسوب للدين الإسلامي من شبهات وأحكام جائرة كمشاكل منفردة وجب حلها دون الالتفات إلى جميع الجوانب التي لا تقل أهمية والتي يرى فيها بعضهم مجرد مصادر فتنة مما يدفعهم في بعض الحالات إلى نصرة نفس موروث الآباء على حساب الحقيقة القرآنية
لكن ما يغفل عنه هؤلاء أن النص القرآني عبارة عن بنيان مرصوص إن تم استبدال بعض لبناته الأصلية فسيختل التوازن ويطال الخلل جزء كبير من البنيان وهذا ما يحدث بالضبط عندما يتم التخلي عن السياق الأصلي للقرآن واستبداله بسياق مزيف تمت فبركته بعد مئات السنين والذي أنتج مجموعة من المغالطات التي تحولت مع مرور الزمن إلى مسلمات تقف حاجزا منيعا أمام تبيان أوضح وأبسط الحقائق القرآنية ابتداء من لغة القرآن نفسها
عدم احترام لغة القرآن
مما لا شك فيه أن المفتاح الرئيسي لفهم أي نص على وجه الأرض هو إتقان اللغة الأصلية التي كتب بها وما دام الناس لا يتقنون لغة القرآن بشكل مطلق ويشعرون باحتوائه على لغتين مختلفتين إحداهما مبهمة
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) سورة العاديات
فلن يصلوا لفهم موحد ولو اعتمدوا على جميع معاجم الدنيا
تعريف و معنى دلوك في معجم المعاني الجامع
دلوك الشّمس : ميلها للغُروب وهو من الزَّوال إلى الغُروب ، الإسراْء آية 78 أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمْس (قرآن)
التي ستعود بهم فقط إلى أصل الداء وفهم المفسرين الأوائل للكلمات القرآنية
تفسير بن كثير
{ أقم الصلاة لدلوك الشمس } قيل : لغروبها قاله ابن مسعود ومجاهد وابن زيد ، وقال ابن عباس: دلوكها زوالها رواه نافع عن ابن عمر، وبه قال الحسن والضحاك وقتادة وهو الأظهر
التي أثبت التجربة اختلافه وسوء تعريفه للكلمات القرآنية في العديد من المواضع ومع ذلك يصر البعض على اعتمادها كمرجعية واتخاذها حجة حتى عندما يتبين لهم مخالفتها لمعاني الكلمات القرآنية الأصلية في النصوص والسبب اعتمادهم على التاريخ المذهبي المزيف الذي أوهمهم بأن لغة المعاجم أو ما يسمى بلسان العرب هي نفس لغة مجتمع البعثة المحمدية وأن القرآن قد نزل بالفعل بلغة هجينة تحتوي على مفردات كانت تستعصي حتى على الخبير اللغوي للقوم
تفسير بن كثير
{ إلا من غسلين } وقال ابن عباس: ما أدري ما الغسلين؟ ولكني أظنه الزقوم 
رغم تأكيد القرآن على العكس
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4) سورة إِبراهيم
لكن الأمور لم تتوقف عند الاختلاف في معاني الكلمات المبهمة في لغتنا الحالية بل امتدت حتى للبديهيات اللغوية وهنا تكمن المعضلة لصعوبة إقناع العامة باختلاف معاني المصطلحات التي ترسخت في وجدانهم منذ نعومة أظافرهم وأصبحت جزء لا يتجزأ من لغتهم عن معانيها الأصلية في كتاب الله فعندما تخبرهم مثلا أن الرجم في لغة القرآن لا يعني الرمي بالحجارة أو أن الزنا لا يعني العلاقات الجنسية خارج إطار عقد الزواج فكمن يقول لهم أن الرجم لا يعني الرجم وأن الزنا لا يعني الزنا...لجهلهم بحقيقية تغير اصطلاحات العديد من الكلمات عن معناها الأصلي في الكتاب 
رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) سورة الحجر
وكمثال أوضح من الشمس لفظ الكعب الذي كان يطلق في لغة القرآن الأصلية على الأجسام النصف كروية ككعب الرجل
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (6) سورة المائدة
أو الشكل الأصلي لبيت الله الحرام
جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ (97) سورة المائدة
الذي استلهمت منه أشكال أقدم المساجد
لكن عند بناء بيت جنوب الحجاز
تغير اصطلاح لفظ الكعبة ومشتقاتها وأصبح يطلق على الشكل الهندسي للبيت الحالي
المصطلح الذي لم يكن له وجود في زمن البعثة ونفس الملاحظة بالنسبة لتعريف الشكل الدقيق للقمر بالهلال
الذي نشأ من فهم وتعريف السلف لكلمة أهلة
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (189) سورة البقرة
{ يسألونك } يا محمد { عن الأهلة } جمع هلال لمَ تبدو دقيقة ثم تزيد حتى تمتلئ نورا ثم تعود كما بدت ولا تكون على حالة واحدة كالشمس
والذي لا يمثل الحقيقة بالضرورة
 والأمثلة كثيرة على هذه الظاهرة ولنا في أسماء الحيوانات المستوحاة من نصوص القرآن خير مثال وشاهد
