أهمية التفريق بين الصفات والأسماء في القرآن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



يقول رب العزة فيه كتابه المبين
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4) سورة إِبراهيم
والرسول محمد لا يخرج عن القاعدة
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) سورة الدخان
وبدل أن نسعى لتعلم وإتقان اللسان الذي نزل به القرآن والانصهار التام في كل صغيرة وكبيرة من خصائصه حتى يتسنى لنا فهمه حق الفهم...يقوم العديد من الناس بتجاهل هذه الحقيقة البالغة الأهمية والإصرار على تدبر القرآن بلسانهم المعاصر وهو ما يبعدهم في بعض الأحيان عن أبسط وأوضح الحقائق القرآنية ومن أبرز الأمثلة على ذلك خلط العديد من الناس بين الصفات التي تدل على حقيقة الأفراد وبين التسميات الطائفية التي كان يتعارف بها الأقوام في زمن البعثة...وهو ما قد يؤدي إلى استشكال فهم العديد من النصوص كتلك التي تدعوا الذين آمنوا إلى الإيمان وتحذرهم من الكفر
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) سورة النساء
الإشكال الذي نلمسه منذ أيام السلف الذين اضطر بعضهم إلى نسب عبارة الذين آمنوا لليهود والنصارى
{ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } : بِمَنْ قَبْل مُحَمَّد مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه . { آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله } يَقُول : صَدِّقُوا بِاَللَّهِ , وَبِمُحَمَّدٍ رَسُوله , أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول مُرْسَل إِلَيْكُمْ وَإِلَى سَائِر الْأُمَم قَبْلكُمْ . { وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله } يَقُول : وَصَدِّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّد مِنْ الْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَهُ اللَّه عَلَيْهِ , وَذَلِكَ الْقُرْآن . { وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل } الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ , فَإِنَّكُمْ لَنْ تَكُونُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ وَأَنْتُمْ بِمُحَمَّدٍ مُكَذِّبُونَ , لِأَنَّ كِتَابكُمْ يَأْمُركُمْ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ , فَآمِنُوا بِكِتَابِكُمْ فِي اِتِّبَاعكُمْ مُحَمَّدًا , وَإِلَّا فَأَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. فَهَذَا وَجْه أَمْرهمْ بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ ,
القراءة التي حتى لو سلمنا باستقامتها في ما يخص وصف أتباع الرسائل السابقة بالمؤمنين لعدم تعارضه مع دعوتهم للإيمان بخاتم النبيين والرسائل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ (136) سورة النساء
وأيضا في ما يخص دعوتهم للإيمان بكتبهم السابقة (في ما يخص النبي الأمي عند مجيء تأويله) لعدم تعارضها مع إيمانهم المسبق ببقية ما جاء فيها
آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ (136) سورة النساء
فيبقى الإشكال في ربط إيمان وكفر المعنيين بالخطاب ببعض القواسم المشتركة بين القرآن وكتبهم السابقة كالإيمان بالملائكة واليوم الآخر
وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) سورة النساء
والتي يفترض إيمانهم بها قبل نزول القرآن وعدم الحاجة لذكرها وربطها بالإيمان بخاتمة الرسالات...وحتى لو قمنا بالتغاضي عن هذا المعطى في هذا الموضع...فكيف السبيل لإسقاط نفس المعنى على جميع النصوص المماثلة وحصر إيمان من وصفوا بالذين آمنوا بالإيمان بالرسائل السابقة في ظل ربطها لمسألة الإيمان بما ورد في الكتب السابقة كمسألة أكل الربا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) سورة البقرة
الذي تم النهي عنه بالذات في نفس رسائل الأولين ؟
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ (161) سورة النساء
الإشكال الذي نلمسه حتى في تسميات أتباع هذه الرسائل كتسمية الذين هادوا التي تشير إلى التوبة والعودة إلى الله تعالى
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ (156) سورة الأَعراف
ومع ذلك فقد شملت حتى الكفار الذين يصدون عن سبيل الله ويقترفون أكبر الجرائم
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) سورة النساء
نفس الشيء بالنسبة لتسمية النصارى التي تشير في الأصل إلى نصرة الله تعالى
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) سورة آل عمران
ومع ذلك فقد شملت حتى المشركين من عبدة المسيح
وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) سورة التوبة
مما يدل على حديث النصوص عن الأسماء التي كانت تتعارف بها الطوائف في لسان قوم الرسول الذي نزل به القرآن رغم عدم تعبيرها في عن حقائق الأشياء كما يتجلى بوضوح في قول
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) سورة البقرة
الذي يستحيل أن يدل على صفات خاصة بكل طائفة كون الذين آمنوا كانوا أيضا من الذين هادوا من الناحية العملية
وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) سورة الحج
وأيضا من النصارى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ (14) سورة الصف
لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ (117) سورة التوبة
والعكس صحيح
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ (160) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ (162) سورة النساء
قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) سورة آل عمران
وبالتالي وجب التمييز بين المؤمنين لقبا
لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (41) سورة المائدة
وبين المؤمنين فعلا
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (74) سورة الأَنْفال
وبين المؤمنين برسالة القرآن
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
