من هو فرعون موسى ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


من هو فرعون الخروج ؟ سؤال حير الكثيرين و طرحت بخصوصه العديد من النظريات خصوصا في زمننا الحالي مع نشأة ما يسمى بعلم المصريات و إكتشاف ما كانت تزخر به أرض النيل من إرث حضاري و أسر ملكية حاكمة
لكن البعض يرى أن مصر التي ذكرت في الكتب الدينية لا علاقة لها أصلا ببلاد النيل و بالتالي فلا جدوى من البحث عن هوية فرعون الخروج في أرضها لكن هذا الزعم يحتاج إلى دلائل أقوى لأن كل ما تم عرضه من دلائل لحد الساعة لا يرقى لمصاف الحقائق العلمية الثابتة و تبقى مجرد إجتهادات ناقصة تم التطرق إلى جلها في موضوع
أين تقع مصر القرآن ؟
الذي أظهر أن أكثر أرض تنطبق عليها مواصفات مصر القرآنية هي بالفعل أرض النيل لذلك إرتأيت أن تكون هذه النظرية أساس هذا البحث
عندما يأتي ذكر فرعون الخروج فإن أول إسم يتبادر إلى الأدهان هو رمسيس الثاني و يعود ذلك للهالة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت هذه النظرية التي يبقى أغلب ما جاء فيها كذب و تلفيق من مدلسي الإعجاز العلمي و هذا مثال
فلماذا رمسيس الثاني بالذات ؟ ببساطة لأن أصحاب المذاهب ألفوا أن يسلموا بأكاذيب اليهود و المسيحيين 
دون فحص و لا بحث علمي حقيقي فبمجرد أن أصبح هذا الإسم متداولا في الأوساط المسيحية الغربية الحديثة و رمز إعلامي لفرعون الخروج في جل البرامج و الأفلام الغربية حتى إلتقط الإعجازيون هذه الفكرة و سارعوا لنسج قصص من وحي خيالهم رغم مخالفة العديد من المصادر المسيحية لهذا الزعم و هذا مثال صريح
أزمنة العهد القديم
 أما بالنسبة لزمن الخروج، فقد انقسمت الآراء ما بين عصر الأسر الثامنة عشرة، والتاسعة عشرة والعشرين، في تحديد عصر استعباد بني إسرائيل ثم خروجهم من أرض مصر. ولكل رأي حججه القوية، كما أن عليه اعتراضات خطيرة. وإذا أخذنا في اعتبارنا كل الأمور لوجدنا أنه من الأفضل اعتبار عصر الأسرة الثامنة عشرة هو زمن اضطهاد وخروج بني إسرائيل، وأن تحتمس الثالث هو فرعون الاضطهاد، وأن السنوات التالية لموته هي فترة خروج بني إسرائيل من أرض مصر، وذلك للأسباب الآتيه:
يمكن أن نجد بين ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ذلك الفرعون الذي "لم يكن يعرف يوسف" (خر 1: 8)، لأن أول ملوكها أحمس الأول، هو الذي انتصر علي الهكسوس وطردهم، وأثار حقداًَ دفيناً علي كل الأسيويين.
و في هذا القول شيئ من الحقيقة فمن الناحية المنطقية لا يجب أن يخرج فرعون موسى عن فترة حكم الأسرة الثامنة عشر التي أعقبت حكم الهكسوس للبلاد لعدة أسباب
أولها تزامن دخول يوسف إلى مصر مع فترة حكم الملوك الهكسوس للبلاد على الأقل هذا ما توحي به سورة يوسف التي إستخدمت مصطلح الملك لوصف حاكم مصر آنذاك في جميع نصوصها على خلاف لقب حاكم البلاد في زمن موسى الذي وصف بلقب فرعون في جميع نصوص القرآن و رغم أن وجهة نظر البعض ترى أن فرعون مجرد إسم شخص و ليس لقب حاكم إلا أن الإشكال المطروح أمامهم أن القرآن لم يصفه و لا مرة في جميع نصوصه بالملك رغم ذكره في 74 مناسبة مما يوحي أن فرعون كان لقبا خاصا بحكام مصر آنذاك على خلاف الهكسوس الذين لقبوا بالملوك و الذين تعود أصلوهم للشعوب الأسيوية
الهكسوس
الهكسوس هم شعوب بدوية من أصول مختلفة دخلت مصر من الشرق في فترة ضعف خلال نهاية حكم الدولة الوسطى تقريباً في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر. لم يتفق خبراء التاريخ على أصلهم. ولكن الراجح أنهم أصحاب أصول آسيوية متعددة ومنهم من كان سامي الأصل بحيث كانت أسماء ملوكهم سامية عمورية مثل صقير حار وخيان وابوفيس وخامودي ومعبودات الهكسوس سامية مثل بعل وعانة وانتقلوا من العراق إلى بلاد الشام ثم إلى مصر.
