سبب تغير الخطاب القرآني لأهل الكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


نبيكم مجرد دجال انتهازي قرآنكم مجرد كتاب بشري مليء بالتناقضات...ما أكثر التهم والشبهات المفترات على دين وكتاب الله العظيمين وفي كل مرة تكون كتب السيرة والحديث بتاريخها المزيف وسوء قراءتها للنصوص القرآنية وراء المشكلة كما هو الشأن بالنسبة لتهمة تغير موقف القرآن اتجاه أهل الكتاب الذين كانوا مرجعية دينية في سور ما قبل الهجرة
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (47) سورة العنكبوت
قبل أن يتحولوا بقدرة قادر إلى ألذ أعداء الإسلام في سور ما بعد الهجرة وبالأخص في آخر السور
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) سورة المائدة
هكذا تتم صياغة الأمور لإيهام الناس بتناقض وانتهازية القرآن والمتلقي الغير مطلع على حقائق الأشياء هو الضحية
وكالعادة تكون سوء النية هي القاعدة الطاغية في قراءة النصوص ويتم إلغاء باقي الاحتمالات التي يفرضها مبدأ الحياد رغم قربها للمنطق وواقع وسير الأحداث في النصوص كاحتمال أن يكون السبب الحقيقي لتغير خطاب القرآن لأهل الكتاب من الثناء إلى التكفير واللعن هو إيمان الصادقين منهم الذين كانوا متشبثين بكتبهم 

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) سورة البقرة
منذ بداية دعوة النبي الأمي
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (157) سورة الأعراف
وأن مع مرور الزمن وبالأخص في أواخر البعثة لم يتبقى من أهل الكتاب إلا الكفار المعاندين الذين كانوا يسعون للبس الحق بالباطل
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) سورة آل عمران 
طبعا هذا الطرح كان سيكون أكثر إقناعا لو لم يتم تحريف السيرة الحقيقية للنبي محمد وأتباعه المؤمنين الذين تم نسب السواد الأعظم منهم للعرب الوثنيين وتقزيم أهل الكتاب وحصرهم في شرذمة من اليهود
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ ، لآمَنَ بِي اليَهُودُ
ونسب هوية النصارى المؤمنين لزوار من أرض الحبشة
تفسير الجلالين
{ ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنَّا نصارى ذلك } أي قرب مودتهم للمؤمنين { بأن } بسبب أن { منهم قسيسين } علماء { ورهبانا } عبادا { وأنهم لا يستكبرون } عن اتباع الحق كما يستكبر اليهود وأهل مكة نزلت في وفد النجاشي القادمين عليه من الحبشة قرأ سورة يس فبكوا وأسلموا وقالوا ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى .
وبالتالي فمن الطبيعي أن يخيل للبعض وجود تناقض وتراجع في المواقف في الخطاب القرآني لأهل الكتاب الذين نسب السواد الأعظم من النصوص المتحدثة عنهم ليهود يثرب
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (36) سورة الرعد
تفسير الجلالين
{ والذين آتيناهم الكتاب } كعبد الله بن سلام وغيره من مؤمني اليهود { يفرحون بما أنزل إليك } لموافقته ما عندهم
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) سورة البقرة
تفسير بن كثير
 يقول تعالى: { ولما جاءهم } يعني اليهود { كتاب من عند الله } وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم { مصدق لما معهم } يعني التوراة، وقوله: { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا } أي وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم، يقولون إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث اللّه رسوله من قريش كفروا به
بعد فشل الرسالة المحمدية في إقناعهم حيث حرصت كتب السيرة والحديث على تقزيم دور أهل الكتاب في الرسالة المحمدية قدر الإمكان سواء في مرحلة ما قبل الهجرة بعكس ظاهر النصوص
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) سورة العنكبوت
لإيهام الناس بأن المؤمنين الأميين كانوا هم الغالبية الساحقة وأن أهل الكتاب كانوا هم الكفرة الذين لم يؤمن منهم إلا القليل
تفسير الجلالين
{ فالذين آتيناهم الكتاب } التوراة كعبد الله بن سلام وغيره { يؤمنون به } بالقرآن { ومن هؤلاء } أهل مكة { من يؤمن به وما يجحد بآياتنا } بعد ظهورها { إلا الكافرون } أي اليهود وظهر لهم أن القرآن حق والذي جاء به محق وجحدوا ذلك.
