بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ظهرت في الآونة الأخيرة فئة من الباحثين أو بالأحرى فكرة جديدة تتناقل على لسانهم تفيد أن ما يسمى بالكتاب المقدس بعهديه القديم و الجديد هو كتاب و نور الله المبين المتمثل في التوراة و الإنجيل المنصوص عليهما في القرآن
و لم تتكتفي هذه الأصوات بالدعوة للإيمان بهذه الحقيقة بل طالبت المؤمنين بالعمل بأحكامهما و إقامتها على أرض الواقع بنفس إقامة أحكام القرآن بل إعتبرت الإمتناع عن ذلك تكذيب و كفر بآيات الله و تفريق بين الله و رسله و يبقى القاسم المشترك في أبحاث هؤلاء الباحثين هو سطحيتهم في قراءة نصوص القرآن و إعتمادهم على أسلوب الإصطفائية من خلال إكتفاءهم ببعض النصوص التي تثبت عدم التحريف التوراة و الإنجيل
و تجاهلهم لتأكيد القرآن على كتابة كتب مشابهة منسوبة لله و رسله
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (79) سورة البقرة
مما يجعلنا أمام إحتمالين إما أن تكون كتب اليهود و المسيحيين الحالية هي نفسها التوراة و الإنجيل اللذان أقر القرآن بمصداقيتهما و مصدرهما الإلهي و إما أن تكون هي نفسها كتب الشيطان المنسوبة لله و رسله التي حذر منها الرحمن
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ (102) سورة البقرة
فليس لأن اليهود و المسيحيين نسبوا كتبهم الحالية للتوراة و الإنجيل فإننا ملزمين بتصديق ذلك فعلى المدعي البينة و على من يدعو للإيمان بهذه الكتب تقديم الدليل المادي على مطابقة نصوصها و أحكامها لما جاء في القرآن و هنا تمكن مشكلة هؤلاء الباحثين الذين لم يدرس أغلبهم محتوى هذه الكتب ومع ذلك يدافعون عنها إنطلاقا من قراءتهم و فهمهم الشخصي للنص القرآني الخارجة عن نطاق سياقه الحقيقي فيتبنون نفس إعتقاد أصحاب المذاهب الخاطئ بأن كتب اليهود و المسيحية الحالية هي نفسها التوراة و الإنجيل المذكوران في نصوص القرآن رغم تعارضهما الواضح مع نصوص هذا الأخير
سفر الملوك الأول إصحاح 11
9 فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10 وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ.
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا (102) سورة البقرة
الذي سبق التطرق إليه بأدق التفاصيل في مقال
هل هناك توراة و إنجيل في عصرنا الحالي ؟
و عندما تعرض عليهم مثل هذه الإختلافات لا يجدون من مخرج سوى نسب هذه الإختلافات لسوء ترجمة و فهم النصوص و أن النسخة العبرية مطابقة للقرآن و هنا لا أدري عن أي نسخة عبرية يتحدثون النسخة العبرية السامرية أم النسخة العبرية اليهودية التي تختلف عنها في آلاف المواضع ؟
مع أن سوء الترجمة لا يمكنه نسب قصة حرب النبي طالوت المعرف بشاوول في العهد القديم ضد جالوت الفلسطيني حسب رواية العهد القديم
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) سورة البقرة
لشخص آخر يدعى جدعون ضد أهل مدين ؟!