وبين أفراد المجتمع الي أنشأه النبي محمد
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) سورة الصف
الذي كان يشمل الكفار المنافقين أيضا الذين كانوا مؤمنين ظاهريا
بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) سورة النساء
الاختلاف الذي حير العديد من الباحثين الذين لم يجدوا تفسيرا منطقيا لاستمرار تسمية القرآن لمن آمن بالنبي الأمي من أتباع الرسائل السابقة بأهل الكتاب
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ (199) سورة آل عمران
أو الذين هادوا
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ  (160) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ (162) سورة النساء
أو النصارى ويقول أنهم أقرب مودة للذين آمنوا رغم أنهم أصبحوا مؤمنين برسالة القرآن
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) سورة المائدة
والسبب أنهم على الرغم من إيمانهم برسالة القرآن فقد احتفظوا بهويتهم وتسميتهم الطائفية سواء بالنسبة للذين هادوا أو للنصارى لأنهم ضلوا في أحضان أقوامهم ولم يلتحقوا وينخرطوا في مجتمع المؤمنين الجدد الذي أنشأه النبي محمد في مرحلة ما بعد الهجرة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) سورة الأَنْفال
والذي كان يلقب أفراده بتسمية الذين آمنوا ويخاطبون بعبارة يا أيها الذين آمنوا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ (8) سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) سورة آل عمران 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) سورة البقرة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ (29) سورة النساء
العبارة التي لا نجد لها حس ولا أثر في سور ما قبل الهجرة حين كان المؤمنون أفرادا في أقوام النشأة
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) سورة الزخرف
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) سورة الأَنعام
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) سورة الفرقان
وبالتالي فقد ظل من آمن من أهل الكتاب بالنبي محمد دون الانخراط في مجتمعه من الذين هادوا والنصارى من الناحية القومية بغض النظر عن معتقداتهم على خلاف من انخرط من أهل الكتاب في مجتمع المؤمنين والذين أصبحوا يعرفون بتسمية المؤمنين شأنهم شأنهم الأميين التسمية التي إن كانت في الأصل تشير إلى الجهل بمحتوى الكتب السماوية
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) سورة سبأ
إلا أنها أصبحت تسمية قومية تشير للأقوام التي لم تؤتى الكتاب
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا (20) سورة آل عمران
رغم علم بعض أفرادها بمحتوى الكتاب
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ (91) سورة الأَنعام
شأنها شأن تسمتي أهل الكتاب والذين أوتوا الكتاب الشاملة حتى للأفراد الذين كانوا يجهلون علم الكتاب في مجتمع أهل الكتاب
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) سورة البقرة
بل حتى تسمية بني إسرائيل نفسها الذي يعتقد العديد أنها تسمية عرقية خالصة فقد أصبحت مع مرور الزمن تسمية طائفية حصرية وخاصة بالذين هادوا من بني إسرائيل الذين كانوا هم الأصل والتسمية الأولى التي أطلقت على بني إسرائيل عند خروجهم من مصر وإتيانهم الكتاب في زمن النبي موسى
وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ (156) سورة الأَعراف
وهو ما يفسر اقترانها بالذات بطائفة الذين هادوا أتباع التوراة
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا (44) سورة المائدة
عكس بقية الطوائف المنشقة والمنفصلة عنهم كالنصارى الذين لم يخاطبوا بتسمية بني إسرائيل في أي نص من من نصوص القرآن رغم انتمائهم لبني إسرائيل من الناحية العملية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ (14) سورة الصف
شأنهم شأن قوم محمد الذين تشير كل المؤشرات القرآنية إلى انتمائهم في الأصل لقوم موسى أو على الأقل للأجيال الإسرائيلية القريبة منه التي انشقوا وانفصلوا عنها قبل تنزيل التوراة وبعثة باقي أنبياء بني إسرائيل في المرحلة التي لم يكن فيها سوى كتاب موسى الذي تم تذكيرهم به في أكثر من صن قرآني
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) سورة هود
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) سورة القصص
والذي ظل محتكرا من طرف رجال الدين منهم حتى حقبة تنزيل القرآن
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ (91) سورة الأَنعام
ومع ذلك فلم يوصفوا أو يخاطبوا بتسمية بني إسرائيل في أي نص من نصوص القرآن مثلما لم يخاطبوا هم وبقية طوائف بني إسرائيل ببني نوح رغم انتمائهم جميع لذريته 
وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) سورة الصافات
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) سورة يس
ببساطة لأن هذه التسمية لم يعد لها وجود في زمن تنزيل القرآن هذا إن كان لها وجود من الأساس في وقت من الأوقات
وبالتالي وجب الانتباه جيدا عند تدبر النصوص حتى لا نقوم بالخلط بين الأسماء والأوصاف ونسقط أخطاءنا على كتاب الله ونجعله عرضة للتناقض كما هو الشأن مع القراءات التي يوحي ظاهرها بعد انتماء قوم النبي لبني إسرائيل عرقيا
سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ (211) سورة البقرة
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ (101) سورة الإسراء
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) سورة الشعراء
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ (10) سورة الأَحقاف
الأهمية التي ستتجلى بوضوح في المقال القادم الذي سأعرض فيه بإذن الله التخبط الكبير لعدد من الباحثين في مسألة إيمان وتكفير أهل الكتاب بسبب إغفالهم لهذا المعطى البالغ الأهمية
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم

تعليقات