و هو ما غفل عنه كتاب العهد القديم لليهود الذي لم يفرق بين لقب حاكم مصر في كل من زمن النبي موسى
سفر التكوين الخروج 5
1  وَبَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ وَقَالا لِفِرْعَوْنَ: «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الَهُ اسْرَائِيلَ: اطْلِقْ شَعْبِي لِيُعَيِّدُوا لِي فِي الْبَرِّيَّةِ». 
و النبي يوسف
سفر التكوين إصحاح 40
1  وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الامُورِ انَّ سَاقِيَ مَلِكِ مِصْرَ وَالْخَبَّازَ اذْنَبَا الَى سَيِّدِهِمَا مَلِكِ مِصْرَ 2 فَسَخَطَ فِرْعَوْنُ عَلَى خَصِيَّيْهِ: رَئِيسِ السُّقَاةِ وَرَئِيسِ الْخَبَّازِينَ 3  فَوَضَعَهُمَا فِي حَبْسِ بَيْتِ رَئِيسِ الشُّرَطِ فِي بَيْتِ السِّجْنِ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُوسُفُ مَحْبُوسا فِيهِ. 
و حتى النبي إبراهيم
سفر التكوين إصحاح 12
17 فَضَرَبَ الرَّبُّ فِرْعَوْنَ وَبَيْتَهُ ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً بِسَبَبِ سَارَايَ امْرَاةِ ابْرَامَ. 
و إذا إعتمدنا على تقديرات اليهود لتاريخ خروج بني إسرائيل من مصر
أزمنة العهد القديم
 ويمكن تحديد أزمنة أحداث العهد القديم التي ورد ذكرها في السجلات المؤرخة، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فيمكن تحديد تاريخ سبي نبوخذ نصر ملك بابل لأورشليم في السنة الثامنة لملكه (2 مل 24: 12) بكل دقة علي أنه حدث في 16 مارس 597 ق.م. كما يمكن تحديد اتصالات شلمنأسر الثالث الأشوري مع آخاب وياهو في عامي 853 ق.م.، 841 ق.م. علي التوالي. ولما كان الكتاب المقدس لا يذكر أيًّا من هذين الاتصالين، فإن حقيقة أن هناك ملكين حكم بعد أخآب وقبل ياهو، لمدة اثني عشر عاماً، تثبت أن عام 853 ق.م. كان آخر سنة في حكم آخاب، وأن عام 841 ق.م. كان أول سنة في حكم ياهو. وإذا بنينا حساباتنا علي هذه التواريخ، فيمكننا أن نحدد تاريخ وفاة سليمان وانقسام المملكة بأن حدث في عام 930 ق.م.، وأن الخروج من مصر حدث في عام 1446 ق.م. (1 مل 6: 1).
 فسنجدها جد قريبة من زمن الهكسوس الذين هزموا و طردوا من مصر حوالي 100 عام قبل هذا التاريخ على يد أحمس الأول أول ملوك الأسرة الثامنة عشرة و رغم أن نصوص العهد القديم تزعم أن الفترة الممتدة بين زمن النبي يوسف و خروج بني إسرائيل تتجاوز أربعة قرون
سفر الخروج إصحاح 12
40 وَامَّا اقَامَةُ بَنِي اسْرَائِيلَ الَّتِي اقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ ارْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. 