بعض التساؤلات بخصوص أسماء الحيوانات المذكورة في القرآن
فلا غرابة إذن أن يطال التحريف حتى القواعد اللغوية بعد أن تم فرض قواعد وخصائص لا تمت بصلة للغة القرآن
عدم احترام خصائص لغة القرآن
مما لا شك فيه أن لكل لغة خصائصها التي تميزها عن باقي اللغات ولغة القرآن لا تخرج عن القاعدة وبطبيعة الحال إن لم يكن هناك إلمام تام بهذه الخصائص فيستعصى فهم جزء كبير منها بل قد يؤدي ذلك إلى فهم النصوص بشكل مخالف ومعكوس
فلنأخذ على سبيل المثال قول
نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) سورة الواقعة
فأول ما يتبادر إلى الأدهان هنا هو عدم تصديق كفار البعثة المخاطبين في نصوص القرآن لخلق الله للإنسان الفهم الذي قد يطرح إشكالا ويوحي للوهلة الأولى بتناقض القرآن عند الاصطدام بالتأكيد على العكس وإيمان واعتراف الكفار بخلق الله لهم في نصوص أخرى
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) سورة الزخرف
والسبب الجهل بأسلوب الحذف الحاضر بقوة في مختلف نصوص القرآن بهدف الاختصار وتجنب الزيادة والإطالة بتجنب ذكر وتكرار
نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
ما هو معلوم وبديهي بالنسبة للمخاطبين في نصوص القرآن
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) سورة المعارج
وبالأخص عندما يرد القول في سياق مرتبط بالموضوع
هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) سورة الواقعة
كون مسألة خلق الله للأشياء لم تكن أصلا عرضة للجدال والتكذيب
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) سورة لقمان
بل كانت تذكرة لمن يؤمنون بها على قدرة الله على تكرار نفس الخلق
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) سورة الأَحقاف
أحد الاختلافات الجوهرية بين رسالة القرآن ومعتقد مشركي البعثة
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) سورة سبأ
والنصوص القرآنية مليئة بهذا الأسلوب
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ (10) سورة الممتحنة
المبرر
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى إِنَّمَا النَّجْوَى بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ مِنَ الشَّيْطَانِ
وللأسف نلاحظ تركيز كبير من طرف منتقدي الإسلام على جهل الناس بأسلوب الحذف بهدف التدليس والتضليل كالزعم بأمر الله بالفسق في قول
وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) سورة الإسراء
طبعا هنا لم يذكر بماذا أمر الله مترفي أهل القرى لكن المطلع على بقية سياقات كتاب الله
قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) سورة الأَعراف 
إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ (90) سورة النحل
سيدرك أن المعنى المقصود هو
وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ الخ فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا
بمعنى أنهم قاموا بعكس ما أمروا به وهو ما يقلب المعنى رأسا على عقب
نفس الشيء بالنسبة لقول
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38) سورة القصص
الذي يدعي المغالطين تناقضه مع ذكر القرآن لوجود آلهة أخرى في ملة آل فرعون على لسان قومه
وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ (127) سورة الأَعراف
لكن المطلع على السياق الكامل للنص
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) سورة القصص
ولسياق قصة موسى في القرآن بصفة عامة
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) سورة الشعراء
سيدرك أن محور الحديث كان عن الآلهة الأجنبية وليس المحلية وأن قول فرعون كان في إطار مقارنة ألوهيته بألوهية رب موسى وبالتالي لم تكن هناك حاجة لذكر وزيادة ما هو معلوم وبديهي
قََالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي مِنْ دُونِ آلِهَتِنَا
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي مِنْ دُونِ آلِهَتِنَا
تماما مثلما لم تكن هناك حاجة لإضافة عبارة من دون أمه
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ (7) سورة القصص
لنفس السبب في قول
