هل أمر القرآن بعبادة جبريل ؟ الجزء الأول

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



من أعظم النعم التي أنعم بها الرحمن على عباده في زمننا المعاصر نعمة تدبر القرآن خارج نطاق الموروث حيث أصبحنا نرى العديد الأبحاث الساعية لتدبر وفهم كتاب الله وإدراك حقيقة آياته البينات بتجرد عن ما توارثه الناس من أفكار مسبقة...لكن على الرغم من إيجابيات هذه النعمة التي لا تعد ولا تحصى فتبقى سلاح ذو حدين إن سيء استخدامها بل قد تنتج عن أفكار أكثر خطأ وأشد خطورة من أفكار التراث إن لم توضع لها ضوابط ومعايير علمية ثابتة كما هو الشأن مع أحد الأبحاث الذي زعم دعوة القرآن لعبادة جبريل واتخاذه ربا والتي إن كانت في ظاهرها تزعم عدم الدعوة للشرك بالله إلا أنها على أرض الواقع تدعو لقمة الشرك بجعلها لجبريل ربا وسيطا لعبادة الله تماما مثلما زعم الأولون
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) سورة الزمر
ظهرت في الآونة الأخيرة على النت سلسلة بعنوان ربنا جبريل مكونة من مجموعة من الحلقات تسعى للإقناع الناس بدعوة القرآن لعبادة جبريل من خلال محاولة ترسيخ مجموعة من القراءات الخاطئة لكتاب الله دون الالتفات للكم الهائل من الدلائل القرآنية والمنطقية النافية للأمر 
أول خطأ سقط فيه صاحب البحث هو طرح هذا الادعاء الشديد العظم والخطورة كحقيقة مسلمة لا تقبل الجدل وتكفير من لم يؤمن بجبريل ربا مع الله ووصفه بفساد العقيدة...بدل عرض ما توصل إليه من قراءات من باب التساؤل المطروح للنقاش والبحث عن الحقيقة لأنه مهما بلغ علم الإنسان فيبقى قابل للخطأ والتصحيح ولهذا السبب أوجد شيء اسمه علم النقد الذي يبقى من الأدوات الأساسية للحكم على أي بحث علمي بالنجاح أو الفشل لأن في العديد من الأحيان تكون المظاهر خادعة وقد تكشف الملاحظات والقراءات الغائبة ما قد يقلب المعاني والأمور رأسا على عقب
ثاني خطأ اقترفه صاحب الطرح اغفاله لأحد أهم القواعد القرآنية والمنطقية ألا وهي ضرورة التصريح بشكل واضح وقطعي بالعقائد الرئيسية في كتاب الله وعدم تركها للظن والاستنتاج كما هو الشأن مع توحيد وعبادة الله والإحسان للأقارب والضعفاء
وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) سورة النساء
وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة الخ
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)  سورة البقرة
والتي ذكرت بصريح العبارة وتكررت عشرات المرات في مختلف السور والمواضع حتى لا يكون للناس على الله حجة عدم الفهم يوم القيامة...وبالتالي كلما عظم الادعاء كلما استلزم دلائل أكثر سطوعا من الشمس كما هو الشأن مع فكرة ربوبية جبريل الذي لو أراد الله تعالى منا أن نعبده بالفعل لذكر ذلك بصريح العبارة ولوجدنا عشرات النصوص تأمر بعبادة جبريل حرفيا....اعبدوا جبريل ولا تشركوا به شيئا...مثلما أمرنا في عشرات النصوص بعبادة الله
وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (36) سورة النساء
اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ (72) سورة المائدة
ولوجدنا عشرات النصوص التي تذكر ربوبية جبريل حرفيا...إن ربكم جبريل الذي خلق...مثلما نجد العديد من النصوص التي تذكر ربوبية الله
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) سورة الفاتحة
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ (54) سورة الأَعراف
أو ينسب الكتاب لجبريل مؤلفه المزعوم ويقال...كتاب جبريل...مثلما وصف بكتاب الله
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ (29) سورة فاطر
أو ينسب العباد لجبريل حرفيا ويقال...عبد أو عباد جبريل...مثلما قيل
إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (40) سورة الصافات
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) سورة مريم
أو أضعف الإيمان أن نجد نصوص تدعوا لطاعة جبريل...أطيعوا جبريل والرسول...مثلما أمر بطاعة الله والرسول في عدة مواضع
قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) سورة آل عمران
بل أننا لن نجد حتى عبارة أطيعوا الرب والرسول على افتراض وصف جبريل بالرب كما زعم صاحب الفكرة...ورغم أن هذه المعطيات كفيلة لوحدها بدحض الفكرة من أساسها وتبيان استحالتها منطقيا وقرآنيا إلا أن الطريقة التي عرضت بها بإظهار أنصاف الحقائق قد توحي بصحتها وحجيتها لمن ليس له دراية وإطلاع على محتوى القرآن الذي ينفي كل شيء فيه هذه الفكرة الشاذة عقائديا
قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ (164) سورة الأَنعام
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) سورة يوسف
لذلك استلزم التوضيح والتصحيح ليس فقط للمتابعين بل حتى لصاحب الطرح لعله يهتدي ويتراجع عن هذه الفكرة التي ستجعله يحمل أوزار كل من أضلهم بغير علم في حالة خطئه
