هل قام السلف المذهبي بالفعل بحفظ دين وكتاب الله ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


في سبيل الدفاع عن موروثهم المنسوب لله ورسوله وصل الأمر بالمدافعين عن ملة الآباء إلى الطعن في القرآن نفسه بحصر وتقزيم حجته العلمية في هوية من قاموا بنقله من البشر وليس في آياته البينات
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) سورة البقرة
التي تبقى شاهدا في كل زمان ومكان على مصدره الإلهي
كأن الجبل لن يخشع لله
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) سورة الحشر
إلا بعد الاطلاع على السند السني المعصوم !
هذا ما يسمى بالابتزاز الديني فإما أن تؤمن بالقرآن والسنة معا وبأنهما حفظا ونقلا من طرف نفس الأشخاص على حد زعمهم أو أن تكفر بهما معا وبطبيعة الحال عليك أن تغمض عينيك على الاختلافات والتناقضات التي لا تعد ولا تحصى بينهما وحتى بين كتب التراث نفسها وتؤمن أن جميعها من عند الله والرسول
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) سورة النساء
 دون الحديث عن الأخطاء العلمية والتاريخية والتعاليم الباطلة التي يستلزم قبولها على مضض كشرط أساسي من شروط الإسلام المذهبي إن جاز الوصف ! هذا ما يسمى بالانتحار الديني الذي في سبيل إنقاد دين الآباء الذي كشف الزمن عيوبه قاموا بتجريد القرآن من كل ما يميزه عن بقية الكتب الدينية ظنا منهم أن حصر حجيته في نقتله وحفظته المزعومين ممن أسموهم بالصحابة والسلف الصالح وخير القرون سيعصمهم ويعصم أقوالهم وشرائعهم ويمنع الناس من السؤال ويجبرهم على البقاء على ما وجدوا عليه آباءهم
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) سورة البقرة
والغريب أن ما يصفونه بمعجزات القرآن العلمية والغيبية والرقمية والبلاغية لا تبدو لهم إلا عند مناظرة أو محاولة إقناع الغير مسلمين أو طمأنة أتباعهم بألوهية القرآن
والتي يرمونها وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون عند مناظرة من ينكر سنتهم وكأنهم لا يخشون أن يحق عليهم قول الرحمن
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) سورة البقرة
حيث أصبح القرآن بالنسبة لهم مجرد سبيل ووسيلة يأخذون منه ما يشاؤون حسب الحاجة والظروف لنصرة دين الآباء الذين ربما كان سعيهم في البداية هو تبديل محتوى القرآن نفسه قبل أن يضطروا عند فشلهم إلى اختراع حديث غيره
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) سورة المرسلات
ثم ادعوا أنهم حماة وحفظة الحديثين معا رغم تعارض الفكرة مع المنطق والواقع اللذان يشهدان بحفظ الشيعة لنفس القرآن الذي بين يدي السنيين على الرغم من عدم حفظ ولا إيمان من يصفونهم بالرافضة بحرف واحد مما وصف بالأحاديث النبوية 
فلحفظ الدين يجب حفظ مصدر الدين المتمثل في القرآن ولحفظ القرآن يجب حفظ لغة القرآن التي كانت نفس لغة القوم الذين نزل عليهم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4) سورة إِبراهيم
والتي جعلته يبدو بينا وواضحا
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) سورة الحجر
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ (16) سورة الحج
ومفصلا 
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا (114) سورة الأنعام
وميسرا بالنسبة إليهم
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) سورة الدخان
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17) سورة القمر
فهل نشعر باليسر في فهم جميع النصوص والكلمات عند قراءة نصوص القرآن في زمننا المعاصر ؟ بطبيعة الحال لا لأن سلف المذاهب لم يحفظوا لنا لغة القرآن مما اضطرهم لاختراع ما يسمى بعلم التفسير كأن كلام الله المفسر
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) سورة الفرقان
يحتاج أصلا إلى تفسير ؟ فالشرح والتفسير يكون للكلام المبهم والأمثلة الغامضة كما هو الشأن مع بعض نصوص الديانات الأخرى 
سفر الرؤيا إصحاح 10
1 ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ قَوِيّاً نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، مُتَسَرْبِلاً بِسَحَابَةٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ قَوْسُ قُزَحَ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَرِجْلاَهُ كَعَمُودَيْ نَارٍ، 2 وَمَعَهُ فِي يَدِهِ سِفْرٌ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ. فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْضِ، 3 وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ. وَبَعْدَ مَا صَرَخَ تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا. 4 وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا كُنْتُ مُزْمِعاً أَنْ أَكْتُبَ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِيَ: «اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ». 