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ (12) سورة القصص
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ مِنْ دُونِ أُمِّهِ
فكما نرى فلا يمكننا تدبر كتاب الله حق التدبر دون إدراك مختلف خصائصه وأساليبه اللغوية التي تم التخلي عنها وتبديلها منذ أيام السلف المذهبي ومن أبرز الأمثلة ربط الأسماء المعرفة بعموم الجنس الذي ترتبت عنه العديد من الأحكام الظالمة والعنصرية والمناقضة لصريح القرآن كحرمة ولاية الكفار
لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ (28) سورة آل عمران
واليهود والنصارى بشكل مطلق
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) سورة المائدة
النصوص المخصصة لحالات معينة والتي تم تعميمها من طرف رجال الدين المذهبيين على كل زمان ومكان رغم مخالفتها لواقع الأحداث التي أثبتت في أكثر من مناسبة تحالف اليهود مع المؤمنين ضد المسيحيين والعكس صحيح أو تحالفهم مع المؤمنين حتى ضد أبناء ملتهم...ورغم مخالفة القاعدة لصريح القرآن نفسه
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) سورة المائدة
 متجاهلين أوضح الأمثلة القرآنية التي تنفي إشارة الأسماء المعرفة إلى عموم الجنس
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) سورة عبس
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) سورة إِبراهيم
وأنها تبقى مجرد أداة لتعريف جنس الأشياء والأفراد حسب سياق الأحداث الواردة في النصوص
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) سورة الأحقاق
والشواهد على ذلك كثيرة
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ (13) سورة البقرة
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى (94) سورة الإسراء
الحقيقة التي كانت ستغير نظرة الناس إلى مفاهيم العديد من النصوص والأحكام المترتبة عنها التي تم فيها تعميم ما تم تخصيصه لأفراد معينين على جنس المخاطبين في النصوص بدون استثناء
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا (28) سورة التوبة
ولازلنا إلى يومنا نجتر تبعات هذا الخطأ الذي أسقط كتاب الله في العديد من المشاكل كشبهة عبادة كافة اليهود لعزير
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ (30) سورة التوبة
التي لا زالت تستغل خير استغلال للطعن في دين وكتاب الله
وللأسف لا يزال العديد من الباحثين مصرين على تكرار نفس الخطأ والسير على نفس درب تجاهل قواعد لغة القرآن وفرض رؤيتهم الشخصية على كتاب الله وإخضاعه لقواعد ما أنزل الله بها من سلطان والأمثلة كثيرة في هذا المجال كنفي وجود أكثر من معنى للكلمات المشتقة من نفس الجذر اللغوي رغم احتواء النص القرآني على معاني متضادة ليس فقط لنفس الجذر اللغوي بل حتى لنفس الألفاظ
إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) سورة الجاثية
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) سورة البقرة
إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) سورة القصص
قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) سورة يونس
أو الزعم باقتضاء المغايرة في جميع حالات العطف رغم احتواء النص القرآني على نصوص شاهدة على استعمال العطف لتمييز الأشياء والأفراد المنتمين لنفس الجنس
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ (28) سورة فاطر
فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) سورة الإسراء
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) سورة الأَنْفال
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (11) سورة النحل
وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ (99) سورة الأَنعام
وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ (84) سورة آل عمران
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)  ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (34) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) سورة مريم
فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (69) سورة النساء
