من هم الجن ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


من هم الجن ؟ سؤال حير العديد عبر العصور و لا يزال تضاربت الآراء وكثرت التفاسير والنظريات بناء على ثقافة الحقب الزمنية مما دفع العديد من الباحثين الجدد إلى محاولة إعطاء مصطلح الجن مفهوم قريب من المنطق العلمي المعاصر وإنكار فكرة المخلوقات الغير مرئية
فذهب بعضهم إلى أن الجن وصف وليس اسم خاص بمخلوق وإلى إشارته في الغالب إلى البشر وذهب البعض الآخر ممن أزعجتهم صراحة النصوص التي ذكرت بوضوح خلق الجان من مادة نار
 وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)  سورة الرحمن
إلى محاولة الفصل بين الجان كمخلوقات وبين الجن كوصف ينطبق عليها في بعض الحالات كحالة إبليس مع إسقاطه على البشر في أغلب الحالات
و هنا وجب التصدي لمثل هذه التفسيرات السطحية و الترقيعية التي تضرب بعرض الحائط أبسط الأسس اللغوية لكتاب الله والتي تعتمد بالأساس على أسلوب الاصطفائية كما سبق التوضيح في مقال
الجن ليسوا من البشر
وأن مصطلح الجن مجرد جمع لاسم جان يشار به إلى أفراد فصيلة الجان التي خلقت من نار ولا يمت بصلة في أي حال من الأحوال إلى فصيلة البشر 
إذن نحن بالفعل أمام مخلوق مختلف وفي نفس الوقت ملازم للإنسان فمن يكون يا ترى ؟
لمعرفة هوية الجان وجب إعطاء الأولوية للدلائل الأكثر وضوح في كتاب الله والبداية مع هوية الجان الوحيد الذي ذكر في نصوصه بشكل صريح لا يقبل الجدل ألا وهو إبليس 
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)  سورة الكهف
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)  سورة الأعراف 
و هنا يقع الإشكال فبقدر ما تؤكد الآيات إنتماء إبليس لفصيلة الجان بقدر ما تؤكد إنتمائه للملائكة ؟ ولن ينفع هنا الزعم بانقطاع الاستثناء من الملائكة كما ذهب جمهور المفسرين لأن الأمر بالسجود كان مقتصرا على الملائكة فقط  ولا معنى لاستثناء إبليس منهم إن لم يكن ملكا مثلهم
 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)  سورة الإسراء
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)  سورة البقرة
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)  سورة ص
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)  سورة الحجر
و لا للومه على عدم تنفيده لأمر لم يوجه لغير الملائكة ؟
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)  سورة الأعراف
و خلافا لما أوهمنا به الموروث فالملائكة ليسوا نوعا من المخلوقات النورانية بل صفة حباها الله تعالى لمجموعة من المخلوقات لخدمته في هذا الكون كل منهم حسب قدراته و المهمة المناطة به كحال إبليس المنتمي لفصيلة الجان كجنس وفي نفس الوقت للملائكة كمرتبة وصفة
مما يحيلنا إلى السؤال عن هوية الملائكة المذكورين في قصة خلق الإنسان و السجود لآدم ؟ هل كان الأمر بالسجود موجه لكل ملاك خلقه الله في هذا الوجود أم فقط لفئة منهم ؟ حسب هذه الآية 
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)  سورة ص
فقد كان الأمر عاما على الأقل من المنطق اللغوي المعاصر لكن لو إعتمدنا على لسان القرآن الذي يبقى المرجع الأساسي لفهم النصوص فيبقى السياق هو الفيصل خصوصا إذا علمنا أن الأسماء المعرفة بالألف واللام لا تعني دوما العموم المطلق في كتاب الله كما سبق التوضيح في مقال
 و من هنا نستنتج أن أمر الله تعالى للملائكة بالسجود قد يكون موجه لطائفة منهم فقط وليس لكل ملائكة الخليقة و بالتالي عندما تخبرنا الآيات عن سجودهم أجمعين فالأمر يتعلق بعموم طائفة الملائكة التي أمرت بالسجود لا غير
هناك معلومة أخرى بالغة الأهمية ذكرها القرآن بخصوص الجن ألا و هي إستماعهم للملأ الأعلى في الماضي قبل منعهم من ذلك لاحقا
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8)  سورة الصافات
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)  سورة الجن
و هنا يطرح سؤال مهم لماذا سمح الله تعالى للجن بالإستماع لحديث الملائكة في وقت من الأوقات ؟ و ما سبب منعه لاحقا ؟
فلا يوجد سبب منطقي يفسر سماح الله للجن بالإستماع إلى حديث الملائكة سوى كون الجن كانوا أنفسهم من الملائكة حينها
و أن الجن فصيلة من الملائكة خلقها الله تعالى خصيصا لحكم و تسيير شؤون هذه الأرض و من خلال المادة التي خلقوا منها أي النار
 وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)  سورة الرحمن