وليس للمصطلحات والكلمات
وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) سورة عبس
التي يستلزم أن تكون معلومة ومعروفة في لغة القوم الذين نزل القرآن بلغتهم لا أن يجهلوا معناها
تفسير بن كثير
روي أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قرأ { عبس وتولى } فلما أتى على هذه الآية: { وفاكهة وأباً } قال: قد عرفنا الفاكهة فما الأب ؟
أو يختلفوا في تعريفه
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) سورة الماعون
تفسير بن كثير
{ ويمنعون الماعون } يعني متاع البيت، وكذا قال مجاهد والنخعي إنها العارية للأمتعة، وقد اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قال: يمنعون الزكاة، ومنهم من قال: يمنعون الطاعة، ومنهم من قال: يمنعون العارية
وإلا فلم يعد الأمر شرحا وتفسيرا بل ترجمة مصطلحات لغة مبهمة إلى لغة أخرى وهو ما تجليه تسمية ابن عم الرسول المزعوم بترجمان القرآن
عبد الله بن عباس
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، صحابي جليل، وابن عم النبي محمد، حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير وترجمان القرآن
والذي على الرغم من ذلك فإنه لم ينجح في ترجمة أكثر من كلمة قرآنية حسب التفاسير السلفية
تفسير بن كثير
{ إلا من غسلين} وقال ابن عباس: ما أدري ما الغسلين؟ ولكني أظنه الزقوم
وهنا أتساءل ما الفائدة من حفظ القرآن دون حفظ أداة فهم القرآن وتبديلها بلغة مستحدثة لم تنجح في إيصال العديد من معانيه بل قامت بتحريف عدد منها ليس فقط في أشياء ثانوية بل في مفاهيم ترتبت عنها أحكام وعقوبة بالغة الأهمية كالزنا وقطع يد السارق 
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ (38) سورة المائدة 
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) سورة النور
اللذان لا يزالان محل خلاف إلى يومنا هذا
واللذان سبق التطرق لمفهومها بناء على ما لدينا من معطيات قرآنية ومنطقية في مقالي

ما هو مفهوم الزنا في حقيقة الأمر ؟
هل أمر القرآن ببتر يد السارق ؟
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد بل زاد سلف المذاهب الطين بلة بإضافة التشكيل على القرآن والذي بدل أن يسهل مأمورية القراء كما زعم مخترعيه تسبب في ظهور عدة روايات تحوي العديد من الاختلافات في ما بينها
سورة الزخرف
رواية حفص : {19} وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ
رواية قالون : {18} وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أشْهِدُوا خَلْقَهُمْ
رواية ورش : {18} وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ
والأخطاء المشتركة
غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) سورة الروم
والتي سبق التطرق إليها بالتفصيل في مقال
أخطاء التشكيل في المصاحف الحالية
من أكبر المغالطات التي تم الترويج لها وبالأخص في الآونة الأخيرة مسألة فقدان التوراة والإنجيل الحقيقيان في زمن البعثة المحمدية لكن لو تألمنا في آراء سلف المذاهب أنفسهم فسنجدها غير واضحة وقاطعة في المسألة في ظل غياب أي نص قرآني أو حديث صحيح يحسم الأمر بل سنجد بعضها يميل إلى صحة التوراة والإنجيل في زمن البعثة وحتى من زعموا تحريفها فقد أشاروا إلى اقتصار الأمر على المعاني وليس الألفاظ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح ( وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْكُتُبِ فَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنَّ أَلْفَاظَهَا لَمْ تُبَدَّلْ ; كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى أَنَّهُ بُدِّلَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا. وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ)
وهو ما ذهبت إليه تفاسير أشهر النصوص التي يستند عليها دعاة تحريف التوراة والإنجيل في زمن البعثة بتأكديها على اقتصار التحريف على معاني الكلمات
تفسير بن كثير
{ يحرفون الكلم عن مواضعه } أي: يتأولونه على غير تأويله، ويفسرونه بغير مراد اللّه عزَّ وجلَّ قصداً منهم وافتراء
وأن التحريف النصي لم يطل التوراة العبرية بل بعض الترجمات العربية فقط
تفسير بن كثير
{ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } قال: هم أحبار اليهود، وقال السُّدي: كان ناس من اليهود كتبوا كتاباً من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند اللّه ليأخذوا به ثمناً قليلاً