تقوم الفكرة بالأساس على القراءة  الظنية لصاحب البحث لبعض النصوص أبرزها نص سورة النجم الذي اعتبره دليلا قطعيا على ربوبية جبريل لمحمد وبالتالي لجميع البشر رغم عدم ذكر اسم جبريل في نصه من الأساس
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) سورة النجم
والذي وإن كنت متفقا مع كونه شديد القوى الذي علم محمد القرآن إلا أن ذلك لا يعني أنه رب محمد الذي أوحى إليه بل كان صلة الوصل لوحي الرحمن الذي أوحى إلى جبريل ما أوحى إلى محمد وهو ما يؤيده استعمال فعل أوحى مرتين
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى عَبْدِهِ جِبْرِيلَ مَا أَوْحَى إِلَى مُحَمَدَ (10) سورة النجم
والسبب إغفال أسلوب الحذف في لغة القرآن الذي استعمل في العديد من المواضع بهدف الاختصار وتجنب ذكر وتكرار ما هو معلوم وبديهي وكمثال مشابه قول
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) سورة آل عمران
الذي لو طبقنا عليه نفس فهم وقراءة صاحب الفكرة لصار النبي محمد هو من أثاب المؤمنين غما بغم وليس الله
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ اللهُ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) سورة آل عمران
نفس الأسلوب التي تم إغفاله في قول
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) سورة الشورى
فتم نسب قول محمد لجبريل
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ قُلْ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) سورة الشورى
والذي اعتبره صاحب البحث دليلا قاطعا على أن جبريل هو المتحدث لاستحالة أن يكون الله رب نفسه واستنادا على ذلك جعل من جبريل هو المتحدث والمؤلف الحقيقي للقرآن وليس الله متحججا بغياب الخطاب المباشر من الرحمن إلى الرسول أو إلى البشر في نصوصه...أنا الله فاعبدني أو اعبدوني...عكس النبي موسى الذي خاطبه الله بشكل مباشر وقال له بصريح العبارة
إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) سورة طه
لكن مهلا أليس نفس الرب الذي نادى موسى من جانب الطور هو من خاطب محمد أيضا في نصوص القرآن ؟
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) سورة القصص
فهذه هي مشكلة مثل هذه الأبحاث التي لا ترى من النصوص إلا ما تريد أن ترى وتبني قناعات شديدة الخطورة انطلاقا من قراءتها الظنية لبعض النصوص فتجعل من جبريل رب العالمين الذي يستلزم العبادة
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) سورة الأنبياء
والتقوى
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) سورة المؤمنون
وتدعي أنه كلما قراءنا مصطلح الرب في القرآن وإلا وكان المقصود جبريل
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) سورة البقرة
باستثناء النصوص التي ربطت المصطلح بربوبية البشر
قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ (23) سورة يوسف 
أو ربوبية الله
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ (54) سورة الأَعراف
ليخرج صاحب البحث بعقيدة جديدة تدعي ترك الله تعالى خلق وتسيير الدنيا لجبريل حتى لا تنسب الدنيا بنواقصها وعيوبها للرحمن المتنزه عن النقص والعيب حسب وصفه
الفكرة التي تجلي في حد ذاتها مدى تناقض هذا الطرح لأنه مهما بلغت صلاحيات جبريل فستظل خاضعة لمشيئة الله علام الغيوب وبالتالي لا يمكن نفي نواقص الحياة الدنيا المزعومة عن الله تعالى
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25) سورة النجم
الذي سواء تدخل مباشرة أو أوكل الأمر لأحد عباده 
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) سورة السجدة
فسينسب إليه العمل في جميع الأحوال
اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا (42) سورة الزمر
وتبقى الحالة الوحيدة التي لا يمكن فيها نسب الأمر لله هي أن يستقل عمل جبريل عن مشيئة الله وهو ما تم نفيه في الحلقات الموالية من طرف صاحب البحث الذي أكد رجعة جميع أعمال جبريل والملائكة لله
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ (123) سورة هود
والذي لم يدرك الحكمة الحقيقة من خلق ما وصفه بالنواقص التي تدخل في إطار كمال ومثالية الاختبار والابتلاء
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) سورة الملك
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) سورة الأنبياء
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) سورة البقرة
والذي لم يكتفي بجعل رب وسيط بيننا وبين الله بل قام بتبرئة شرك المشركين في القرآن 
بزعمه أن شركهم الحقيقي يكمن في جعلهم لجبريل (رب الدنيا المزعوم) سقفا لعبادتهم ودعائهم بدل الله وليس في اتخاذهم أربابا وسطاء استنادا على قراءته لقول