لكن رغم كل هذه الدلائل يصر بعضهم على التشبث بفهمهم الخاص للقرآن الذي ينفي حسب إعتقادهم إمكانية تبديل كلام الله و هنا أتساءل عن تعريفهم لكلام الله ؟ هل هو قول الله الذي لا يبدل ؟
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) سوة ق
و الذي يشير لحكم الله بناء على مفهوم مصطلح القول في لغة القرآن
وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (152) سورة الأنعام
و بالضبط حكم الله الآخرة لو إعتمدنا السياق الكامل
لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ (29) سورة ق
لأن حكم الله في الدنيا يمكن أن يبدل بتوبة الجاني
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) سورة التوبة
هل المقصود بكلام الله كلمة الله التي لا تبدل ؟
لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) سورة يونس
و التي تشير في حقيقة الأمر إلى مشيئة الله
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة آل عمران
و ليس لكلام الله
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ (143) سورة الأعراف
ألا يجعل التعريف الخاطئ لقول و كلمة الله بأنهما كلام الله في رسالاته السماوية بغض النظر عن إستعماله كحجة لنفي تحريف الرسالات السماوية أو لنفي الناسخ و المنسوخ
كتاب الله محل تناقض ؟
وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ (101) سورة النحل
ألا يجعل زعم البعض بإستحالة ضياع كتب الله السماوية كالتوراة و الإنجيل كتاب الله محل شبهة لذكره صحف إبراهيم التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع ؟
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) سورة الأعلى
لكن تبقى مشكلة بعض الباحثين أنهم كلما إصطدموا بقوة حجة الدلائل الصارخة على تعارض النص القرآني مع نصوص العهدين القديم و الجديد كلما إخترعوا لهم معايير و تعريف جديد للتوراة و الإنجيل كالزعم بأن التوراة هي فقط الجزء الخاص بالأحكام و الشريعة في كتاب العهد القديم و ليس كل الكتاب و أن الإنجيل هو فقط الجزء الخاص بالنماء و النمو و الحياة و التزكية و التطهير في كتاب العهد الجديد و ليس كل الكتاب
مع إعطاء تعريف جديد لمصطلح الكتاب بأنه العلم بوجود الله و الرسل و الملائكة و الشياطين و اليوم الآخر و أنه متطابق في جميع الرسالات السماوية
مع العلم أن الكتابات المنسوبة للنبي موسى في العهد القديم لا تذكر شيئا عن اليوم الآخر و الحساب و الملائكة و الشياطين مما دفع ببعض الفرق اليهودية لإنكارهم
صدوقيون
الصدقيون جزء من الديانة اليهودية لكن لهم رؤيتهم الخاصة نحوها، فرفضوا التمسك والاعتراف بقدسية التوراة سوى أول خمسة أسفار العهد القديم والتي تنسب إلى موسى، أي التكوين، الخروج، العدد، اللاويين والتثنية؛ وأنكروا سائر الأسفار والكتب التي آمن اليهود بها؛ كذلك فقد أنكر الصدوقيون قيامة الأموات والإيمان بالحياة الأبدية بعد الموت ورفضوا الاعتراف بالملائكة والشياطين لعدم ذكرهم في الأسفار الخمسة التي آمنوا بها
فهل نستنتج من هذا الفهم أن النبي موسى لم يؤتى الكتاب ؟!
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) سورة الإسراء
و أن النبي محمد لم يؤتى سوى جزء من الحقيقية الربانية ؟!
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ (31) سورة فاطر
طبعا يبقى الهدف من هذه التفاسير و التعريفات المستحدثة إقناع الناس أننا جميعا مع اليهود و المسيحيين أهل نفس الكتاب
رغم أن السياق هو من يحدد هوية أهل الكتاب المخاطبين في النصوص
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) سورة آل عمران
و من المأمور بالحكم بالتوراة
وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) سورة المائدة
و من المأمور بالحكم الإنجيل
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) سورة المائدة
و من المأمور بالحكم بالقرآن
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (48) سورة المائدة
و أن وصف أهل الكتاب لم يشمل أتباع رسالة القرآن في أي نص من نصوص القرآن
و تبقى الغاية من لي عنق النصوص و إقتطاعها من سياقها بهذا الشكل المؤسف هو إقامة الحجة و إلزام أتباع رسالة القرآن بضرورة إقامة كتب اليهود و المسيحيين المليئة بأحكام الشيطان المخالفة لصريح القرآن التي يتجنبون الخوض فيها و هذه أمثلة لبعض هذه الأحكام التي تسترخص النفس البشرية بشكل لا يصدق
مفهوم المحكم و المتشابه
حين ينجح الشيطان في إيهام الإنسان بتطابق حكمين متعارضين
كالزعم بأن قول الله تعالى في القرآن
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت
هو نفسه قول الأناجيل المسيحية المزورة
إنجيل متى إصحاح 5
39 لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً.
الذي عندما نضعه في سياقه الكامل
إنجيل متى إصحاح 5
38 «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً.