فالمرجح أنها خلقت مع نشأة الأرض من مكونات بيئتها الأولية حين كانت عبارة عن كوكب منصهر  كله نيران و حمم بركانية
فكانت تتلقى الأوامر و التعليمات الإلهية لتسيير شؤون الأرض من الملأ الأعلى أي من الملائكة الأعلى منها مرتبة في أماكن معية في السماء (محطات خاصة بالإستماع و تلقي الأوامر إن جاز التعبير) و التي وصفوها بمقاعد السماء
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)  سورة الجن
و قد أشار القرآن بوضوح إلى خلق الجان قبل الإنسان وربطه بشكل واضح بقصة سجود الملائكة لآدم في الآيات التالية
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)   سورة الحجر 
فلماذا سيذكر القرآن خلق الجان في قصة طرفيها البشر والملائكة لو لم يكن الملائكة المعنيين بالأمر فيها هم أنفسهم الجن
حيث يروي السياق إخبار الله لهم في الماضي عن خلقه لمخلوق من طين سيكون أعلى مرتبة منهم وبطبيعة الحال من خلال أدائهم لدورهم كملائكة لهذه الأرض والذي كان يقتضي مراقبتهم الدائمة لمراحل تطور هذا المخلوق تبين لهم أن طبعه يميل لسفك الدماء والإفساد في الأرض فلما وصل إلى مرحل التسوية والكمال أخبرهم الله تعالى حينها أن سيجعله خليفة في الأرض والخليفة في لسان القرآن تشير إلى المعوض لمن قبله في المهمة أو المرتبة وليس الحاكم كما فسر البعض بناء على هذا النص
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ (26)  سورة ص
و الذي يشير في الحقيقية لخلافة داوود لطالوت في ملك لبني إسرائيل و ليس للملك في حد ذاته
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)  سورة البقرة
تماما مثل ما خلف عاد قوم نوح و خلف ثمود عاد في الحكم على الأرض
 أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)  سورة الأعراف
وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)  سورة الأعراف
و مثل ما عوض هارون أخاه موسى على رأس بني إسرائيل
وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)  سورة الأعراف
و كما خلف ورثة الكتاب أسلافهم في حمل الرسالة
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)  سورة الأعراف
و حتى المال أشير إليه في القرآن بالخلافة في وصف  لتعويض الله للأموال المنفقة بأموال أخرى
 قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)  سورة سبأ
و بطبيعة الحال كان الإنسان معوض لملائكة الأرض (الجن) في تسيير الأرض وحكمها فجاء اعتراض الجن على هذا القرار بتعجب كبير كيف يستخلفهم الله هم الذي ظلوا يطيعونه و يسبحون له ليل نهار بمخلوق يسفك الدماء و يفسد في الأرض
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)  سورة البقرة
و طبعا تم إقناعهم بعد أن أظهر لهم الرحمن الحكمة خلافة البشر
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)  سورة البقرة 
ثم جاء أمر السجود لملائكة الجان بمعنى الخضوع للإنسان في هذه الأرض المعنى الذي سبق توضيحه في مقال
 و لا علاقة لبقية الملائكة بالأمر...فسجدوا جميعا 
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)  سورة الكهف
بإستثناء إبليس التي غلبت عليه طبيعته كجان في تلك اللحظة فقوله تعالى كان من الجن لا يعني بالضرورة أن الآخرين لم يكونوا من الجن بل أنهم إلتزموا بدورهم كملائكة عكس إبليس الذي طغت عليه عصبيته لجنسه على حساب الدور المكلف بتأديته
مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)  سورة الأعراف 
 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)  سورة الإسراء
و بعد انتهاء دورهم في تسير الأرض الذي كان في حقيقة الأمر هو تهيئتها لظهور الإنسان وتسليم المشعل لهذا الأخير انتهى في نفس الوقت دورهم كملائكة وبالتالي أصبحوا ممنوعين من الاستماع لأخبار الملأ الأعلى وهذا أمر عادي و مألوف في كل وظيفة 
ثم أسس إبليس جيل جديد من شياطين الجن العصاة الذين جاؤوا من نسله وهذه قصة أخرى
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)  سورة الكهف
و الغريب أن نصوص كتاب الصابئين وصفت الملائكة الذين سجدوا لآدم والذين ينتمي إليهم إبليس بملائكة النار و قامة بفصلهم عن ملائكة السماء و الذين وصفوا أيضا بالأثيريين أو ملائكة النور في نفس الكتاب 
و قد وصف الجن في التراث المسيحي اليهودي بالملائكة الساقطة أو الشياطين
وتبقى هذه بداية لفهم طبيعة هذا المخلوق المغيبة عنا لحد الساعة