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) سورة الإسراء
لأنهم لم يكونوا بحاجة لله رب الآخرة حسب زعمه لعدم إيمانهم بها من الأساس
وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) سورة الإسراء
وأن العقيدة الصحيحة هي أن نتخذ في الدنيا ربا وسيطا (الوسيلة) إلى الله 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) سورة المائدة
والتي تبقى قراءة بعيدة كل البعد عن واقع النصوص التي تحدثت في حقيقة الأمر عن ابتغاء الملائكة الذين كان يعبدهم مشركي البعثة
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ (20) سورة الزخرف
الوسيلة إلى الله وليس ابتغاء مشركي البعثة الوسيلة إلى جبريل 
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) سورة الإسراء
كما سيتبين في مواضع أخرى أن نفس المشركين كانوا يجعلون  الله سقفا لعبادتهم وليس جبريل ويجعلون شركاءهم وسطاء لله وليس لجبريل
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى (3) سورة الزمر
الذي لو كان هو الرب المقصود في نصوص القرآن لاعترضوا على الأمر وقالوا أألهتنا خير أم هو مثلما فعلوا مع المسيح
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ (58) سورة الزخرف
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد بل قام صاحب البحث بحصر مفهوم عبادة الله في التوحيد ونسب شريعة القرآن من أوامر ونواهي وشعائر لعبادة جبريل الادعاء الذي بغض النظر عن خلطه بين مفهوم الإيمان بالله وعبادة الله الشاملة لأوامره التشريعية
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) سورة الأَعراف
فسرعان ما سينكشف بطلانه من سياق نفس النصوص التي تم الاستشهاد بها لنسب أمور الشريعة لجبريل كالوصايا العشر التي تم نسبها لما وصفه بالرب جبريل
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) سورة الأَنعام
والذي لم يدرك أن وصفه لها بالصراط المستقيم هو أول من يشهد بدخولها في إطار عبادة الله
وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) سورة مريم
وأن المحرم والمشرع هو الرحمن رب العباد
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) سورة الأَنعام 
ألا تشركوا به وليس بالله...ورغم محاولة صاحب البحث نسب العبارة لجبريل والزعم أنها تدعو لعدم إشراك شرائع بشرية مع شرائع جبريل إلا ان الصيغة التي تكررت بها في سياق سورة الإسراء
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (23) سورة الإسراء
لا تدع مجالا للشك في كون الرب المعبود هو الله لاستحالة أن ينهى جبريل عن عبادة سواه والذي سيعد نهيا عن عبادة الله ! والذي يؤكد في نفس الوقت نهي رحمن عن عبادة سواه بما في ذلك جبريل
ففي مثل هذه الأبحاث تكون الغاية معلومة منذ البداية وتبقى النصوص القرآنية مجرد وسيلة لخدمتها من خلال وضع معايير على مقاسها وكمثال تعريف وصف الكريم الذي بدل اعتماد المعنى الأقرب للواقع والمرتبط بمصطلح الكرم المشتق منه
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ (21) سورة يوسف
تم الزعم بأن مفهوم الكريم هو المتفرد حتى يتم التمييز بين العرش الكريم الذي تم نسبه بوضوح لله العظيم
فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) سورة المؤمنون
وبين العرش العظيم حتى يتم نسبه لجبريل في قول
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) سورة المؤمنون
وحجته في ذلك استعمال مصطلح لله بدل الله زاعما أنه يدل على امتلاك الله لجبريل رب العرش
دون أن يدري أنه جعل السؤال المطروح
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سورة المؤمنون
بدون جواب لعدم ذكر هوية الرب والاكتفاء بذكر عبوديته المزعومة لله
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) سورة المؤمنون
بالإضافة لاستحالة نسب مشركي البعثة المجيبين على السؤال الربوبية لجبريل من الأساس كما سبق التوضيح...ورغم العراقيل العديدة لأطروحات صاحب البحث كنسبة العرش العظيم لله أيضا في مواضع أخرى
اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) سورة النمل
إلا أن إصراره على فكرته دفعه لاختلاق معايير جديدة في كل مرة والزعم بربوبية كل من الله وجبريل للعرش العظيم رغم عدم ذكر القرآن لوجود ربان للعرش العظيم...بدل الاعتراف بالحقيقة البسيطة والواضحة ووضح الشمس بأن الكريم والعظيم صفتان لنفس العرش
قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سورة الإسراء
لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) سورة الأنبياء
ونفس الخطأ تكرر في قراءته لقول
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) سورة المؤمنون