تتجلى الكارثة و أنه اخترع خصيصا للإلغاء حكم الله في كل من التوراة و القرآن الذي وصف من لم يحكم به بالظلم
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) سورة المائدة ماذا يحدث عندما يسمع الناس لمثل هذه الإدعاءات ثم يقرأون السياق الكامل ؟ سيعتقدون أن قول الله تعالى
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت
الموافق لحكم الإنجيل حسب ما تم إيهامهم به قد قام بإلغاء حكم التوارة
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (45) سورة المائدة
و هو نفس ما يزعمه المسيحيون حاليا خصوصا مع إدعاء صاحب المقطع بأن الوصية السادسة من الوصايا العشر عند اليهود و المسيحيين لا تقتل
سفر الخروج إصحاح 20
13 لا تَقْتُلْ.
التي تحرم القتل بشكل مطلق و التي يستشهد بها المسيحيون لتأكيد حرمة جميع أنواع القتل و أن أحكام القتل في العهد القديم كانت مؤقتة و مقتصرة على شعب إسرائيل هي نفس الوصية المذكورة في نصوص القرآن
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) سورة الأنعام
التي نسي أو بالأحرى تناسى ذكر إستثناءها للقتل بالحق الذي يغير كل شيء و يثبت مبدأ النفس بالنفس كما يوضح هذا النص الأكثر تفصيل
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) سورة الإسراء
و هو ما يتماشى مع منطق العديد من الباحثين الحريصين على التوفيق بين القرآن و مواثيق و قوانين المجتمعات المعاصرة و ما يسمى بحقوق الإنسان أكثر من حرصهم على فهم القرآن في وجهه الصحيح
الأسلام والإعدام
أذكر أيام صياغة الدستور أثيرت نقاشات حول مشروعية حكم الأعدام. والنقاش حول هذا الأمر بين القانونيين كثير وقديم, الأ أن ما أثار أنتباهي عندها هو أصرار البعض على أنه لايمكن مسح عقوبة الأعدام من القانون طالما كان ذلك القانون مبني على التشريع الأسلامي,
بعد البحث حول هذا الشأن وجد الآيات المتعلقة بهذا الموضوع
النتيجة صادمة : لم أجد نصا قرآنيا واضحا ينص على حكم الأعدام !
السياق واضح وضوح الشمس, فهذه الآية تتكلم عن بني أسرائيل وما نزل اليهم من أحكام, وكذلك السياق بأكمله يتكلم عن تنوع الشرعة مابين أهل التوراة وأهل الأنجيل وأهل القرآن. وبالتالي فأن تشريع النفس بالنفس تشريع خاص ببني أسرائيل ولاعلاقة له بالشرعة القرآنية.
أذن لا يوجد نص قرآني قاطع على وجوب حكم الأعدام !
تعالوا لنسير معا قدما نحو "لا أعدام في الأسلام".
فالتوفيق بين نصوص القرآن و نصوص اليهود و المسيحيين أمر مستحيل و رفض هذه الحقيقة و تجاهلها سيؤدي حتما إلى فرض نصوص الشيطان على كتاب الرحمن كما كان الشأن مع تراث المذاهب الذي بمجرد إنكشاف عورته و ظهور أول بوادر زواله حتى خرجت أصوات تنادي بتبديله بتراث اليهود و المسيحيين الأكثر كارثية كأنه مكتوب علينا أن نشرك القرآن بكتب الشيطان إلى أن يرث الله الأرض و من عليها
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) سورة يوسف
فلا أدري ما الفائدة أصلا في الدعوة لإقامة التوراة و الإنجيل إذا كانت أحكامها حاضرة في نصوص القرآن ؟ و ما الفائدة من الدعوة لإقامة كتب غير القرآن في ظل تبيان و تفصيل هذا الأخير لكل شيء
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ (89) سورة النحل
مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ (111) سورة يوسف
سوى إتباع المتشابه و فتنة الناس
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ (7) سورة آل عمران
فكفوا عن الدفاع عن كتب و دين الشيطان و تمسكوا و ادرسوا كتاب ربكم حق الدراسة قبل إصدار مثل هذه الأحكام المتسرعة
و لم تتكتفي هذه الأصوات بالدعوة للإيمان بهذه الحقيقة بل طالبت المؤمنين بالعمل بأحكامهما و إقامتها على أرض الواقع بنفس إقامة أحكام القرآن بل إعتبرت الإمتناع عن ذلك تكذيب و كفر بآيات الله و تفريق بين الله و رسله و يبقى القاسم المشترك في أبحاث هؤلاء الباحثين هو سطحيتهم في قراءة نصوص القرآن و إعتمادهم على أسلوب الإصطفائية من خلال إكتفاءهم ببعض النصوص التي تثبت عدم التحريف التوراة و الإنجيل