رغم تأكيد النصوص على العكس وجعلها من إيمان أهل الكتاب مرجعية للأميين
قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) سورة الإسراء
فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) سورة القصص
الذين كانوا أغلبية الكافرين في حقيقة الأمر وليس أغلبية المؤمنين
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) سورة يس
نفس الشيء بالنسبة لمرحلة ما بعد الهجرة التي صور فيها المهاجرين والأنصار
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (100) سورة التوبة
كمجموعة من العرب الوثنيين كان توحدهم المفاجئ بمثابة العصا السحرية والآية الربانية التي أنقذت الرسالة المحمدية والدين الإسلامي وعبدت له الطريق في الوقت الذي رصدت فيه جميع الأبواب بعدما تحولت الغالبية الساحقة من عرب يثرب المتخيلة في ظرف عام واحد إلى الإسلام 
إسلام أهل يثرب
فبعدما اشتد الأذى من قريش على المسلمين، عرض النبي الإسلام على بعض الحجاج في منى، فأسلم منهم ستة رجال من أهل يثرب، وفي العام الذي يليه قدم هؤلاء إلى الحج مع قومهم، وكانوا اثني عشر رجلًا من الأوس والخزرج، فأسلموا وبايعوا النبي على الإسلام، فكانت بيعة العقبة الأولى، وبعث النبي مصعب بن عمير معهم يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، وفي شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر، الموافق (يونيو سنة 622م)، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج، وبايعوا النبي على نصرته في حرب الأحمر والأسود، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليهم، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم
وأسلم جميع قومهما بإسلامهما، ولما أسلم سعد وقف على قومه فقال: «يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلًا، وأيمننا نقيبة. قال: فإن كلامكم علي حرامٌ، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله». فانتشر الإسلام في يثرب، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، وواقف
بعدما رفضت الدعوة المحمدية في بقية القبائل العربية الوثنية
أخذ النبي يتبع الحجاج في منى، ويسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي إليهم في أسواق المواسم، وهي: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، فلم يجيبه أحد
قصة أغرب من الخيال وإذا عرف السبب بطل العجب 
أسباب الانتشار السريع للإسلام في المدينة
إن مجاورة اليهود وسماع الأخبار التي كانت تبشر بظهور نبي جديد عاملان مؤثران في انتشار الإسلام وتقدمه بين أهل المدينة. ونقل ابن إسحاق أنّ اليهود الذين كانوا يعيشون مع عرب الأوس والخزرج في هذا البلد، وكانوا أهل كتاب وعلم، يهدّدون من ينازعهم من العرب بظهور نبي فيهم، ويعدونهم أنّهم سيتّبعونه ويقتلونهم قتل عاد و إرم) وهذا ما أدى إلى أن يقول بعض الأنصار لغيرهم منذ أول يوم دعوا فيه إلى الإسلام: «هذا هو الرسول الذي كان يبشر اليهود بظهوره، فلا يسبقوكم إليه» وذكر البلاذريّ أيضاً أنهم كانوا قبل ذلك قد سمعوا باسمه وصفاته من اليهود و نقرأ في القرآن الكريم آيات بينة حول علم يهود المدينة بالرسالة المحمّديّة. وهي تدل على أنها كانت مُثارة تماماً في تلك الظروف. وذُكر بهذا الشأن إسلام عبد الله بن سلام أحد أحبار اليهود بيثرب.
