الهجرة كما جاءت في القرآن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


تعد الهجرة النبوية من مكة إلى يثرب أحد أهم الأحداث التاريخية المنسوبة للتاريخ الإسلامي إن لم تكن أهمها على الإطلاق كيف لا وقد جعلت نقطة البداية للتاريخ الإسلامي من خلال ما يسمى بالتقويم الهجري وإن كان البعض يستغرب من جعل الهجرة رمز لبداية الإسلام الحقيقية لوجود أحداث أكثر أهمية كفتح المسجد الحرام أو بداية نزول الوحي فلا غرابة بالنسبة لمن أدرك خرافة جل ما نقله لنا تاريخ وموروث المذاهب وبعده التام عن الواقع القرآني
وكحال كل ما نسب للدين الإسلامي من موروث فوجب دراسته وتحليله وعرضه على صريح القرآن لتبيان مدى درجة صدقه من عدمه وشأنها شأن كل رواية مذهبية فبمجرد عرض بداية القصة على القصص القرآني حتى يتبين تعارضها الكلي مع الحقيقة القرآنية...كأن الأمر مقصود لقلب جميع الحقائق رأسا على عقب وتزيف ومحو التاريخ النبوي الحقيقي بشكل كلي حيث صورت لنا السيرة أن الهجرة كانت عبارة عن خطوة إرادية خطط لها الرسول وأصحابه منذ مدة فخرجوا سرا الواحد تلو الآخر ضد رغبة الكفار الذين كانوا يريدون إجبارهم على البقاء حتى إكتملت الحلقة بوصول الرسول وأبو بكر إلى يثرب دار الأمان 
لكننا في القرآن نجد العكس فليس الرسول من خرج ضد رغبة الكفار بل الكفار من سعوا لإخراجه من قريته ضد رغبته في أكثر من مناسبة
وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سورة الإسراء
حتى تأتى لهم ما أرادوا
 وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) سورة محمد
نفس الشيء بالنسبة لبقية المؤمنين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ (1) سورة الممتحنة 
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) سورة الممتحنة  
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (40) سورة الحج
فالهجرة لم تكن ضد رغبة الكفار بل بإرادتهم ولم تكن برغبة و تخطيط من المؤمنين الذين أجبروا على ذلك وهو ما يحيلنا إلى السؤال التالي إذا كان الكفار هم من أخرجوا الرسول من قريتهم وليس العكس فما محل قصة هروبه وإختباءه في الغار ؟ وهل لها علاقة بالفعل بنص سورة التوبة
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) سورة التوبة
أما الأمر كالعادة مجرد تلفيق واختراع من طرف مؤلفي كتب التراث ؟ وأول السؤال يطرح نفسه هو لماذا تأخر ذكر هذه الحادثة المزعوم حتى أواخر سور القرآن وحياة الرسول حسب سيرة المذاهب بعد عدة سنوات على حدوثها المفترض ؟ ألم يكن الأجدر ذكرها مباشرة بعد حدوثها حتى يكون لها وقع أكبر ؟ الملاحظة الثانية أن الرسول قال لصحابه لا تحزن وليس لا تخف 
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40) سورة التوبة
في إشارة صريحة على أنهما كان في حالة حزن وإنكسار وليس في حالة خوف وهرب والأغرب من ذلك هو عدم ملاحظة مخترعي هذه القصة للعلاقة الواضحة بين قصة الغار القرآنية 
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) سورة التوبة
ومعركة حنين 
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) سورة التوبة
رغم ورودهما في نفس السورة ونفس السياق تقريبا وتحدثهما عن نفس القصة تقريبا التي تبدو كالآتي
هزيمة وطرد المؤمنين من طرف الكفار من الموقع أو القرية التي دارت فيها المعركة
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا (40) سورة التوبة
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) سورة التوبة
لجوء المؤمنين إلى مغارات في المنطقة للقضاء الليلة فلجأ الرسول وأحد أصحابه بإحداها
ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (40) سورة التوبة
قبل أن ينزل الله سكينته على الرسول والمؤمنين
فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ (40) سورة التوبة
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ (26) سورة التوبة
ويأيده بالملائكة
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا (40) سورة التوبة
وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا (26) سورة التوبة
ويهزم ويعذب الكافرين
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى (40) سورة التوبة
وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا (26) سورة التوبة
والله تعالى أعلم ويبقى هذا الطرح أقرب بكثير من المنطق وواقع النصوص من خرافة الغار التراثية المليئة بالثغرات والمقتسبة بأدق التفاصيل من رواية مسيحية تعود للقرن الثالث الميلادي عن قديس مسيحي يدعى فيلكس النولي إختبأ هو الآخر مع صاحبه هروبا من جنود الرومان فنسجت العنكبوت بيتها لحمايتهما وخداع جنود الرومان
bishop Maximus. Felix found Maximus alone, ill, and helpless, and hid him from soldiers in a vacant building. When the two were safely inside, a spider quickly spun a web over the door