وهذه المرة بجعل الملكوت لجبريل والملك لله
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) سورة الملك
ليبقى السؤال المطروح هل لا يستطيع الله أن يجير على جبريل ؟!
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ (88) سورة المؤمنون
هذا ما يحدث عندما يتم تجاهل البديهيات والتركيز على الجزئيات الظنية دون النظر إلى احتمالية أن تكون مجرد أخطاء نساخ أو أسلوب لغوي كما هو الشأن مع قول
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر
الذي زعم أن المقصود به هم عباد محمد وليس عباد الله رغم عدم وصف المؤمنين بعباد الرسول أو وصف الرسول بربهم في أي نص من نصوص القرآن سواء بالنسبة لمحمد أو لبقية الأنبياء بل على العكس
وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80) سورة آل عمران
وبطبيعة الحال عندما يبنى الأساس على فكرة شاذة عن واقع النصوص فلا يمكن لها أن تنتج إلى أفكار أشد غرابة وبعدا عن الحقيقة كما هو الشأن مع زعم صحاب البحث بوجود جنة ونار أرضيتين لجبريل يدخلهما الإنسان بعد مماته تسبقان جنة ونار يوم القيامة وحجته في ذلك طلب الكفار إرجاعهم للحياة الدنيا في نار جبريل المزعومة مما يدل على وجودها في نفس الوقت وعدم تدميرها بعد استناد على قول
رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) سورة المؤمنون
كأنهم لا يعلمون أن الله القادر على كل شيء بقادر على أن يعود بهم في الزمن ليس فقط إلى الحياة الدنيا بل إلى نفس اللحظة التي ماتوا فيها...أصلا لو لبثوا في جنة جبريل المزعومة خلدا غير أبدي حسب قراءة صاحب البحث
وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) سورة الأنبياء
لما أقسموا أنهم لم يلبثوا غير ساعة
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ (56) سورة الروم
ورغم قطعية النصوص في كون الله هو المتحدث في الوحي المنزل إلى الأنبياء 
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) سورة الأنبياء
إلا أن الإصرار على نفس الفكرة دفع صاحب البحث عن اختلاق المزيد من المعايير الظنية خدمة لها وهذه المرة بالزعم بحديث جبريل نيابة عن الله بحجة استعمال مصطلح أنه
 إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) سورة الأنبياء
 بدل إنني التي استعملها الله تعالى عند خطابه المباشر لموسى
إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) سورة طه
دون أن يدري استعمال نفس مصطلح أنه عند تكرار نفس الخطاب الإلهي المباشر لموسى بصيغة مختلفة في موضع أخرى
يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) سورة النمل
ولأن الشواهد القرآنية على بطلان فكرة ربوبية جبريل عديدة بما في ذلك قصة موسى كما سبق التوضيح فقد اضطر صاحب البحث لإقحام جبريل في الموضوع وهذه المرة بالزعم بأنه على الرغم من تكليم الله لموسى بشكل مباشر إلا أنه قام بذلك بواسطة جبريل !؟ ليصير خطاب الله لموسى غير مباشر في حقيقة الأمر حتى يتسنى نسب كلام موسى مع الرب
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ (143) سورة الأَعراف
إلى جبريل بدل الله تعالى
وحجته في ذلك تجريم القرآن لطلب البشر رؤية الله استنادا على قول
يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ (153) سورة النساء
وبالتالي استحالة طلب موسى نفس الطلب من الله واستحالة عدم غضب الله منه
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (143) سورة الأَعراف
دون أن ينتبه هنا أيضا إلى كون الجرم الحقيقي ليس في طلب رؤية الله بل في اشتراط الإيمان برؤية الله وهناك فرق شاسع
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) سورة البقرة
نفس الشيء بالنسبة لمسألة رؤية الله في الآخرة
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) سورة القيامة
التي زعم استحالتها بحجة أن الله لا يحده زمان ومكان وإذا رأى الإنسان الله  أمامه فهذا يعني أنه غير متواجد خلفه وبيمنه وشماله الخ دون أن يدرك الاختلاف الكلي لبصر الإنسان في الآخرة ولامحدوديته
قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) سورة الصافات
وهنا أستحضر بعض شهادات الاقتراب من الموت التي أكد أصحابها رؤيتهم للأشياء بزاوية 360 درجة عند خروجهم من الجسد
أصلا لو أكمل سياق تكليم الرب لموسى لأيقين أن الله هو المتحدث وليس جبريل
وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) سورة النساء
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) سورة الأَعراف
والمفارقة أن نفس النصوص التي استشهد بها على ربوية جبريل هي أول من تنفي الأمر كقول
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات
