تصور جديد لموقع البيت الحرام

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


في إطار البحث المتواصل عن موقع البيت الحرام الحقيقي الذي حرص شياطين الجن والإنس على طمس وحجب موقعه عن الناس لعدة قرون لا يملك الباحث البسيط المفتقر للإمكانيات والوسائل اللازمة للقيام ببحث بمثل هذه الضخامة والتعقيد سوى طرح نظريات محتملة لما يراه أقرب للوصف القرآني 
نظريات قد تصيب و قد تخطئ لكنها في المقابل تبقى خطوة أولى ودعوة صريحة للتعمق في الأبحاث بغية تحقيق الهدف المنشود لمن يهمه الأمر ولم يسلم بأكذوبة كعبة جنوب الحجاز التي سبق كشفها في أكثر من مناسبة
و إذا كانت أبحاثي السابقة قد قادتني إلى الساحل الغربي من خليج العقبة كما سبقت الإشارة في مقال
تصوري لموقع المسجد الحرام
فإن ذلك لا يمنع من توسيع دائرة البحث والإشارة إلى جميع الأماكن المحتملة كلما لاحت في الأفق بعض الإشارات الموافقة للوصف القرآني
في هذا المقال سأتجه نحو شمال سوريا وبالضبط إلى مدينة أوغاريت Ugarit التي تجتمع فيها عدة مواصفات قرآنية مطابقة لموقع البيت الحرام القرآني كقربها من الساحل أحد الأوصاف الرئيسية لمسجد الله الحرام المذكور في كتاب الله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) سورة المائدة
قد يتساءل البعض لماذا هذه المدينة بالذات من بين عشرات إن لم نقل مئات المدن الشبه ساحلية في منطقة الشرق الأوسط ؟ الجواب في بعض المعطيات التاريخية للمدينة
أوغاريت
المعتقدات في أوغاريت والديانة الأوغاريتية هي امتداد للديانة الكنعانية في سورية كما تبين الأساطير الميثولوجية الواردة في النصوص الدينية والملاحم ونصوص الشعائر والعبادات ، وكذلك تدل المعابد في المدينة عن المعتقدات والعبادات السائدة انذاك وهناك عدة معابد أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)، بينهما بيت الكاهن الأكبر، معبد الإله إل (ءل - ءيل - إيل)، (بيت إيل) وربما معبد الإله دجن (داجان، داجون) معه، في الجهة الجنوبية الشرقية والذي يرجح تاريخ بناؤه بـ 2000 ق.م، ومعبد الإله بعل (بيت بعل) في الجهة الشمالية الغربية وهو أحدث في حوالي 1400 ق.م وكان للمعتقدات طقوسها وشعائرها.
بيت إيل
من الأشياء الملفتة في مدينة أوغاريت تواجد معبد وبيت الإله إيل
 معبد الإله إل (ءل - ءيل - إيل)، (بيت إيل) 
و عندما نتحدث عن الإله إيل فإننا نتحدث عن الله سبحانه وتعالى بأحد أسماءه في اللغات السامية القديمة 
معلومات عن إل
  إل أو إيل حسب اللغة القديمة في السامية وترجمته في العادة إله و(بالعبرية: אל): كلمة سامية شمالية غربية وأيضا اسم يترجم إلى إله أو الله 
التي نجدها في أسماء بعض الأنبياء كإسمعيل إسمع إيل أو إلياس إل ياسين
إِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)  سورة الصافات
و بالتالي عندما نتحدث عن بيت إيل فإن المقصود هو بيت الله من منظور قرآني
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)  سورة الحج
الذي بوأه لإبراهيم بإعتراف العهد القديم اليهودي
سفر التكوين الإصحاح 12
1 وَقَالَ الرَّبُّ لابْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ ارْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ ابِيكَ الَى الارْضِ الَّتِي ارِيكَ. 2 فَاجْعَلَكَ امَّةً عَظِيمَةً وَابَارِكَكَ وَاعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. 3 وَابَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاعِنَكَ الْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الارْضِ». 4 فَذَهَبَ ابْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ ابْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. 5 فَاخَذَ ابْرَامُ سَارَايَ امْرَاتَهُ وَلُوطا ابْنَ اخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا الَى ارْضِ كَنْعَانَ. فَاتُوا الَى ارْضِ كَنْعَانَ. 6 وَاجْتَازَ ابْرَامُ فِي الارْضِ الَى مَكَانِ شَكِيمَ الَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الارْضِ. 7 وَظَهَرَ الرَّبُّ لابْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ اعْطِي هَذِهِ الارْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحا لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. 8 ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ الَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ ايلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ. وَلَهُ بَيْتُ ايلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحا لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ.
 لكن يبقى السؤال المطروح متى بوأه الله له
تاريخ بناء بيت إيل