فإن ذلك لا يستقيم مع واقع الأحداث القرآنية التي تؤكد قرب المدة بين زمن النبي يوسف و فرعون الخروج و قومه الذين كانوا على علم تام برسالته
وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)  سورة غافر
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)  سورة غافر
و قد حاول اليهود نفي هذه الحقيقة و إيهام الناس من خلال هذا النص
سفر الخروج إصحاح 1
8  ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ9  فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو اسْرَائِيلَ شَعْبٌ اكْثَرُ وَاعْظَمُ مِنَّا. 10  هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلا يَنْمُوا فَيَكُونَ اذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ انَّهُمْ يَنْضَمُّونَ الَى اعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الارْضِ». 11  فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِاثْقَالِهِمْ فَبَنُوا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ وَرَعَمْسِيسَ. 
 بطول المدة بين زمن النبي يوسف و فرعون موسى من خلال إدعاء أن هذا الأخير لم يكن يعرف شيئا عنه و قد كان الهدف من ذلك إيهام الناس بأن إسرائيل هو نبي الله يعقوب و أن ذريته التي هاجرت إلى مصر هم بنو إسرائيل من خلال إعطائهم مدة كافية للتكاثر و التحول من عائلة مهاجرة إلى أمة كبيرة
سفر الخروج إصحاح 1
6  وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ اخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7  وَامَّا بَنُو اسْرَائِيلَ فَاثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيرا جِدّا وَامْتَلاتِ الارْضُ مِنْهُمْ
 حقيقة تم تبيان بطلانها في موضوع
النبي يعقوب ليس إسرائيل
لكن الملفت بالفعل و الذي يبقى بالنسبة لي أحد أبرز الدلائل على إنتماء فرعون موسى للأسرة الثامنة عشر هو إنتماء الملك أخناتون لنفس الأسرة و لمن يخفى عليه الأمر فإن أخناتون هو أول شخصية موحدة في التاريخ الموثق و الوحيد بين جميع ملوك العصر القديم ليس في مصر فحسب بل في جميع ممالك المنطقة الذي دعى لعبادة إله واحد
أخناتون
أخناتون (أيضًا تَهَجَّى إخناتون؛ ويعني "الروح الحية لآتون") عرف أيضًا قبل العام الخامس من ملكه بـ أمنمحتب الرابع. كان فرعون من الأسرة الثامنة عشرة حكم مصر لمدة 17 عاماً وتوفي ربمَّا في 1336 ق.م أو 1334 ق.م. يُشتهر بتخليه عن تعدد الآلهة المصرية التقليدية وإدخال عبادة جديدة تركزت على آتون، التي توصف أحيانًا بأنها ديانة توحيدية أو هينوثية. تًمثل نقوش مبكرة آتون بالشمس، بِالمُقارَنَةِ مَع النجوم، ولاحقًا جنبت اللغة الرسمية تسمية آتون بالإله مُعطية إياه الإِلَوهِيَّة الشمسية مكانة أعلى من مجرد كونه إله.
حيث قام أخناتون في سابقة تاريخية بالتخلي عن عبادة جميع الآلهة المصرية و التركيز على الإله آتون الذي عندما نقوم بالإطلاع على صفاته عند المصريين القدامى نجده قريب من صفات الله سبحانه و تعالى
آتون
آتون (Aten، Aton) هو الإله الذي أعلن عنه الملك إخناتون واعتبر اله الشمس الإله الموحد الذي لا شريك له ونور آتون يفيد جميع الأجناس،، يمثل آتون في شكل قرص الشمس، بأشعتها التي تنتهي بأيد بشرية، لتمنح الحياة والرخاء للأسرة الملكية، وبعد وفاة إخناتون، عاد آمون مرة أخرى، لمكانته الأولى، كأحد الأرباب المصرية.