الذي حصر غاية خلق جبريل المزعوم للجن والإنس في عبادته وليس في عبادة الله والذي كان يستلزم أن يقول
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ 
ما دامت الغاية من عبادة جبريل المؤقتة هي عبادة الله حسب زعم صاحب الطرح الذي عندما حاججه البعض بنهي القرآن عن عبادة الملائكة والنبيين
وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80) سورة آل عمران
حاول التمييز بين ربوبية جبريل وروبية الملائكة والنبيين بعد أن كان قد شبه بينهما في ما قبل نافيا انتماء جبريل للملائكة من الأساس بحجة عطف الملائكة على جبريل في قول
فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) سورة التحريم
رغم عدم دلالة العطف بالضرورة على المغايرة في لغة القرآن واستعماله في العديد من الحالات لتمييز الأفراد عن نفس جنسهم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (73) سورة التوبة
وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ (6) سورة الأحزاب
وبالأخص عدم الإشارة إلى وجود رسل من دون الملائكة والناس في كتاب الله
اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) سورة الحج
ويبقى السؤال المطروح إن كان جبريل ليس من الملائكة ورب العرش العظيم لماذا لم يذكر الإيمان به مع بقية أركان الإيمان التي تشمل الإيمان بالملائكة ؟
وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ (177) سورة البقرة
ولماذا لم تذكر شهادته على وحدانية الله إلى جانب شهادة الملائكة ؟
شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ (18) سورة آل عمران
ولماذا لم تذكر شهادته على تنزيل الله للقرآن إلى جانب شهادة الملائكة ؟
لَكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا (166) سورة النساء
ولماذا لم تذكر لعتنه على الكفار إلى جانب لعنة الملائكة ؟
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) سورة البقرة
وعندما ذكر البعض تعارض رؤية محمد لجبريل مع زعم صاحب البحث بعدم قدرة موسى على رؤيته لجأ إلى حل وسط بالادعاء بأن رؤية محمد لجبريل كانت جد بعيدة وغير واضحة
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) سورة التكوير
عكس موسى الذي طالب  بالنظر (التحديق في التفاصيل حسب تعريفه للمصطلح) وليس مجرد الرؤية
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (143) سورة الأَعراف
رغم أن العكس هو الصحيح وأن النظر لا يحقق بالضرورة الإبصار وإدراك حقيقة الأشياء
وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) سورة الأَعراف
والذي يدخل في إطار الرؤية التي تشير إلى إدراك حقيقة الأشياء سواء عن طريق الإبصار 
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي (40) سورة النمل
أو بطرق أخرى
أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) سورة النجم
والدليل أن الرحمن قال لموسى لن تراني وليس لن تنظرني
قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (143) سورة الأَعراف
أصلا ما الحكمة في ذكر رؤية الرسول لجبريل إن لم تكن رؤية واضحة مثل رؤيته لبقية الآيات ؟
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) سورة النجم
لكن الأعجب من كل ذلك هو الزعم بدعوة القرآن المبين أصلا 
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) سورة الحجر
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) سورة الحج
لتبيان معاني ما أبهم من كلماته في معاجم اللغة التي تبقى مجرد مرآة لقراءات السلف الخاطئة لكتاب الله كما سبقت التوضيح في أكثر من مناسبة
كل ذلك ليثبت بعد المسافة بين الرسول وجبريل عند الرؤية رغم ذكر القرآن للعكس
وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) سورة النجم
ووصف الأفق الذي تجلى فيه جبريل بالمبين
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) سورة التكوير
ثم استعرض صاحب البحث ما اعتبره دلائل قرآنية على اختلاف قدرات الله الكلي القدرة عن قدرات جبريل المحدودة على حد وصفه دون أن يدرك أنه يتهم الله تعالى بالمحدودية وأبرز مثال اختلاف موقف الشيطان مع الله الذي صرح بخوفه منه
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) سورة الحشر
عكس موقفه الوقح مع جبريل الذي جعله صاحب البحث هو الخالق في قصة آدم 
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) سورة ص
وهي قراءة أبعد ما تكون عن الواقع لاعتمادها لقول الشيطان للإنسان كحقيقة تقاس عليها الأمور...لأنه لو كان يخاف الله كما ادعى  لما أمر بالكفر وسعى لتضليل الإنسان
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) سورة الأَنعام
ولما عصى الرحمن
يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) سورة مريم