من الأشياء المثيرة للإنتباه في بيت إيل الأوغاريتي هو تاريخ بناءه

 والذي يرجح تاريخ بناؤه بـ 2000 ق.م،

الذي تشمله الفترة التي قدرت فيها حياة وبعثة النبي إبراهيم


وهناك تضارب كبير في الروايات حول تاريخ ولادته وجميعها ينحصر في الفترة بين 2324-1850 ق.م

فهل تبقى هي مجرد صدفة ؟
موقع بيت إيل
وقوع البيت في مرتفع المدينة
 أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)،
و هو وصف قريب لمفهوم الكعب قرآنيا لو أخذنا الأمور من منظور الشكل وتشابه كعبي رجل الإنسان في الشكل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (6) سورة المائدة
مع شكل الجبل أو الهضبة مما يوحي بوقوع الكعبة القرآنية في مرتفع أحد الجبال أو الهضاب
بيت الكاهن
الذي يعتبر في نفس الوقت هو بيت الإله إيل
 أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)، بينهما بيت الكاهن الأكبر، معبد الإله إل
وهو نفس الوصف القرآني لبيت الله الحرام الذي كان مقام النبي إبراهيم
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى (125) سورة البقرة
 إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ (97) سورة آل عمران
فهل تبقى كل هذه التشابهات مجرد صدف ؟ لكن أوجه التشابه لا تتوقف عند هذا الحد بل تشمل حتى عبادات القوم كتقديس أهل أوغاريت لثالوث إلهي أنثوي كما كان الشأن للأميين من مجتمع البعثة المحمدية
عشيرة
عشيره Asherah (بالعربيه : أستير بالعبريه : אֲשֵׁרָה بالأكديه : Ashratu بالأوغاريتيه : Asherdu) في الأساطير السامية هي الآلهة الأم و"ملكة السماء" إيلات . إلهة مدينة أوغاريت ورأس الثالوث الإلهي الأنثوي فيها، الذي يتكون من عشيرة وعناة وعشتار .
بل هناك تشابه حتى في الأسماء
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) سورة النجم
إيلات اللَّاتَ 
وعشتار الْعُزَّى
وعناة مَنَاةَ 
ليس هذا فحسب بل نجد تشابه حتى في أشكال الثلاثي الأوغاريتي في شخص عشتار 

