القول الفصل في مسألة الذبيح

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


حتى وقت قريب لم يكن هناك مجال للشك ولو للحظة في كون إسماعيل هو الغلام المقصود في قصة الذبيح وأن نسب هوية الغلام للنبي إسحاق مجرد كذبة يهودية مختلقة لتمجيد سلفهم المزعوم على حساب سلف العرب...هذا ما تم تلقينا إياه منذ نعومة أظافرنا حتى صار الأمر من المسلمات التي لا تقبل الجدل
{ فبشرناه بغلام حليم } هذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام، فإنه أول ولد بشر به إبراهيم عليه السلام، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل في نص كتابهم أن إسماعيل ولد ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة، وولد إسحاق وفي عمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة، وعندهم أن اللّه تبارك وتعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده، وفي نسخة أخرى: بكره، فأقحموا ههنا كذباً وبهتاناً إسحاق ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم، وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم، وإسماعيل أبو العرب، حسدوهم
رغم عدم إجماع السلف أنفسهم على هوية الذبيح
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة رضي اللّه عنهم أيضاً، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مُسَلَّماً من غير حجة
حيث تم الاكتفاء بالرأي السائد (رأي الأغلبية) الذي لم يكن في يوم من الأيام معيارا لتحديد صحة ومصداقية المعلومات
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) سورة الأَنعام
وبالأخص عندما يكون الرأي السائد مستمدا في الأساس من نفس نصوص من يتهمونهم بالكذب والتزييف وطمس هوية الذبيح في أقصى تجليات التناقض والمغالطة المنطقية ! حيث اعتبروا وصف التناخ للنبي إسحاق بوحيد إبراهيم
سفر التكوين إصحاح 22
1 حَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الامُورِ انَّ اللهَ امْتَحَنَ ابْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا ابْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 2 فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ اسْحَاقَ وَاذْهَبْ الَى ارْضِ الْمُرِيَّا وَاصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى احَدِ الْجِبَالِ الَّذِي اقُولُ لَكَ»
خطأ مطبعيا ودليلا قاطعا على تحريف اليهود للنص الأصلي للتوراة وإقحامهم لاسم إسحاق (الذي لم يكن في يوم من الأيام وحيد إبراهيم) بدل اسم إسماعيل بكر إبراهيم الذي كان وحيده قبل إنجاب إسحاق بإجماع اليهود والمسلمين الحجة التي قد نتفهم صدورها من رجال الدين التراثيين...لكن ما لا يقبله عقل ولا منطق أن تتخذ من طرف من يدعون الحياد ويدعون ليل نهار لجعل القرآن حكما على الإجماع كحجة للحسم في قضية ظلت محل خلاف لقرون سواء بين المؤمنين والكتابيين أو حتى بين المؤمنين أنفسهم
وعندما تبنى الفكرة على أساس خاطئ منذ البداية فسيترتب عن ذلك حتما مجموعة من القراءات الخاطئة سواء لنصوص القرآن أو حتى لنصوص اليهود نفسها كما هو الشأن مع فكرة إنجاب إبراهيم لإسماعيل المستوحاة هي الأخرى من التناخ
سفر التكوين إصحاح 16
15 فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لابْرَامَ ابْنا. وَدَعَا ابْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «اسْمَاعِيلَ».
والتي لا نجد لها حس ولا أثر في كتاب الله الذي ذكر إسماعيل بشكل منفصل مع أنبياء آخرين في نفس السياقات التي ذكرت وهب إسحاق ويعقوب كأولاد لإبراهيم 
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) سورة العنكبوت
بعد هجرته من الأرض المباركة
نَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) سورة الأنبياء
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) سورة مريم
وبالأخص في سياق سورة الأنعام الذي صنف إسماعيل مع ذرية النبي نوح في نفس السياق الذي ذكر فيه وهب إسحاق ويعقوب لإبراهيم
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) سورة الأنعام
في دليل واضح وصريح على عدم إنجاب إبراهيم لإسماعيل بل حتى النص الوحيد الذي يعتمدونه لتثبيت فكرتهم المسبقة 
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) سورة إِبراهيم
هو أول من ينفي إنجاب إبراهيم لإسماعيل لتأكيده على وهب إسماعيل لإبراهيم على الكبر والذي لو كان يتعلق بوهب الإنجاب كما يعتقدون لما تعجبك امرأت إبراهيم من فكرة إنجاب زوجها مرة أخرى على الكبر عند البشرى بإسحاق
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) سورة هود
ولأكتفت بقول
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
وبدل عرض النص الوحيد الذي ورد فيه مصطلح الوهب دون تحديد طبيعته الغير مقتصرة بالضرورة على الإنجاب
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) سورة ص