فهذه كانت أسماء الإله الأعظم خالق الكون والحياة. فلقد كان قدماء المصريون ينظرون إليه على أنه إله واحد أزلي لم يكن قبله شيء وخالق الآلهة وكل شيء ونظم الدنيا، إلا أن قدماء المصريين أشركوا به وشاركوا معه آلهة أخرى، إلا أن الإله آتون ظل بأسمائه القديمة الإله الأكبر لهذه الآلهة
و رغم أن كانوا يرمزون إليه بالشمس إلا أنه كان أقرب ما يكون لإله الأديان الإبراهيمية و يبقى السؤال المطروح هنا ما الذي دفع أخناتون لتغيير ديانة أجداده التي ظلت تؤمن بتعددية الآلهة قرون طويلة من قبله و التي عاد إليها المصريون مباشرة من بعد موته ؟ و من أين أتى بهذه الفكرة ؟
في الحقيقة سنجد العديد من النظريات في هذا الصدد هناك من ذهب إلى أن أخناتون هو ملك مصر الذي عاصر النبي يوسف و البعض الآخر ذهب إلى أنه هو يوسف بنفسه  و البعض الآخر ذهب إلى أنه موسى بل ذهب البعض إلى أن موسى إقتبس فكرة الإله الواحد من أخناتون لكن دعنا نعتمد على النص القرآني في المقام الأول
ذهبت أغلب الآراء التي نسبت فرعون الخروج للأسرة الثامنة عشر إلى أنه أمنحتب الثاني سابع ملوك هذه الأسرة و أن والده تحتمس الثالث هو فرعون الإضطهاد هذا بالنسبة لمؤرخي اليهود و المسيحيين الذين جعلوا من نصوص العهد القديم مرجعية لهم أما بالنسبة لمن وافقوهم الرأي من أتباع رسالة القرآن الذي يؤكد أن فرعون الإضطهاد هو نفسه فرعون الخروج
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)  سورة القصص
 فيبقى تحتمس الثالث هو المرشح الأول خصوصا أننا عند إلقاء نظرة على جل فترات حكم ملوك الأسرة الثامنة عشر نجدها قصيرة نسبيا و لا تنطبق على قصة موسى الذي عاش في فترة حكم نفس الملك منذ ولادته إلى أن بلغ أشده و إستوى أي قرابة عشرين عاما
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18)  سورة الشعراء
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)  سورة القصص 
أعقبها بسنوات في أهل مدين
وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)  سورة طه
قبل العودة لمصر التي ظل يدعوا فيها آل فرعون لسنين أخرى
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)  سورة الأعراف
قبل خروج بني إسرائيل و موت فرعون مما يوحي أن فترة حكم هذا الأخير قد تجاوزت الثلاثين عام و هو ما ينطبق على تحتمس الثالث الذي حكم البلاد لمدة 54 عام لكننا في المقابل عندما نطلع على تفاصيل وفاته
تحتمس الثالث
مات تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عاما كما جاء في نص امنمحات "... من العام الأول حتى العام الرابع والخمسين في الشهر الثالث من فصل الشتاء اليوم الأخير من عهد فخامة الملك " من خبر رع " ملك دولة مصر الشمالية ومصر الجنوبية "...ولم يعرف تاريخ مصر ملكا بكى عليه المصريون وحزنوا عليه حزنا شديدا مثل ما حدث مع تحتمس الثالث، وبعد وفاته أقيمت مراسم الحداد والدفن الملكية تبعه فيها كل المصريين وهي أضخم جنازة في التاريخ القديم ودفن في مقبرة بوادي الملوك كان قد أعدها لنفسه وهي المقبرة رقم 34، حيث يعد من أوائل الملوك الذين بنوا مقابر لأنفسهم في وادى الملوك، وقد اكتشفت مقبرته في عام 1898 على يد العالم فيكتور لوريت
فمن الصعب التصور أنه ذلك الملك التي تسبب لشعبه في الشقاء و المجاعات و لا أتصور صراحة أن ملك في عمر 82 قد لبس زي المعارك و تعقب بني إسرائيل إلى وسط البحر !