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (79) سورة البقرة
مما يجعلنا أمام إحتمالين إما أن تكون كتب اليهود و المسيحيين الحالية هي نفسها التوراة و الإنجيل اللذان أقر القرآن بمصداقيتهما و مصدرهما الإلهي و إما أن تكون هي نفسها كتب الشيطان المنسوبة لله و رسله التي حذر منها الرحمن
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ (102) سورة البقرة
فليس لأن اليهود و المسيحيين نسبوا كتبهم الحالية للتوراة و الإنجيل فإننا ملزمين بتصديق ذلك فعلى المدعي البينة و على من يدعو للإيمان بهذه الكتب تقديم الدليل المادي على مطابقة نصوصها و أحكامها لما جاء في القرآن و هنا تمكن مشكلة هؤلاء الباحثين الذين لم يدرس أغلبهم محتوى هذه الكتب ومع ذلك يدافعون عنها إنطلاقا من قراءتهم و فهمهم الشخصي للنص القرآني الخارجة عن نطاق سياقه الحقيقي فيتبنون نفس إعتقاد أصحاب المذاهب الخاطئ بأن كتب اليهود و المسيحية الحالية هي نفسها التوراة و الإنجيل المذكوران في نصوص القرآن رغم تعارضهما الواضح مع نصوص هذا الأخير
سفر الملوك الأول إصحاح 11
9 فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10 وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ.
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا (102) سورة البقرة
الذي سبق التطرق إليه بأدق التفاصيل في مقال
هل هناك توراة و إنجيل في عصرنا الحالي ؟
و عندما تعرض عليهم مثل هذه الإختلافات لا يجدون من مخرج سوى نسب هذه الإختلافات لسوء ترجمة و فهم النصوص و أن النسخة العبرية مطابقة للقرآن و هنا لا أدري عن أي نسخة عبرية يتحدثون النسخة العبرية السامرية أم النسخة العبرية اليهودية التي تختلف عنها في آلاف المواضع ؟
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) سورة البقرة
لشخص آخر يدعى جدعون ضد أهل مدين ؟!
سفر القضاة إصحاح 7
4 وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيراً. انْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَكَ. وَكُلُّ مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا لاَ يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ لاَ يَذْهَبُ». 5 فَنَزَلَ بِالشَّعْبِ إِلَى الْمَاءِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «كُلُّ مَنْ يَلَغُ بِلِسَانِهِ مِنَ الْمَاءِ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ فَأَوْقِفْهُ وَحْدَهُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلشُّرْبِ». 6 وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ وَلَغُوا بِيَدِهِمْ إِلَى فَمِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةِ رَجُلٍ. وَأَمَّا بَاقِي الشَّعْبِ جَمِيعاً فَجَثُوا عَلَى رُكَبِهِمْ لِشُرْبِ الْمَاءِ. 7 فَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «بِالثَّلاَثِ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ وَلَغُوا أُخَلِّصُكُمْ وَأَدْفَعُ الْمِدْيَانِيِّينَ لِيَدِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الشَّعْبِ فَلْيَذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ». لكن رغم كل هذه الدلائل يصر بعضهم على التشبث بفهمهم الخاص للقرآن الذي ينفي حسب إعتقادهم إمكانية تبديل كلام الله و هنا أتساءل عن تعريفهم لكلام الله ؟ هل هو قول الله الذي لا يبدل ؟
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) سوة ق
و الذي يشير لحكم الله بناء على مفهوم مصطلح القول في لغة القرآن
وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (152) سورة الأنعام
و بالضبط حكم الله الآخرة لو إعتمدنا السياق الكامل
لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ (29) سورة ق
لأن حكم الله في الدنيا يمكن أن يبدل بتوبة الجاني
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) سورة التوبة
هل المقصود بكلام الله كلمة الله التي لا تبدل ؟
لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) سورة يونس