على بقية النصوص المرتبطة بالموضوع قاموا بتجاهل ما تحويه هذه الأخيرة من بينات واخضاعها لقراءتهم  لنص سورة إبراهيم أو بالأحرى لفكرتهم المسبقة المستمدة من النصوص اليهودية التي لو قاموا بعرضها على القرآن بدل القيام بالعكس لأدركوا أن التحريف الحقيقي هو ما تم إقحامه بخصوص ولادة إبراهيم لإسماعيل وأن النص الذي اتهموا اليهود بالتلاعب بمحتواه هو من بقي على صيغته التوراتية في حقيقة الأمر لتوافق وصف إسحاق بوحيد إبراهيم 
سفر التكوين إصحاح 22
2 فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ اسْحَاقَ»
مع الرواية القرآنية التي اعتبرت إسحاق بكر إبراهيم الحقيقي الذي لم يرزق بولد من قبله
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) سورة مريم
لكن عندما ينطلق الإنسان من فكرة خاطئة فإنه لن يسلك سوى الطريق الذي يؤدي إليها ولن ينظر للنصوص إلا من الزوايا المؤيدة لها كما هو الشأن مع قراءات المؤيدين لفرضية أن إسماعيل هو الذبيح
الذين زعموا اقتصار صفة الحلم في القرآن على النبي إبراهيم وابنه الذبيح
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) سورة التوبة
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) سورة الصافات
حتى يتنسى لهم ربطها بأحداث القصة وجعلها حكرا على طرفيها دون الالتفات إلى ما ينفي ذلك
قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) سورة هود
وبدل الأخذ بعين الاعتبار فرضية أن يكون الحلم والعلم صفتان لنفس الغلام
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) سورة الصافات
قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) سورة الحجر
كما هو الشأن مع شخصيات قرآنية أخرى
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) سورة الدخان
وحتى مع العجل المذكور في نفس قصة إبراهيم
 فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) سورة هود
فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) سورة الذاريات
جعلوا منها حجة على اختلاف هوية الغلام الحليم لنسبه لإسماعيل بعد أن ثبت في النصوص أن إسحاق هو الغلام العليم
وبدل الأخذ بعين الاعتبار احتمالية أن يكون السبب الحقيقي لتعجب إبراهيم من البشرى هو حدوثها في سن الشيخوخة بعدما يئس من استجابة الله لدعائه
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) سورة الصافات
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) سورة الحجر
ويرون في ذلك الدليل القاطع على عدم إنجابه لإسماعيل
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ (39) سورة إِبراهيم
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) سورة الحجر
سرح بهم الخيال إلى استنتاج مفاده أن سبب تعجب إبراهيم من البشرى بإسحاق هو مفاجئته وعدم انتظاره لمولود ثاني بعدما استجيب لدعوته عند البشرى بالغلام الحليم الذي كان ينتظره على حد زعمهم وحجتهم في ذلك عدم ذكر تعجب إبراهيم عند البشرى في سياق قصة الذبيح
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) سورة الصافات
كأنهم لا يعلمون أسلوب القصص القرآني الحريص على عدم تكرار نفس التفاصيل في نفس القصص بدون سبب كما هو الشأن مع قصة النبي زكريا المماثلة التي اقتضت متطلبات سياقها في سورتي مريم وآل عمران ذكر معلومة تعجب زكريا من البشرى بيحيى على الكبر
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) سورة آل عمران
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) سورة مريم
عكس سورة الأنبياء التي تم فيها تجاهل الأمر 
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) سورة الأنبياء
ليس بسبب عدم حدوثه على أرض الواقع بل بغية الاختصار وتجنب تكرار ما هو بديهي ومعلوم وبالتالي فنفس القاعدة تسري على سياق سورة الصافات الذي لا يمكن في أي حال من الأحوال اعتبار عدم ذكره لمعلومة تعجب إبراهيم من البشرى كدليل على عدم حدوث الأمر ولنسب البشرى لغلام آخر غير إسحاق
ونفس الملاحظة بالنسبة لمسألة التعجب عند البشرى التي لا تنفي بالضرورة طلب وانتظار الغلام كما كان الشأن مع النبي زكريا الذي تلقى استجابة الرحمن لدعائه بالاستغراب والتعجب
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) سورة آل عمران
هذا حال القراءات المقيدة بمسلمات الموروث التي لا يرى أصحابها من النصوص إلا ما يتماشى مع فكرتهم المسبقة...فما دام إسماعيل قد وصف بالصبر في سياق لا يمت بصلة إلى الموضوع إلى جانب أنبياء آخرين
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) سورة الأنبياء
فهو بالتأكيد الغلام الحليم المذكور في سورة الصافات
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) سورة الصافات
دون أن يسألوا أنفسهم لو كانت هناك بالفعل علاقة لصبر إسماعيل المذكور في سورة الأنبياء بإبراهيم وحادثة الذبح فلماذا ورد بعد بشكل متأخر ومنفصل عن قصة إبراهيم في نفس السورة بخمسة عشر آية بعد الحديث عن أنبياء آخرين ؟
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77) وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) سورة الأنبياء