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) سورة مريم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) سورة الأحزاب
أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) سورة آل عمران
وانطلاقا من هذه القناعة الخاطئة خرجت للوجود العديد من القراءات التي لا تمت بصلة لواقع النصوص أشهرها تلك التي تزعم اختلاف الكتاب عن القرآن
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) سورة الحجر
أو وجود اختلاف بين كل من الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) سورة آل عمران
المتجاهلة لحقيقة أن الكتاب والحكمة مجرد صفتين مختلفتين لنفس الوحي 
قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ (45) سورة الأنبياء
كما يتجلى في قول المسيح الذي وصف ما أوتي من رسالة تارة بالكتاب
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) سورة مريم
وتارة بالحكمة
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ (63) سورة الزخرف
وأن ذكر التوراة والإنجيل كان من باب تمييز وتعريف الجزئين اللذان علمهما المسيح من جنسي الكتاب والحكمة
هذا ما يحدث عندما يتم الحياد عن قواعد لغة القرآن الحقيقية واستبدالها بقواعد غير مثبتة كقاعدة اللاترادف التي انتشرت في الآونة الأخيرة كالنار في الهشيم وصارت على لسان العديد من الباحثين ومن المسلمات الغير قابلة للنقاش عند عدد كبير من الناس الذين سارعوا في احتضان الفكرة بدل التأكد من مدى صحتها ومصداقيتها من خلال دراسة بين النصوص التي يستحيل على سبيل المثال نفي تأكيدها الصريح على أن يوم الجمع هو نفسه يوم التغابن
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ (9) سورة التغابن
فبمجرد أن قيل لهم أن الترادف ضعف في الدقة والبلاغة ولا يليق بكلام الله حتى جعلوا من اللاترادف قاعدة قرآنية غير قابلة للمس رغم تعارضها الواضح مع النص القرآني وهو ما أنتج العديد من المفاهيم البعيدة كل البعد عن واقع النصوص كما سبق التوضيح في مقال
هل هناك ترادف في القرآن ؟
بسبب الخلط بين مفهوم كلام الله ولغة الله إن جاز الوصف والتعبير والإيمان بفكرة تنزيل القرآن بلغة جديدة معجزة للبشر كما سبقت الإشارة في مقال
رغم تأكيد القرآن نفسه على تنزيله بلغة القوم المحدودة
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهًمْ (4) سورة إِبراهيم
وليس بلغة ذات قواعد ومصطلحات ربانية
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ رَبِّهِ
بقيت أسرارها وقواعدها مخفية طيلة القرون الماضية
هكذا تنشأ المذاهب المخالفة لنهج القرآن في البداية تكون مجرد فكرة فتتحول إلى قاعدة ثم إلى مدرسة لا يمكن فهم القرآن من دونها رغم كونها في حقيقة الأمر مجرد فرضيات وأفكار مسبقة تم فرضها على النص القرآني بدل جعل كتاب الله حكما عليها من خلال الاطلاع والدراسة الكاملة لجميع نصوص وسياقات القرآن النقطة الأساسية التي يغفل عنها العديد من الباحثين
التعامل مع النصوص القرآنية بشكل منفرد
من الأخطاء الشائعة في تدبر القرآن التعامل مع نصوصه بشكل منفرد ومنفصل حيث يتم الاكتفاء بظاهر بعض النصوص وبناء قناعات مغلوطة عليها واغفال باقي سياقات القرآن المتعارضة معها جملة وتفصيلا والأمثلة على هذه الظاهرة لا تعد ولا تحصى فيكفي الاطلاع على قصة النبي نوح لوحدها للوقوف على مدى تأثير القراءات الأحادية في نشأة العديد من الأفكار الغير مذكورة في كتاب الله كفكرة عالمية الطوفان التي بنيت على نصوص مثل
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) سورة نوح
التي أخطأت أولا في تحديد هوية الكفار بتعميمهم على جميع سكان الأرض الغير مؤمنين في زمن النبي نوح بسبب اغفال النصوص التي تنفي استحالة كفر من لم تصله دعوة الأنبياء بما يجهله من الأساس
وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (5) سورة المائدة
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52) سورة الشورى
وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) سورة يوسف
والنصوص التي تنفي إهلاك الله لهذه الأمم
ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) سورة الأنعام
وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) سورة الشعراء