و التي تشير في حقيقة الأمر إلى مشيئة الله
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة آل عمران
و ليس لكلام الله
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ (143) سورة الأعراف
ألا يجعل التعريف الخاطئ لقول و كلمة الله بأنهما كلام الله في رسالاته السماوية بغض النظر عن إستعماله كحجة لنفي تحريف الرسالات السماوية أو لنفي الناسخ و المنسوخ
وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ (101) سورة النحل
ألا يجعل زعم البعض بإستحالة ضياع كتب الله السماوية كالتوراة و الإنجيل كتاب الله محل شبهة لذكره صحف إبراهيم التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع ؟
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) سورة الأعلى
لكن تبقى مشكلة بعض الباحثين أنهم كلما إصطدموا بقوة حجة الدلائل الصارخة على تعارض النص القرآني مع نصوص العهدين القديم و الجديد كلما إخترعوا لهم معايير و تعريف جديد للتوراة و الإنجيل كالزعم بأن التوراة هي فقط الجزء الخاص بالأحكام و الشريعة في كتاب العهد القديم و ليس كل الكتاب و أن الإنجيل هو فقط الجزء الخاص بالنماء و النمو و الحياة و التزكية و التطهير في كتاب العهد الجديد و ليس كل الكتاب
صدوقيون
الصدقيون جزء من الديانة اليهودية لكن لهم رؤيتهم الخاصة نحوها، فرفضوا التمسك والاعتراف بقدسية التوراة سوى أول خمسة أسفار العهد القديم والتي تنسب إلى موسى، أي التكوين، الخروج، العدد، اللاويين والتثنية؛ وأنكروا سائر الأسفار والكتب التي آمن اليهود بها؛ كذلك فقد أنكر الصدوقيون قيامة الأموات والإيمان بالحياة الأبدية بعد الموت ورفضوا الاعتراف بالملائكة والشياطين لعدم ذكرهم في الأسفار الخمسة التي آمنوا بها
فهل نستنتج من هذا الفهم أن النبي موسى لم يؤتى الكتاب ؟!
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) سورة الإسراء
و أن النبي محمد لم يؤتى سوى جزء من الحقيقية الربانية ؟!
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ (31) سورة فاطر
طبعا يبقى الهدف من هذه التفاسير و التعريفات المستحدثة إقناع الناس أننا جميعا مع اليهود و المسيحيين أهل نفس الكتاب
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) سورة آل عمران
و من المأمور بالحكم بالتوراة
وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) سورة المائدة
و من المأمور بالحكم الإنجيل
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) سورة المائدة
و من المأمور بالحكم بالقرآن
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (48) سورة المائدة
و أن وصف أهل الكتاب لم يشمل أتباع رسالة القرآن في أي نص من نصوص القرآن
و تبقى الغاية من لي عنق النصوص و إقتطاعها من سياقها بهذا الشكل المؤسف هو إقامة الحجة و إلزام أتباع رسالة القرآن بضرورة إقامة كتب اليهود و المسيحيين المليئة بأحكام الشيطان المخالفة لصريح القرآن التي يتجنبون الخوض فيها و هذه أمثلة لبعض هذه الأحكام التي تسترخص النفس البشرية بشكل لا يصدق
سفر اللاويين إصحاح 20
27 «وَاذَا كَانَ فِي رَجُلٍ اوِ امْرَاةٍ جَانٌّ اوْ تَابِعَةٌ فَانَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».
بل حتى تلك التي يستشهدون بها لإثبات تطابق أحكام القرآن مع أحكام ما يسمى بالكتاب المقدس لا تخلو من الإختلاف و التعارض و هنا تمكن خطورة المتشابه من هذه الكتب مع القرآن التي سبقت الإشارة إليها في مقال
سفر الخروج إصحاح 21
15 وَمَنْ ضَرَبَ ابَاهُ اوْ امَّهُ يُقْتَلُ قَتْلا. 16 وَمَنْ سَرِقَ انْسَانا وَبَاعَهُ اوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ يُقْتَلُ قَتْلا. 17 وَمَنْ شَتَمَ ابَاهُ اوْ امَّهُ يُقْتَلُ قَتْلا.
مفهوم المحكم و المتشابه
حين ينجح الشيطان في إيهام الإنسان بتطابق حكمين متعارضين
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت
هو نفسه قول الأناجيل المسيحية المزورة
إنجيل متى إصحاح 5
39 لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً.