وحكم على نفسه بالخلود في جنهم 
وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) سورة الجن
ليبقى السؤال المطروح لأي رب قال إبليس 
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص
لجبريل أم لله تعالى الرب الوحيد للعالمين ؟
وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) سورة النساء
وحتى يقنع المشاهد أن جبريل من طرد إبليس وليس الله ادعى وجود ما أسمه بالمجلس الأعلى للملائكة الذي يرأسه جبريل والذي زعم تعريفه بالملأ الأعلى الذي استغل مستغلا ذكره مباشرة قبل قصة آدم في سورة ص
مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) سورة ص
رغم إشارة المصطلح لأهل النار في حقيقة الأمر
إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) سورة ص
لانتماء الجنة والنار لسماء أرض المخاطبين في النصوص
وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) سورة الذاريات
وبالإضافة للعب على الكلمات واستغلال اختلاف وتنوع صيغ الخطاب القرآني للزعم باختلاف معنى هو على هين 
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) سورة مريم
عن معنى أهون عليه 
وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (27) سورة الروم
حتى يقنع الناس باختلاف قدرات الله عن قدرات الرب
نفس الشيء بالنسبة لزعمه بتعارض نفي القرآن لرؤية الله بشكل مطلق
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) سورة الأَنعام
مع ما وصفه بتعلق الرؤية بتحمل الجبل
وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (143) سورة الأَعراف
رغم تأكيد نفس النص على عدم القدرة على رؤية الله تعالى
قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي (143) سورة الأَعراف
وعدم قدرة الجبل على التحمل
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا (143) سورة الأَعراف
هذا ما يحدث عندما لا يرى المرأ من النصوص إلا ما يريد أن يرى وخير مثال إغفاله لعدم ذكر كلمة قال 
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ قَالَ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ
في القول الذي نسبه لجبريل
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) سورة غافر
والذي زعم أنه رد مباشر للرب المخاطب لقول وطلب الكفار بأن الحكم في المسائل العقائدية ليس من اختصاص الرب المشرع بل الله المعني بجريمة الشرك...رغم كونه في حقيقة الأمر مجرد إشارة قرآنية إلى أن الحكم لله يوم القيامة لله وليس لما اتخذوه من شركاء
ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) سورة غافر
على خلاف السياقات التي تروي بالفعل حديث الرب مع الكفار يوم القيامة
أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) سورة المؤمنون
وهنا أتساءل جبريل أكثر وخير رحمة من الله تعالى ؟؟؟ وكيف أغفل صاحب البحث الذي بنى جزء كبير من بحثه بالذات على ورود مصطلحات قل قال وقالوا...أن يغفل عن عدم ذكر مصطلح قال في النص الذي استشهد به ؟ والذي حاول تعزيز قراءته الخاطئة له بقراءة مماثلة لقول
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) سورة يونس
الذي نسبه لجبريل وجعله كالآتي : إني أعلم يا محمد ما تعانيه من أذى الناس لكنني لا أستطيع التدخل لإراحتك وأن عليك الصبر حتى يحكم الله لأنني مهما تعاطفت معك فالأمر ليس بيدي في النهاية...ليعود نفس جبريل المتعاطف ويغير لهجته المتعاطفة حسب هذه القراءة ويقول
وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) سورة الأَنعام
وبطبيعة الحال من يرى أن هناك رب آخر يعبد من دون الله
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (23) سورة الإسراء
له شريعته الخاصة المقتصرة على الحياة الدنيا فلن يرى في هذا القول 
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) سورة الحجر
سوى تأكيدا على فكرته المسبقة بتوقف شريعة الرب الدنيوية مع الموت دون النظر إلى الاحتمال الأكثر بساطة وقربا لواقع النصوص بأن المقصود بعبادة وشريعة الرب هي ببساطة شريعة الله الدنيوية المختلفة عن شريعته الأبدية في الدار الآخرة
فكما نرى فلا وجود لأدنى دليل على ربوبية جبريل في كتاب الله الذي يشير كل شيء في نصوصه إلى بطلانها وفريتها ورغم كون  الدلائل التي تم تقديمها في هذا المقال كفيلة بدحض الفكرة من أساسها إلا أن خطورة الفكرة وسرعة انتشارها وتصديقها من طرف العديد فرض التطرق بالتفصيل لجميع حلقات السلسلة حتى لا يترك المجال لأية قراءة خادعة...ونظرا لطول السلسلة وكثرة الحلقات فقد ارتأيت تقسيم الموضوع على غير العادة إلى أجزاء حتى لا أطيل ولا أثقل على القراء
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم
يتبع بإذن الله