في المقابل عندما نطلع على تفاصيل وفاة أمنحتب الثالث الملك الوحيد من نفس الأسرة بجانب تحتمس الثالث الذي تجاوزت فترة حكمه الثلاثين عاما و الذي توفي في عمر الخمسين
أمنحتب الثالث
توفى أمنحتب الثالث بعد أن حكم لمدة 38 عام وهو في سن الخمسين ربما بسبب مرض غير معلوم، واكتشفت المقبرة التي اعدها لنفسه في عام 1799 وهى المقبرة رقم 22 بوادي الملوك واكتشفها جولوه ودفلييه وقد وجدت فارغة والجدران مهدمة بفعل الضغط والعوامل الجوية ولم تكن مومياؤه بداخلها حيث وجدت مومياؤه في مقبرة بالقرب من الدير البحري وتم أخفاؤها بواسطة الكهنة واكتشفت في عام 1881.
سنلاحظ عدة أشياء غريبة أولها الغموض الكبير الذي أحاط وفاته و سببها و أنه لم يدفن في القبر الذي أعده لنفسه و أن كهنته قاموا بإخفاء جثته مما يوحي أنهم كانوا يسعون لإخفاء تفاصيل موت هذا الفرعون و هو ما يطرح أكثر من علامة إستفهام و يجعل أمنحتب الثالث أقرب ما يكون لفرعون الخروج الذي مات غرقا و الذي طالما إحتار و إختلاف العلماء حول هويته
و ما يزيد في تأكيد هذه النظرية هو تصرف إبنه أخناتون بتخليه عن دين أبيه و أجداده و إعتماده على دين التوحيد للإله آتون 
حاول توحيد آلهة مصر القديمة حيث تعددت الألهة فيها التي تعبد في مناطقها المختلفة بما فيها الإله الأكبر أمون رع في شكل الإله الواحد آتون
بل تخلى حتى عن سياسة الفتوحات العسكرية و المناطق الآسيوية التي إحتلها آباءه
انشغل الملك إخناتون بفلسفته وإصلاحاته الدينية وانصرف عن السياسة الخارجية وإدارة الإمبراطورية الممتدة حتي أعالي الفرات والنوبة جنوباً، فانفصل الجزء الآسيوي منها.
فما قام به إخناتون من تغيير جدري سواء من الناحية الدينية أو السياسة يعد سابقة تاريخية لا يمكن أن تأتي من فراغ أو أن تكون مجرد فكرة عابرة بل كانت عن قناعات حقيقية دفعته لتحدي سلطة الكهنة و تاريخ و حضارة بلاده و الغريب أننا عندما نعود لنصوص القرآن نجد هذه المواصفات تنطبق على أحد أفراد عائلة فرعون 
وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)  سورة غافر 
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)  سورة غافر
فهل يعقل أن يكون المقصود بهذه الآيات هو أخناتون ! الشيء الأكيد أن قصة هذا الشخص لم تذكر عبثا في القرآن و حتى من الناحية المنطقية لو سلمنا أن أخناتون هو إبن فرعون الخروج المؤمن فإن ذلك يستقيم مع إيمان أمه زوجة فرعون
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)  سورة التحريم
و بطبيعة الحال بعد موت أخناتون عاد المصريون لدين أجدادهم مما يؤكد أن توحيد هذا الأخير كان مجرد فكرة طارئة وقفت ضد مصلحة مصر السياسية و لم تكن أبدا مبنية على تطور ديني فرضته الضرورة و المصالح كما هو الشأن مع تحول الإمبراطورية الرومانية للمسيحية في عهد قسطنطين 
بطبيعة الحال تبقى هذه مجرد نظريات تستلزم أبحاث أكثر دقة لكنها تخرجنا من هرطقة نسب هوية فرعون الخروج لرمسيس الثاني التي هيمنت على الأوساط الإعلامية لكن من خلال النظرة الأولى فإن الدلائل توحي بالفعل أن أمنحتب الثالث هو فرعون الخروج و الله تعالى أعلم 

تعليقات