أو بالأحرى هذا ما حاولت أن تقنعنا به كتب التراث لكن تبقى المشكلة في هذا الطرح أن اليهود كانوا يتوعدون العرب بنبي يهودي تماما مثلما يتوعدون العرب في زمننا الحالي بمسيحهم المنتظر الذي لا تمت أوصافه بصلة لأوصاف النبي محمد...وبالتالي فمن البديهي أن تختلف أوصاف النبي الذي سمع عنه عرب يثرب من اليهود عن أوصاف النبي العربي الأمي
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (157) سورة الأعراف
التي لم يكن اليهود ليجهروا بها وبالأخص للعرب ! إذن فالفكرة ساقطة من الأساس والفبركة وسوء التأليف بديان للعيان منذ الوهلة الأولى وبالأخص في ظل الغياب الكلي في سور ما قبل الهجرة على كثرتها لأية إشارة لإيمان ما يسمى بأهل يثرب الذين لعبوا دور البديل في كتب التراث للأنصار الحقيقيين الذين تشهد العديد من النصوص في سور ما قبل الهجرة على إيمانهم برسالة النبي محمد
فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (47) سورة العنكبوت
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) سورة القصص
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) سورة الشعراء
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (114) سورة الأنعام
إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) سورة الإسراء
التي كانت بالنسبة إليهم تكملة لنفس الدين
وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) سورة القصص
 والكتاب والرسالة التي كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) سورة الإسراء
وبالتالي فمن البديهي أن يكون هؤلاء المسلمين الذين تم الحرص على محو آثارهم من التاريخ هم من نصروا وأووا 
وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) سورة الأنفال
المهاجرين المؤمنين الذين اضطهدوا وطردوا من قرى الأقوام التي كفرت وحاربت رسالة النبي محمد والتي وصفت بالأحزاب 
وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ (17) سورة هود
ومن بينها قرى الكافرين من أهل الكتاب التي لم تؤمن بكل ما جاء في القرآن
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ (36) سورة الرعد
من ينكر بعضه وليس كله مثل قول الأميين
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ (91) سورة الأنعام
مما يؤكد أن المقصود هم أهل الكتاب باعتراف تفاسير السلف
تفسير بن كثير
{ ومن الأحزاب } : أي اليهود والنصارى { من ينكر بعضه } أي بعض ما جاءك من الحق
طوائف حرفت دينها وكانت ترفض الحكم بكتبها مثل المذاهب المنتسبة لرسالة القرآن في زمننا المعاصر
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (66) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (68) سورة المائدة
فلما جاء القرآن مصدقا لما كانت تخفيه من الكتاب
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ (15) سورة المائدة
ومكذبا لأهوائها
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا (41) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ (49) سورة المائدة
كانوا أول كافر به
ورغم حرص تراث المذاهب على طمس هذه الحقيقة وإيهام الناس بأن المقصود بالمؤمنين في النصوص هم أميو مكة والمدينة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) سورة آل عمران
فقد بقيت العديد من النصوص القرآنية شهادة على الخلفية الكتابية للمؤمنين المخاطبين في النصوص القرآنية وكمثال قول
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) سورة آل عمران
الذي تم نسبه لقبيلتي الأوس والخزرج المؤلفتان لأنصار يثرب المفترضين
تفسير بن كثير
{ واذكروا نعمة اللّه عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً } إلى آخر الآية، وهذا السياق في شأن الأوس والخزرج، فإنه قد كان بينهم حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة وضغائن وإحن، طال بسببها قتالهم والوقائع بينهم، فلما جاء اللّه بالإسلام فدخل فيه من دخل منهم صاروا إخواناً متحابين بجلال اللّه، متواصلين في ذات اللّه؛ متعاونين على البر والتقوى.
