بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من أكثر العبادات تقديسا لدى اصحاب المذاهب الصيام عامة و صيام شهر رمضان خاصة لكن هل يرقى الصيام بالفعل للأهمية و المكانة التي أعطاها إياها أصحاب المذاهب ؟
فإنه لمن الغريب أن يقتصر القرآن الذي حث على الصلاة و الزكاة و البر بالأقارب و اليتامى و المساكين في عشرات المواضع على ذكر خمس آيات فقط في تفصيل هذه العبادة العظيمة على حد وصفهم و التي تأتي في المرتبة الرابعة من حيث الأهمية في أركان المذاهب و تصنيفاتهم و في حقيقية الأمر هي ثلاث آيات فقط فقد إدعوا أن الآيتين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) سورة البقرة
قد تم نسخهما و إلغاء حكمهما بالآيات الموالية حيث إدعوا أن عدة الأيام المعدودات في بداية الإسلام كانت ثلاثة أيام فقط و أن المسلم كان مخيرا بين صيامها أو إطعام المساكين
تفسير بن كثير
{ كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}
لأن الصوم فيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان، ولهذا ثبت في الصحيحين: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ثم بيَّن مقدار الصوم وأنه ليس في كل يوم، لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل في أيام معدودات، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام، يصومون من كل شهر ثلاثة أيام، ثم نسخ ذلك بصوم شهر رمضان كما سيأتي بيانه
{ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكيناً فأجزأ ذلك عنه، ثم إن اللّه عزّ وجلّ أنزل الآية الأُخرى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} إلى قوله: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فأثبت اللّه صيامه على المقيم الصحيح،
لكن يبقى السؤال كم من عام صام المؤمنون بهذه الطرقة قبل أن تنسخ الآية و هل بقية سورة البقرة معلقة في الآية الرابعة و الثمانون لأكثر من عام ؟ قبل أن تنزل الآية الموالية الناسخة
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) سورة البقرة
فلا يوجد في نص الآية ما يوحي أنها بالفعل قد نسخت سابقتها و أصلا لا وجود لآيات ملغاة الحكم في القرآن و قد سبق و تطرقت لهذه النقطة في موضوع
فهذه الآية جاءت كتتمة و تفصيل لسابقتها لتحدد لنا هوية الأيام المعدودات المتمثلة في أيام شهر رمضان لكنهم حاولوا الفصل بينهما و إتهام نصوص القرآن كعادتهم بعدم التفصيل بإدعاء أنها لم تحدد لنا عدة الأيام المعدودات تاركة هذه المهمة لسنتهم الموقرة ؟ فهل صعب على الله ذكر كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ثلاثة أيام ؟ فلا وجود لأي نسخ في نصوص الصيام هناك صيام و حكم واحد فرض على على جميع الأمم حتى قبل نزول القرآن هو صيام شهر رمضان و من بين الرخص المشروعة التي تم إلغائها منه بهتانا و زروا إلغاء حرية الإختيار بين الصيام و فدية إطعام المساكين كما ذكر بوضوح في النصوص
و لعل ما يوحي بعض الشيء بوجود نسخ في نصوص الصيام هو تحليل الرفث إلى النساء ليلة الصيام في بقية الآيات
و لعل ما يوحي بعض الشيء بوجود نسخ في نصوص الصيام هو تحليل الرفث إلى النساء ليلة الصيام في بقية الآيات
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) سورة البقرة
حيث أشارت إلى أن المؤمنين كانوا يختانون أنفسهم و يباشرون نسائهم رغم تحريم ذلك في الماضي لكن يبقى السؤال المطروح أين أمر تحريم الرفث إلى النساء في القرآن ؟ فمن الواضح أن تشريع الصيام جاء في هذه النصوص و ليس قبلها و كما يلاحظ فأنه لا يوجد أي تفاصيل عن الصيام كموعد الإمساك و الإفطار سوى في نص هذه الآية
فمفسري السلف ألغوا من حساباتهم فرضية أن الخطاب قد يكون موجه لأهل الكتاب الذين أمنوا برسالة محمد بخصوص مباشرة النساء في الليل و أن نص الآية جاء ناسخ لصيامهم في شرائعهم السابقة التي كانت تحرم عليهم مباشرة نساءهم في الليل و هذا هو الأقرب للواقع و المنطق
فلا يوجد ما يوحي بوجود تدرج في آيات الصيام كما لا يوجد في القرآن ما يوحي أن الصيام عبادة ذات أهمية كبيرة لدرجة أن الإسلام يقوم عليها و يجعل تاركها يعتبر خارجا من الملة و مما يؤكد ذلك جعله عبادة إختيارية يمكن تعويضها بإطعام المساكين و عدم وجود أي توعد في نصوص الآيات للممتنع عنها مثل الصلاة و الزكاة و حتى الحج لكن أصحاب المذاهب حولوه لأحد أسس الدين التي لا غنى عنها مما يؤكد مرة أخرى بعدهم التام عن الحقيقة القرآنية
فلا يوجد ما يوحي بوجود تدرج في آيات الصيام كما لا يوجد في القرآن ما يوحي أن الصيام عبادة ذات أهمية كبيرة لدرجة أن الإسلام يقوم عليها و يجعل تاركها يعتبر خارجا من الملة و مما يؤكد ذلك جعله عبادة إختيارية يمكن تعويضها بإطعام المساكين و عدم وجود أي توعد في نصوص الآيات للممتنع عنها مثل الصلاة و الزكاة و حتى الحج لكن أصحاب المذاهب حولوه لأحد أسس الدين التي لا غنى عنها مما يؤكد مرة أخرى بعدهم التام عن الحقيقة القرآنية
تعليقات
إرسال تعليق