ولماذا لم تشمل صفة الصبر إبراهيم أيضا لو كانت متعلقة  بالفعل بحادثة الذبح ؟ والأهم من ذلك لماذا لم يذكر وهب إسماعيل لإبراهيم إلى جانب إسحاق ويعقوب ؟ 
ونفس السؤال يطرح عليهم أيضا بخصوص سياق سورة مريم الذي زعموا ارتباط صدق وعد إسماعيل فيه بصدق وعد الذبيح رغم ذكره بشكل منفصل عن قصة إبراهيم وولديه إسحاق يعقوب ؟
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) سورة مريم
يصطفون من النصوص ما يشاؤون حتى يقنعوا المتلقي بوجود عمر معين لاكتساب صفة العلم 
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) سورة يوسف
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) سورة القصص
وحتمية بلوغ الغلام العليم سن الشدة واستحالة تقديمه كقربان في الصغر...ويغفلون عن النصوص التي تسقط فرضيتهم وتنفي ارتباط العمر باكتساب الصفات كما هو الشأن مع صفتي الحكم
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) سورة مريم
والنبوءة
قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) سورة مريم
المرتبطتين ارتباطا وثيقا بصفة العلم 
فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (48) سورة المائدة
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) سورة البقرة
بل إن وصف الغلام العليم في حد ذاته هو أول من يثبت اكتساب المولود لصفة العلم وهو غلام 
لكن لو وضعنا هذه القراءات المتكلفة جانبا ودرسنا سياق سورة الصافات التي وردت فيها قصة الذبيح بحياد مطلق ودون أية فكرة مسبقة فسنلاحظ أن دعاء إبراهيم لم يكن مقتصرا على الإنجاب بل دعا أيضا بأن يكون وريثه من الصالحين الدعوة التي لم تتحقق إلا عند البشرى الثانية
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) سورة الصافات
مما يدل على أن إسحاق هو نفسه الغلام الحليم الذي بشر إبراهيم بولادته في بادئ الأمر ثم بنبوءته وصلاحه بعد نجاحه في الامتحان ونجاته من الذبح
ولو كان لإسماعيل دخل بالموضوع لذكر بالاسم مثل باقي الأنبياء الذين تم التطرق لقصصهم في سياق نفس السورة 
وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (82) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122) وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132) وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138) وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) سورة الصافات
ويبقى السؤال المطروح من الأولى بالمباركة في نهاية السياق المخصص لقصة الذبيح الغلام الحليم أم غلام آخر لا يمت بصلة للموضوع ؟
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) سورة الصافات
مما لا يدع مجالا للشك في كون إسحاق هو الذبيح ويبقى الإشكال الوحيد في علم إبراهيم بولادة يعقوب قبل حادثة الذبح بعد أن قامت الملائكة بتبشير زوجته بيعقوب حتى قبل ولادة إسحاق
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) سورة هود
والذي يرى فيه أصحاب النظرية المعارضة دليلا قاطعا وحاسما في المسألة لعدم جدوى الابتلاء في ظل علم إبراهيم المسبق بحتمية نجاة إسحاق وإنجابه ليعقوب
لأنهم جعلوا هنا أيضا من موروث الآباء المستمد من أخطاء اليهود
سفر التكوين إصحاح 25
21 وَصَلَّى اسْحَاقُ الَى الرَّبِّ لاجْلِ امْرَاتِهِ لانَّهَا كَانَتْ عَاقِرا فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ فَحَبِلَتْ رِفْقَةُ امْرَاتُهُ22  وَتَزَاحَمَ الْوَلَدَانِ فِي بَطْنِهَا 25 فَخَرَجَ الاوَّلُ احْمَرَ كُلُّهُ كَفَرْوَةِ شَعْرٍ فَدَعُوا اسْمَهُ عِيسُوَ. 26 وَبَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ اخُوهُ وَيَدُهُ قَابِضَةٌ بِعَقِبِ عِيسُو فَدُعِيَ اسْمُهُ يَعْقُوبَ.
مبلغ علمهم وحكما على القصص الحق في كتاب الله الذي ذكر وهب يعقوب كولد ثاني لإبراهيم وليس لإسحاق
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا (84) سورة الأنعام
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) سورة الأنبياء
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ (27) سورة العنكبوت
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) سورة مريم
المعلومة التي تم تأكيدها في سياق نفس النص الذي استشهدوا به الذي ربط بوضوح بين البشرى بيعقوب وإنجاب زوجة إبراهيم على الكبر
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) سورة هود
ولمزيد من التفاصيل يمكن العودة لمقال
لتتضح الرؤية ويصبح الابتلاء ذا معنى أكثر من أية حالة أخرى لاعتقاد إبراهيم حينها أن الله لم يهب له ولدين إلا ليكون الأول قربانا والثاني وريثا
وهنا تتجلى الأهمية القصوى لضرورة إعادة قراءة ودراسة القصص القرآني من الألف إلى الياء وإعادة النظر في جميع مسلمات الموروث بدون استثناء لارتباط الحقائق ببعضها البعض وأنه يكفي التسليم بخطأ وحيد ليغير نظرتنا إلى العديد من النصوص والحقائق القرآنية
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم

تعليقات

  1. راءع هذا ما توصلت إليه فعلا بعد الخروج من ماتريكس التفاسير بارك الله لكم

    ردحذف

إرسال تعليق