بالإضافة لخطأها في تحديد هوية مصطلح الأرض بتعميمه على كافة الأرض رغم استعماله في أكثر من موضع للإشارة لبقع أرضية محدودة
أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا (33) سورة المائدة
وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا (76) سورة الإسراء
فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي (80) سورة يوسف
الخطأ الذي يجلي أيضا مدى تأثير ربط الأسماء المعرفة بعموم الجنس في سوء فهم النصوص
وبالأخص تجاهل النصوص التي تؤكد اقتصار عذاب الغرق على كفار قوم نوح
إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا (25) سورة نوح
نفس النصوص التي لم تراعى في فكرة انحدار البشرية من نسل نوح المبنية على قراءتهم لقول
وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (82) سورة الصافات
التي قامت بتعميم البقاء والفناء المقتصر على قوم نوح على عموم البشر...في المقابل سنلمس نفس الخطأ  في قراءات أخرى لنفس النص والتي اكتفت بظاهر قول
قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) سورة هود
لإثبات وجود سلالة ناجية من قوم نوح من دون ذرية نوح
على العموم الأمثلة كثيرة ولا مجال لحصرها لكن الأمور تصبح أكثر خطورة عندما تمتد للأحكام ويترتب عنها إلغاء جزء كبير من الشريعة كمحاولة نفي وجود سلطة الإكراه في دين الله بناء على الفهم المغلوط لقول
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) سورة البقرة
الذي يزعم نفي مقولة لا إكراه في الدين لسلطة الإكراه في الدين وبالتالي تعطيل جميع العقوبات الجنائية وأحكام الحرب الواردة في القرآن بدعوى اقتصارها على دساتير مجتمع البعثة المحمدية وعدم صلاحيتها لكل زمان ومكان وبالتالي إلغاء جزء كبير من الدين بسبب الاكتفاء بظاهر نص وحيد واغفال بقية النصوص الأكثر وضوحا وحسما في المسألة
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ (2) سورة النور
فالقرآن ليس كتاب كبقية الكتب وبالتالي لا يجب التعامل معه كتعاملنا مع بقية الكتب ولا يجب استنتاج أية فكرة وأي حكم دون دراسته من ألفه إلى يائه وليس الاكتفاء بغالبية النصوص التي قد توحي بعكس الحقيقة كما هو الشأن مع فرضية اقتران مصطلح الذين أوتوا الكتاب بالذم
نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) سورة البقرة
وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) سورة البقرة
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ (145) سورة البقرة
ومصطلح الذين آتيناهم الكتاب بالمدح
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (121) سورة البقرة
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) سورة القصص
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (47) سورة العنْكبوت
لأنه يكفي نص وحيد لكسر القاعدة
لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ (32) سورة المدثر
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) سورة البقرة
واثبات خطأ الفكرة
فالخلل لم يكن في يوم من الأيام في النص الديني بل في فهم البشر الذين منهم من جعل النص الديني أداة لتأييد وتأكيد أفكارهم المسبقة 
التسليم بالأفكار المسبقة
حيث تكون النتيجة معلومة منذ البداية وغاية البحث الوحيدة هي كيفية تطويع النصوص لتأييدها وهو ما يغلق الباب في وجه أي احتمال أو قراءة أخرى كما هو الشأن مع الأبحاث التي تسعى لنسب الصلوات الموروثة بتفاصيلها لكتاب الله من خلال وضع مجموعة من الاصطلاحات والمعايير والحسابات الرقمية حتى تستقيم مواقيت الصلاة المنصوص عليها في القرآن
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) سورة هود
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) سورة الإسراء
مع مواقيت الصلوات الموروثة النتيجة التي يستحيل التوصل إليها دون اطلاع أو علم مسبق بعدد الصلوات المذهبية شأنها شأن جميع الموروثات المنسوبة لدين وكتاب الله والتي تقف حجر عثرة أمام التدبر السليم لكتاب كما هو الشأن مع الموروثين التاريخي والجغرافي
ربط القرآن بالموروثين التاريخي والجغرافي