تعليقات

  1. السلام عليكم استاذ مسلم ...لدي سؤال بخصوص جزئية في ذلك الموضوع ..ولا اتذكر اذا حضرتك وضحتها في احد الثلاث مقالات ام لا لكن اتمنى توضيحها ..

    بخصوص من يقولون ان القران كلام جبريل وليس كلام الله ..كيف نرد عليهم
    وايضا هم يستدلون بأية ( أنه لقول رسول كريم ) ..كيف نرد عليهم بخصوص استدلالهم بهذه الآية

    أنا أتذكر أن حضرتك استدليت ب ( فأوحى إلى عبده ما أوحى )
    وكذلك وصف القران أنه ( كتاب الله ) استدليت بهما أن القران كلام الله

    لذلك أرجو أن توضح لي الآية التي يستدلون بها مع مزيد من التفصيل لو استطعت في تلك الجزئية

    وشكرا جزيلا لحضرتك على ما تقدمه من جهود 🙏

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم والسلام أخي الفاضل ولا شكر على واجب
      أعتقد أن النصوص واضحة في كون القرآن كلام الله
      وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ 👈كَلَامَ اللهِ (6) سورة التوبة
      سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا 👈كَلَامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ 👈قَالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ (15) سورة الفتح
      لكن للأسف هناك العديد ممن ينساقون وراء أي فكرة جديدة دون أدنى دراسة لكتاب الله...ووصف القرآن بأنه قول الرسول الذي قام بتبليغه والنطق به لا يغير من الحقيقة في شيء
      تحية طيبة ودمت بود