وكانوا على شفا حفرة من النار بسبب كفرهم فأنقذهم اللّه منها أن هداهم للإيمان. وقد امتن عليهم بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين، فعتب من عتب منهم، بما فضَّل عليهم في القسمة بما أراده اللّه، فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم اللّه بي
لكن هنا أيضا بمجرد عرض مثل هذه المزاعم على واقع النصوص القرآنية حتى تنكشف عورتها لعدم ملائمة لباس الكفر بالأمم الغافلة قبل أن يبعث الرحمن إليها نذيرا لأنه كما سبق التوضيح في مقال
مصير الغير مؤمنين في الإسلام
فقد نفى الرحمن في نصوص كتابه المبين كفر وعذاب الأمم الغافلة التي لم يأتها رسل
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) سورة يس
بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) سورة يوسف
ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) سورة الأنعام
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) سورة الإسراء
وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) سورة الشعراء
لإستحالة الكفر بشيء 
وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (5) سورة المائدة
لم يكونوا يعلمونه من الأساس
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52) سورة الشورى
وبالتالي فمن جد المستبعد أن ينطبق هذا الوصف على قبائل الأميين بل على طوائف أهل الكتاب التي كانت مختلفة ومتصارعة في العقيدة قبل أن يرحم القرآن ويؤلف قلوب من آمن منها
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) سورة النمل
وسنجد في نفس السورة دليلا إضافيا على خلفية مؤمني البعثة المحمدية الكتابية الذين كان يسعى كفار أهل الكتاب لإرجاعهم لدين النشأة
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) سورة آل عمران
يرجعون لماذا ؟ لعبادة الأصنام أم لدينهم السابق دين أهل الكتاب المحرف ؟
وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ (73) سورة آل عمران
مما يؤكد أن المقصود بالمؤمنين في السياق هم أهل الكتاب السابقين الذين احتفظوا بالحب والمودة لأهليهم وأقوامهم الذين كفروا بالقرآن وبقوا على الملة الكتابية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) سورة آل عمران
من الدلائل الصارخة أيضا لوم القرآن أهل الكتاب على إخراجهم وقتالهم لمن آمن منهم برسالة النبي محمد
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (40) سورة الحج
وتذكيره لتحريم الأمر في ما يؤمنون به من كتاب
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ (85) سورة البقرة
وكالعادة كلما وجد مفسري السلف أنفسهم أمام مثل هذه المشاكل إلا وبدأوا في نسج رواياتهم
تفسير بن كثير
قول تبارك وتعالى منكراً على اليهود، الذين كانوا في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة، وما كانوا يعانونه من القتال مع الأوس والخزرج، وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا في الجاهلية عبَّاد أصنام، وكانت بينهم حروب كثيرة، وكانت يهود المدينة ثلاث قبائل بنو قينقاع و بنو النضير حلفاء الخزرج و بنو قريظة حلفاء الأوس، فكانت الحرب إذا نشبت بينهم قاتل كل فريق مع حلفائه فيقتل اليهودي أعداءه، وقد يقتل اليهودي الآخر من الفريق الآخر، وذلك حرام عليهم في دينهم ونص كتابهم، ويخرجونهم من بيوتهم، وينتهبون ما فيها من الأثاث والأمتعة والأموال، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها افتكُّوا الأسارى من الفريق المغلوب عملاً بحكم التوراة
التي لا تمت بصلة لواقع النصوص التي كانت تلوم أهل الكتاب بصيغة المضارع على ما كانت تقترف أيديهم من أفعال في الفترة المتزامنة مع تنزيل النصوص
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ (85) سورة البقرة
وليس على فعل منتهي منذ توحد قبيلتي الأوس والخزرج عند إعتناقهم المزعوم للإسلام وقد سبق التوضيح في مقال
الهجرة كما جاءت في القرآن
أن إضطهاد المؤمنين وطردهم من طرف الكفار لم يكن مقتصرا على الأميين فحسب بل كان من طرف مختلف الأقوام والقرى التي جاءت الرسالة المحمدية ضد أهوائها وعلى رأسها كفار أهل الكتاب الذين كانوا كافرين بالتوراة والإنجيل عمليا 