من الأخطاء التي ارتكبت في حق كتاب الله ولا تزال السعي لربط نصوصه بموروث بشري يفتقد إلى أدنى مقومات التوثيق وبالأخص عندما يكون هذا الموروث متعارضا مع محتوى النصوص في العديد من المواضع وبالتالي فبدل تحديد هوية الأشخاص والأقوام والتواريخ والأماكن المذكورة في القرآن انطلاقا من نصوصه تم إخضاع هذه الأخيرة لتاريخ وجغرافيا مجتمعات معينة 
فصار الإسرائيليون 
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ (48) سورة القصص
عربا إسماعيليون
وصار المسيحيون مؤمنين 
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) سورة الكهف
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) سورة البروج
وفي نفس الوقت كفار 
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ (72) سورة المائدة
ومشركين
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) سورة التوبة
ونكاحهم حرام 
وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ (221) سورة البقرة
وحلال في نفس الوقت
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ (5) سورة المائدة
ونفس الشيء بالنسبة لطعامهم 
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ (3) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ  (5) سورة المائدة
ونفس الشيء بالنسبة لكتابهم المقدس الذي يعتبر محرفا 
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (79) سورة البقرة 
ومحفوظا في نفس الوقت
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ (68) سورة المائدة 
وبالتالي فلا عجب أن نجد كل هذا الاختلاف بين المؤمنين أنفسهم حول هذه النقاط وغيرها وفي الأحكام المترتبة عنها ومن أبرز الأمثلة حكم الجزية في سورة التوبة 
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) سورة التوبة
الذي ظل مفروضا على المواطنين اليهود والمسيحيين طيلة القرون الماضية ولا يزال بسبب القراءة الخاطئة لنص سورة التوبة
تفسير بن كثير
{ قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر } الآية. وهذه الآية الكريمة نزلت أول الأمر بقتال أهل الكتاب بعدما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين اللّه أفواجاً واستقامت جزيرة العرب، أمر اللّه ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى، وكان ذلك في سنة تسع؛ وقوله: { حتى يعطوا الجزية } أي إن لم يسلموا { عن يد } : أي عن قهر لهم وغلبة { وهم صاغرون } أي ذليلون حقيرون مهانون، فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء، كما جاء في صحيح مسلم: (لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم، 
والتي للأسف لا تزال السمة الطاغية على أغلب القراءات الحديثة لنفس النص الساعية لنفي وإلغاء الحكم السابق والتي لم تزد الطين إلا بلة باعتمادها على جزء من نفس الموروث المذهبي والتي لم تنجح في الإقناع وإزالة الشبهة لبعدها عن واقع وسياق النصوص الذي يجيله اختلاف أصحابها وانفراد كل واحد منهم بتفسيره الخاص 
فمنهم من حاول نسب حكم الجزية للمجرمين المعتدين من المؤمنين برسالة القرآن أنفسهم رغم الارتباط الواضح للسياق باليهود والنصارى من دون سواهم
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) سورة التوبة
ومنهم من حرص على نفيه عن اليهود والنصارى فأسقط بدون شعور نفس الحكم على أصحاب المعتقدات الأخرى وطبعا هنا أيضا تم تجاهل السياق
في المقابل هناك من أدرك اقتصار الحكم على المعتدين من اليهود والنصارى لكنه لم يستطيع اثبات ذلك بالحجة القاطعة في ظل غياب الذكر الصريح لبدأ أهل الكتاب بالعدوان في نصوص القرآن عكس مشركي مكة حسب ما يؤمن به من موروث
أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (13) سورة التوبة
تفسير الجلالين
{ ألا } للتحضيض { تقاتلون قوما نكثوا } نقضوا { أيمانهم } عهودهم { وهمُّوا بإخراج الرسول } من مكة لما تشاوروا فيه بدار الندوة { وهم بدءوكم } بالقتال { أوَّل مرَّة } حيث قاتلوا خزاعة حلفاءكم مع بني بكر فما يمنعكم أن تقاتلوهم 