      حذف
  2. لوقراناسورة الأعلى لاوضحت لنا معنى لغويا تعلمناه خطأ أوقع الكثيرين في التباس وهوذكر الله لذاته في صيغة المفرد وأحيانا في صيغة الجمع وذلك للتفخيم وهذا هو الخطأ.
    أقول عندما خلق الله بالأسباب والقوانين لديه ذكر ذلك بصيغة الجمع وعندما خلق سبحانه بالأمر منه مباشرةذكر ذلك بصيغة المفرد.....سبح اسم ربك الأعلى. الذي خلق فسوىوالذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء اخوى...سنقرءك فلا تنسى....ونيسرك اليسرى...،،،والمعلوم ان المقروء لمحمد هو جبريل عليه السلام وهو سبب من الأسباب المخلوقة لمهمة يريدها كما أن الآباء والأمهات هم أسباب مخلوقة ليستمر بهم الخلق.
    إن كان جبريل رب فالشيطان أولى بالربوبية منه فقد ذكر بالقرآن الكريم تسع وتسعين مرة بين إبليس والشيطان وسبحان الله وتعالى عما يقولون ويشركون به علوا كبيرا

    ردحذف
  3. ثانيا....لعلمك يافراس ومن معك ان جبريل وهياكل وإسرائيل وعزراءيل والروح القدس ومن يعلمهم الله هم مخلوقات من الملائكة المقربين إلى الله، ،،،،،لن يستنكف المسيح والملائكة المقربون،،،،،أسماهم الله بالروح وذكرهم في ليلة القدر يتناولون فيها بعد نزول الملائكة اما يوم الحق يوم يقوم الروح والملائكة صفا......يقومون قبل الملائكة لرب السموات والأرض...،الواحد القهار
    كيف تدعو يا فراس إلى تعدد الارباب؟؟؟؟؟ ثم يأتي من بعدك من يجسمهم بأوثان وتماثيل واصنام!!! اتق الله ولاتكن مع عمرو بن لحي....

    ردحذف
  4. بارك الله فيك وحسبنا الله ونعم الوكيل في من يلبس لحق بالباطل

    ردحذف
    الردود
    1. تحية طيبة وشكرا على مرورك الكريم

      حذف
    2. تحية طيبة.. هل دعوى ربوبية جبريل له جذور في التاريخ الانساني أو الاسلامي؟ لقد سئل فراس المنير هل هناك من سبقه في دعواه من المسلمين فأجاب بعدم علمه بذلك.. وآنا حاولت مراجعة كتاب "الملل والنحل" لمعرفة إن كان هناك فكر سابق مشابه لفكر فراس منير فلم أجد .. فأرجو ممن عنده علم بهذا الخصوص أن يفيدنا لأهمية ذلك.. والسؤال ما الذي يجنيه فراس المنير من الموضوع على اعتبار حسن النية؟ انه شخص كما هو ظاهر شديد الذكاء ومثابر ومتعمق فلو كان يريد أن يقود الناس للخير فهل موضوع عبادة جبريل سيقود البشر والمسلمين للخير والفهم العميق للقرآن أم هي عاصفة في فنجان سرعان ما تنتهي؟

      حذف
    3. على حد علمي لا توجد جذور قديمة لهذا العقيدة الغريبة سواء عند أتباع رسالة القرآن أو بقية العقائد المجمعة على كون جبريل مجرد ملك من ملائكة الخالق حتى ظهور هذا الإفك المبين في زمننا المعاصر الذي شأنه شأن فكرة شاذة تلجب الأنظار وتنال الإعجاب فقد أصبح موضة شائعة...مع بعض التعديلات الخاصة لكل منبر للإيهام القارئ بالسبق والتمييز كما سبقت الإشارة في مقال
      https://onlycoran.blogspot.com/2023/04/blog-post.html
      وحسب سامر اسلامبولي أحد مروجي نفس فكرة وجود أرباب دون الله فإن فراس المنير لم يكن المؤسس الحقيقي للفكرة بل مجرد مقتبس قام بتشوييها لأغراض شخصية

      حذف

إرسال تعليق