وهو ما تؤيده العديد من النصوص القرآنية التي لا تدع مجالا للشك في صحة الكتاب الذي كان بين يدي اليهود والنصارى عند تنزيل القرآن
قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) سورة آل عمران
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ (43) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (66) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (68) سورة المائدة
حيث لم فكرة فكرة تحريف التوراة والإنجيل إلى السطح إلا بعد ظهور ترجمات  الكتاب المقدس ونشأة علم مقارنة الأديان وبيان الاختلافات الشاسعة بينه وبين القرآن
السؤال المطروح الآن هو أين اختفى كتاب الله ؟ لماذا لم يحتفظ لنا السلف بنصوص التوراة والإنجيل التي يفترض أنها كانت متوفرة بكثرة سواء مجتمع البعثة
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) سورة آل عمران
أو في البلاد التي قاموا بغزوها ؟ لماذا لم يطالبوا ممن آمن من أهل الكتاب
 وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) سورة الشعراء
بترجمة كتبهم إلى العربية ليستفيد منها المؤمنون ولو من باب معرفة ما يخفيه كفار أهل الكتاب 
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ (15) سورة المائدة
ولإقامة الحجة وإقناع الأمم الذين زعموا غزو بلدانهم لنشر الدين ؟ بدل السقوط في التناقض والاضطرار إلى محاجاتهم بما جاء في كتب يعتبرونها محرفة من الأساس كما هو الحال في زمننا المعاصر ؟ تصوروا كيف كانت ستكون قوة حجة الإسلام والقرآن في زمننا المعاصر لو بقيت لدينا نسخ من التوراة والإنجيل مطابقة ومصدقة للقرآن ومزيلة للشبهات التي يطرحها المبطلون بالخصوص الأخطاء التي ادعوا وقوع النبي محمد فيها عند اقتبسه المزعوم من الكتاب المقدس أو من غيره أو حتى الأخطاء التي زعم اللادينيون وقوع التوراة والإنجيل فيها قبل اقتباسها في القرآن
ألا يحق للمؤمن ولو من باب المعرفة أن يطلع على بعض التفاصيل الغائبة عن القصص القرآني الذي قام بتلخيص وإيجاز قصص الأنبياء السابقة كتفاصيل المثل المضروب للنبي داوود
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) سورة ص
والمفارقة أن سلف المذاهب قاموا بالفعل بالاعتماد على نصوص اليهود والمسيحيين المعاصرة لتوضيح ما غاب ذكره عن القرآن حسب اعتقادهم لكن المشكلة أنهم اعتمدوا على نصوص من قال عنهم الرحمن
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) سورة البقرة
وليس على التوراة والإنجيل اللذان توهموا أنهما نفس نصوص ما يسمى بالكتاب المقدس التي اتهمت أنبياء الله بالجرائم والفواحش وبممارسة النبي داوود للفاحشة مع امرأة محرمة عليه ثم الأمر بقتل زوجها مع سبق الإصرار والترصد للتخلص منه
سفر صاموئيل إصحاح 11
2 وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدّاً. 3 فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟» 4 فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 14 وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوباً إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15 وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ».
تفسير الطبري
فَاطَّلَعَ مِنْ الْكُوَّة , فَرَأَى اِمْرَأَة تَغْتَسِل , فَنَزَلَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمِحْرَاب , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ , فَسَأَلَهَا عَنْ زَوْجهَا وَعَنْ شَأْنهَا , فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ زَوْجهَا غَائِب , فَكَتَبَ إِلَى أَمِير تِلْكَ السَّرِيَّة أَنْ يُؤَمِّرهُ عَلَى السَّرَايَا لِيَهْلِك زَوْجهَا 
وهو ما يطرح ألف علامة استفهام حول مصداقية وكفاءة وأهلية سلف المذاهب وقدرتهم على تمييز الحق عن الباطل ؟
ثم يأتي البعض ليرددوا مقولتهم الشهيرة لولا السلف الصالح الذي تنتقدونهم لما وصلكم القرآن ولا أدركتم شيئا عن الإسلام مكذبين صريح قول الرحمن الذي تعهد بحفظ ذكره
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) سورة الحجر
وتبيانه للناس
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) سورة القيامة
ولا فضل لبشر على بشر في ذلك وبالأخص  يكون النقل مليء بالأخطاء وسببا في التضليل والتحريف والكتمان
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم

تعليقات