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ (59) سورة المائدة
قبل كفرهم بالقرآن الذي كان السبب الرئيسي لرفضهم له
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا (64) سورة المائدة
هو تأييده لما يرفضونه ويسعون لطمسه في التوراة والإنجيل
وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) سورة آل عمران
حيث كانوا شرطهم الأساسي للإيمان هو موافقة القرآن لما قاموا بتحريفه في كتبهم
وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا (41) فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ  (49) سورة المائدة
وبالتالي فصراع المؤمنين مع كفار أهل الكتاب خلال البعثة المحمدية كان إمتداد لنفس الصراع العقائدي في ما قبلها بين أهل الكتاب المؤمنين الذين ضلوا متمسكين بكتاب ودين الله 
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) سورة الأعراف
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) سورة القصص
والذين فرحوا ببعثة النبي المبشر به في كتابهم
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (36) سورة الرعد
وبين الكفار الرافضين لحكم الله في جميع كتبه السماوية ولا علاقة للأمر بخرافة رفض اليهود للنبي العربي التي اختلقتها كتب التراث والتي يستند أصحابها على مثل هذه النصوص
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ (75) سورة آل عمران
دون أن ينتبهوا لاقتصار الخطاب على شخص الرسول وعدم شموله للمؤمنين
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنُوهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنُوهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكُمْ إِلَّا مَا دُمْتُمْ عَلَيْهِ قَائِمِينَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ (75) سورة آل عمران
وهنا تكمن دقة الخطاب القرآني التي سبقت الإشارة إليها في مقال
أسباب تنوع الخطاب القرآني
وتوضيح الفرق بين النصوص المخاطبة للرسول وتلك المخاطبة للمؤمنين 
وبالتالي فالمقصود بالأميين في قول أهل الكتاب ليس عامة أو أغلبية المؤمنين بل النبي محمد والمؤمنين القادمين من خلفية أمية بصفة عامة
من النصوص التي يستند عليها أيضا لتعزيز أمية الجيل الأول من المؤمنين أقوال مثل
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) سورة البقرة
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) سورة آل عمران 
التي توحي للوهلة الأولى بعدم علم المؤمنين برسالة القرآن بما قبله من كتاب لكن لو تفكرنا قليلا فسنجد أن نفس الحالة تنطبق على النصارى مع ما لدى الذين هادوا من كتاب هو ما يتماشى مع الفكرة التي سبق طرحها في مقال
هوية المؤمنين الأوائل الحقيقية
التي توحي بناء على عدة معطيات قرآنية
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) سورة المائدة
أن النصارى الموحدين كانوا هم الغالبية من أتباع رسالة النبي محمد التي كانت لعدة إعتبارات إمتدادا لنفس ملة النصارى المسلمين
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) سورة القصص
بالإضافة لمن آمن من الطوائف الكتابية الضالة الذين احتفظ بعضهم ببعض عادت مللهم السابقة
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ (46) سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) سورة البقرة
التي كان يسعى أتباعها إلى إرجاعهم إليها بشتى الطرق
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) سورة آل عمران
لكن إخراج التاريخ المذهبي لمثل هذه النصوص من سياقها وربطها بخرافات كتب التراث المختلقة وضع القرآن محل تناقض وفتح المجال لإتهام كتاب الله بالإنتهازية والتراجع في المواقف وللأسف لا يزال الدفاع عن هذا التاريخ المزيف مستمرا على حساب الحقيقة القرآنية حتى من طرف من يزعمون إنكار الموروث دون أن يدركوا أن الحل الوحيد لإيقاف النزيف والحملة المسعورة على دين وكتاب الله هو تطهيرهما من كل حرف نسب لهما في كتب التراث
ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى
إن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن العزيز العليم