الذي عندما نضعه في سياقه الكامل
إنجيل متى إصحاح 5
38 «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً.
تتجلى الكارثة و أنه اخترع خصيصا للإلغاء حكم الله في كل من التوراة و القرآن الذي وصف من لم يحكم به بالظلم
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) سورة المائدة ماذا يحدث عندما يسمع الناس لمثل هذه الإدعاءات ثم يقرأون السياق الكامل ؟ سيعتقدون أن قول الله تعالى
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت
الموافق لحكم الإنجيل حسب ما تم إيهامهم به قد قام بإلغاء حكم التوارة
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (45) سورة المائدة
و هو نفس ما يزعمه المسيحيون حاليا خصوصا مع إدعاء صاحب المقطع بأن الوصية السادسة من الوصايا العشر عند اليهود و المسيحيين لا تقتل
سفر الخروج إصحاح 20
13 لا تَقْتُلْ.
التي تحرم القتل بشكل مطلق و التي يستشهد بها المسيحيون لتأكيد حرمة جميع أنواع القتل و أن أحكام القتل في العهد القديم كانت مؤقتة و مقتصرة على شعب إسرائيل هي نفس الوصية المذكورة في نصوص القرآن
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) سورة الأنعام
التي نسي أو بالأحرى تناسى ذكر إستثناءها للقتل بالحق الذي يغير كل شيء و يثبت مبدأ النفس بالنفس كما يوضح هذا النص الأكثر تفصيل
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) سورة الإسراء
و هو ما يتماشى مع منطق العديد من الباحثين الحريصين على التوفيق بين القرآن و مواثيق و قوانين المجتمعات المعاصرة و ما يسمى بحقوق الإنسان أكثر من حرصهم على فهم القرآن في وجهه الصحيح
الأسلام والإعدام
أذكر أيام صياغة الدستور أثيرت نقاشات حول مشروعية حكم الأعدام. والنقاش حول هذا الأمر بين القانونيين كثير وقديم, الأ أن ما أثار أنتباهي عندها هو أصرار البعض على أنه لايمكن مسح عقوبة الأعدام من القانون طالما كان ذلك القانون مبني على التشريع الأسلامي,
بعد البحث حول هذا الشأن وجد الآيات المتعلقة بهذا الموضوع
النتيجة صادمة : لم أجد نصا قرآنيا واضحا ينص على حكم الأعدام !
السياق واضح وضوح الشمس, فهذه الآية تتكلم عن بني أسرائيل وما نزل اليهم من أحكام, وكذلك السياق بأكمله يتكلم عن تنوع الشرعة مابين أهل التوراة وأهل الأنجيل وأهل القرآن. وبالتالي فأن تشريع النفس بالنفس تشريع خاص ببني أسرائيل ولاعلاقة له بالشرعة القرآنية.
أذن لا يوجد نص قرآني قاطع على وجوب حكم الأعدام !
تعالوا لنسير معا قدما نحو "لا أعدام في الأسلام".
فالتوفيق بين نصوص القرآن و نصوص اليهود و المسيحيين أمر مستحيل و رفض هذه الحقيقة و تجاهلها سيؤدي حتما إلى فرض نصوص الشيطان على كتاب الرحمن كما كان الشأن مع تراث المذاهب الذي بمجرد إنكشاف عورته و ظهور أول بوادر زواله حتى خرجت أصوات تنادي بتبديله بتراث اليهود و المسيحيين الأكثر كارثية كأنه مكتوب علينا أن نشرك القرآن بكتب الشيطان إلى أن يرث الله الأرض و من عليها
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) سورة يوسف
فلا أدري ما الفائدة أصلا في الدعوة لإقامة التوراة و الإنجيل إذا كانت أحكامها حاضرة في نصوص القرآن ؟ و ما الفائدة من الدعوة لإقامة كتب غير القرآن في ظل تبيان و تفصيل هذا الأخير لكل شيء
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ (89) سورة النحل
مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ (111) سورة يوسف
سوى إتباع المتشابه و فتنة الناس
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ (7) سورة آل عمران
فكفوا عن الدفاع عن كتب و دين الشيطان و تمسكوا و ادرسوا كتاب ربكم حق الدراسة قبل إصدار مثل هذه الأحكام المتسرعة
تعليقات
إرسال تعليق