وهنا تكمن معضلة المتشبثين بالسيرة المستمدة من نفس التراث الذي يقومون بنقده ويسعون لتنقيحه لأنهم مهما حاولوا تعديل البنيان فسيظلون مقيدين بأساسه الغير متوافق مع السيرة الحقيقية في نصوص القرآن التي لا نجد فيها حس ولا أثر لمشركي مكة الحجاز من عبدة الأصنام المذكورين في كتب التراث
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ (20) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80) سورة آل عمران
والذي سيدرك من اعتمد عليها بدون إطلاع وفكر مسبق ارتباط سياق وجميع أحكام سورة التوبة بنفس مشركي أهل الكتاب
بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (5) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ (15) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ (17) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) سورة التوبة
وبالتالي سيدرك مشروعية فرض حكم الجزية على من خانوا مواثيق السلام وبدأوا بالعدوان والأهم من ذلك أنه سيدرك عدم تعميم الحكم على كافة اليهود والنصارى شأنه شأن حكم عدم الولاية المرتبط بنفس الطائفتين المعتديتين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ (54) سورة المائدة
في ظل ارتباط الأمور ببعضها في سيرة القرآن الحقيقية
وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) سورة البقرة
على خلاف سيرة المذاهب التي سيظل من يعتمدها في قراءة نصوص القرآن في معناة وتخبط دائمين وسيظل هاجسه الأكبر هو محاولة التوفيق بين اختلافاتها التي لا تعد ولا تحصى مع كتاب الله وكمثال تكفير أئمة الجيل الأول من المؤمنين في كتب التراث من صحابة وخلفاء واتهامهم بالفسق والنفاق مع أن لب المشكلة في شخصية محمد بن عبد الله نفسها المتعارضة مع محمد القرآن والمخالفة لصريح أحكامه بإباحته للغزو والقتل والسبي باسم الدين وخير شاهد زواجه من غنائمه البشرية في كتب التراث
جويرية بنت الحارث
سباها الرسول يوم المريسيع (غزوة بني المصطلق) سنة خمس وعند بعض العلماء كالطبري وخليفة وابن إسحاق وغيرهم سنة ست كما نقل عنهم ابن حجر في الفتح، وكانت متزوجة بابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر الذي قتل في هذه الغزوة، وعندما قسمت الغنائم وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة جميلة فأتت النبي تستعينه على كتابتها فرأتها السيدة عائشة فكرهتها لملاحتها وحلاوتها وعرفت أن رسول الله سيرى منها ما رأت. وقالت: «يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك وقد كاتبت فأعني» فقال: «أو خير من ذلك؟ أؤدي عنك وأتزوجك؟» فقالت: «نعم»، فقال: «قد فعلت»
صفية بنت حيي بن أخطب
تزوجها قبل إسلامها سلامه بن مكشوح القرضي، وقيل سلام بن مشكم، فارس قومها ومن كبار شعرائهم، ثم تزوّجها كنانة بن أبي الحقيق، وقٌتل كنانة يوم خيبر، وأُخذت هي مع الأسرى، فاصطفاها رسول الإسلام لنفسه، وخيّرها بين الإسلام والبقاء على دينها قائلاً لها: " اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي (أي تزوّجتك)، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك "، فقالت: " يا رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إليّ من العتق وأن أرجع إلى قومي ". فأعتقها رسول الإسلام وتزوّجها، وجعل عتقها صداقها،
ومدام الناس مصرين على التشبث ولو بجزء بسيط من الموروث المذهبي فسيظلون في اختلاف وتشويش دائمين ويبقى الحل الوحيد هو العودة والاعتماد المطلق على كتاب الله
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) سورة النحل
وجعله حكما على القناعات المسبقة وليس العكس
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم

تعليقات

  1. طيب كيف ممكن افهم القرأن بالطريقة الصحيحة كمان نزل رغم اني معرفتي باللغة العربية او لغة القران ليست واسعة هل يجب ان اتعلم قواعد اللغة اولا او اقرأن القران فقط .
    هل ممكن مشاركة تجربتك كيف أستطعت فهم كتاب الله بهذه الطريقة
    نسأل الله ان يرينا الحق دائما

    ردحذف
    الردود
    1. كما تم الإشارة في المقال فقواعد ما يسمى باللغة العربية ليست هي نفس قواعد لغة القرآن التي يبقى السبيل الوحيد لإتقانها هو المواظبة على قراءة ودراسة كتاب الله

      حذف

إرسال تعليق