مع آلهة أميي البعثة المحمدية الذين تم تصويرهم في شكل ملائكة إناث
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) سورة النجم
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) سورة الصافات
فهل يعقل أن تكون هذه التشابهات مجرد مصادفات ؟ من الأقرب إلى الوصف القرآني آلهة أوغاريت أم هذه الأصنام الحجازية المنسوبة للثلاثي الأنثوي المذكور في القرآن ؟
لكن الأمر لا يقتصر على الجانب العقائدي فحسب بل يشمل حتى الجانب التاريخي للمدينة القريب من الوصف القرآني لبيت بكة
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) سورة آل عمران
الذي يتحدث عن أحد أقدم مدن ومعابد العالم وصف أقرب لحضارة أوغاريت التي أثبت علم الحفريات قدمها بآلاف السنين والمؤسسة لأول أبجدية على وجه الأرض
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) سورة العلق
وليس لمكة جنوب الحجاز المدينة الشبح في الخرائط والآثار القديمة
لكن رغم كل نقاط التشابه هاته فإن المظاهر تكون خادعة في العديد من الأحيان وهنا تمكن صعوبة البحث وتعقيده على أرض الواقع خصوصا عندما نكتشف توقف الحياة في مدينة أوغاريت منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وهو ما يلغي أي احتمال ممكن بأن تكون قرية المسجد الحرام التي ظلت قائمة حتى زمن بعثة النبي محمد المباركة
لكن على الرغم من الأهمية البالغة لهذا المعطى فإنه لا يلغي أهمية الحقائق السالفة الذكر أو يجعلها بدون قيمة بل على العكس تطابق الأوصاف العقائدية والتاريخية وحتى الجغرافية لمدينة أوغاريت
مع الوصف القرآني
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (11) سورة النحل
وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ (99) سورة الأنعام
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) سورة عبس
يوحي بوقوعها في نفس المنطقة الجغرافية الموصوفة قرآنيا بالأرض المباركة
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) سورة الأنبياء التي شهدت بعثة أغلب الأنبياء كما سبق التوضيح في مقالي
البيت الحرام يقع في الأرض المباركة و ليس خارجها
الرسول محمد بعث في الأرض المباركة و ليس خارجها
وفي نفس الوقت هلاك عدد كبير من قرى الأنبياء الذين عاشوا فيها 
 وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) سورة الأحقاق
والغريب أن آثار مدينة أوغاريت توحي بنهاية الحياة في المدينة بسبب خراب مفاجئ رجح المؤرخون حدوثه بسبب كارثة طبيعية أو غزو أجنبي 
ويبقى الإحتمال الثاني جد مستبعد لأسباب منطقية تفرض إستقرار الغازي في الأرض المحتلة لتوسيع نفوذه واستهلاك موراد المنطقة والإستفادة من علومها وحضارتها وبالأخص عندما يتعلق الأمر بحضارة رائدة في جل مجالات في زمنها وبالتالي استمرار الحياة في المدينة وليس الغزو من أجل التخريب فقط
إذن نحن أمام أحد الأدلة التاريخية الناذرة على خراب أحد قرى الأنبياء السابقين التي بالنظر لمعتقداتها الدينية المرتبطة بالإله البعل
بعل هو أحد الآلهة في بلاد الشام وآسيا الصغرى، وفي اللغات السامية تأتي على شكل لقب أو تأتي كاسم نكرة ويستدل من أنها تعني: السيد أو الملك" إلا أن نصوص أوغاريت تبين أن (بعل) المقصود فيها إله محدد الصفات هو هداد
والتي نلمسها في حفريات المدينة التي تشهد شيوع عبادة الإله بعل لدى أهلها
فمن المرجح أن تكون قرية النبي إل ياسين الملقب بإلياس الذين أكدت نصوص سورة الصافات على كفر وعذاب قومه وعبادتهم لنفس الإله
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) سورة الصافات
فإنطلاقا من المعطيات التاريخية للمدينة فيمكن استنتاج ما يلي أنها كانت جد قريبة جغرافيا وثقافيا من قرية المسجد الحرام وهو ما يفسر تأثرها بنفس التيارات الدينية التي مرت بهذه الأخيرة وهو ما يتجلى في بناء بيت شبيه ببيت الله الحرام بنفس المواصفات وفي نفس الحقبة الزمنية تقريبا التي كلف فيها النبي إبراهيم بتطهير الكعبة من مظاهر الوثنية
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) سورة الحج
ونشر ملة التوحيد في المنطقة
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) سورة إبراهيم
مثلما يتجلى في أسماء الثلاثي الإلهي الأنثوي الشبيه بثلاثي قوم الرسول المذكور في القرآن الذي تطورت عبادته مع مرور الوقت إلى عبادة الملائكة
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) سورة سبأ
إذن نحن في خضم نفس المنطقة الجغرافية تقريبا ومن جد المستبعد تكون كل هذه المعطيات مجرد مصادفات وأن تكون أسماء الآلهة التي عبدت في هذه المدينة بالذات
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) سورة الصافات
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) سورة النجم
هي الوحيدة في القرآن التي ذكرت بالإسم  بالإضافة لآلهة قوم نوح فكل شيء ذكر في كتاب الله إلا وله سبب الهدف منه توضيح حقيقة معينة 
وتبقى نظرية قابلة للتطور والتصحيح ودعوة لمن يهمه الأمر ولديه القدرة والإمكانيات للمساهمة بشكل أكبر في الوصول إلى الهدف المنشود