الأسقف مكسيموس. وجد فيليكس مكسيموس بمفرده ، مريضاً ، وعاجزاً ، وخبأه من الجنود في مبنى فارغ. عندما كان الاثنان في الداخل بأمان ، سرعان ما نسج عنكبوت شبكة على الباب



فقط تم تغير جنود الرومان بمشركي قريش 
و مع ذلك يبقى بعض التشابه بين القصة وما جاء في القرآن لكن في الحقيقية لا يوجد أي دليل علمي على زمن نزول القرآن الحقيقي وقد سبق لي التطرق لهذه النقطة في مقال
متى بعث الرسول محمد ؟
فهناك إحتمال كبير أن تكون هذه القصة مقتبسة من القرآن نفسه مع بعض الإضافات كالعنكبوت لكن الشيء الأكيد أن أصحاب المذاهب إقتبسوا القصة من رواية فيلكس وليس من كتاب الله
من الأفكار التي روجت لها سيرة المذاهب أيضا الإعتقاد أن الهجرة كانت حدث لحظي إنتهى بهجرة الرسول وأنه إقتصر على من آمن من قومه ويعود السبب لهذه المغالطة إلى حصر كتب التراث لهوية المؤمنين قبل الهجرة في أهل مكة بالإضافة لأهل يثرب الذين قاموا بنصرة وإيواء المهاجرين المكيين الذين هاجروا بشكل سري حتى لحق بهم النبي محمد وهنا أيضا القاعدة لم تتغير بمجرد عرض الرواية المذهبية على كتاب الله حتى يتجلى الإختلاف والتعارض والجهل الكلي بأوضح الحقائق القرآنية كما هو الشأن بالنسبة لسورة النحل التي يشير كل شيء في نصوصها إلى نزولها في مرحلة ما قبل هجرة النبي محمد عندما كان الخطاب موجه بالأساس لقومه المشركين 
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) سورة النحل
منكري البعث واصفي الكتب السماوية السابقة بأساطير الأولين 
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) سورة النحل
المعترضين على بشرية الأنبياء
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) سورة النحل
كراهي الإناث الذي كانوا يعبدون في نفس الوقت آلهة إناث يزعمون أنهن بنات الله
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) سورة النحل
باختصار قوم الرسول الذين كان يحرص على هدايتهم أكثر من أي قوم آخرين 
إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) سورة النحل
كما جاء في مواضع أخرى
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) سورة القصص
وبالتالي فلا مجال لنسب نصوص سورة النحل لمرحلة ما بعد الهجرة وهذا أدركه سلف المذاهب الذين قاموا بتصنيفها مع ما يسمى بالسور المكية والمفاجئة أننا سنجد في نفس سياقها الذي يروي جدال الرسول محمد مع كفار قومه ذكر صريح للمهاجرين
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) سورة النحل
المشكلة هنا أن الهجرة لم تكن سرية كما زعمت كتب التراث بل حدث مذكور في القرآن وفي نفس الوقت ابتلاء وموقف صعب استلزم الصبر ولم تكن خيارا من المؤمنين لكن تبقى الصدمة الكبرى هي ذكر جهاد المهاجرين والرسول لا يزال مستقرا في قريته وهو ما ينسف كل ما عرفناه عن الهجرة النبوية في الرواية المذهبية ويثبت أن طرد وإخراج وقتال المؤمنين قد إبتدأ في قرى أخرى قبل قرية الرسول محمد وفي نفس الوقت إيمان أقوام وقرى أخرى من دون قرية الرسول قبل مرحلة الهجرة عكس ما جاء في كتب التراث طبيعي فالرسالة المحمدية كانت شاملة منذ بدايتها لعدة قرى وليس لقرية واحدة
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا (7) سورة الشورى
وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا (92) سورة الأنعام
وعندما استشعر أصحاب هذه القرى خطر إنتشار الإسلام قاموا بإضطهاد المؤمنين وطردهم وقتالهم وقد وصفت هذه الأقوام بالأحزاب في إشارة إلى مجموعة أقوام متحدة لمحاربة دعوة النبي محمد المصطلح الذي ورد سواء في سور ما قبل الهجرة 
أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ (17) سورة هود
أو تلك التي نزلت من بعد
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) سورة الأحزاب
 و قد إستمرت الهجرة طوال البعثة حتى جاء النصر وهذه النص يجلي هذه الحقيقة بوضوح
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) سورة الأنفال
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) سورة الأنفال
فكما يلاحظ فقد كانت الهجرة فريضة متواصلة من مختلف القرى والأقوام منها من كان له معاهدات مع المؤمنين ومنها ما لم تكن له 
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ (90) سورة النساء
فهناك من هاجر بمحض إرادته و هناك من طرد من أرضه
 لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)  سورة الحشر
 فالهجرة لم تكن حدث لحظي أو بداية مرحلة بل كانت فريضة متواصلة لنصرة دين الله في فترة زمنية معينة مثلها مثل الجهاد 
فعندما يطلع المرأ على مثل هذه الأشياء و يقوم بقارنتها بما جاء في الروايات ثم يعرض ما توصل إليه على نصوص القرآن يتبين له أن السيرة والأحاديث مجرد محاولة لفرض معتقدات وقصص فلكلورية معاصرة على نصوص القرآن وأن من إختراعها لا علاقة بمحيط الرسول الحقيقي لا من بعيد ولا من قريب