أكذوبة التواتر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


يعتبر التواتر أكبر سلاح و حجة يستعملها أصحاب المذاهب و المدافعين عن التراث لتبرير أحكامهم و عبادتهم التي لم ينزل بها الله من سلطان حيث يدعون أن الله تعالى حفظ لنا سنته عن طريق التواتر عبر الأجيال و أن نفس هذه الأجيال و بالأخص السلف الصالح هم من حفظوا و نقلوا لنا القرآن جيل عبر جيل و بالتالي إن لم نقبل السنة الموروثة فعلينا عدم قبول القرآن أيضا
أنظر كيف يزايدون على كتاب الله و يربطون الإيمان به بالإيمان بسنتهم ؟
فهل بالفعل من وصفوهم بالسلف الصالح هم من دونوا القرآن و قاموا بحفظه من أيدي المتلاعبين أم أنه كان محفوظ في صدور العباد قبل ذلك بقرون طويلة فالتاريخ الذي بين أيدينا تاريخ مزور حيث قام بنسب كل المجد لمؤسسي الإسلام السياسي الذي نتج عنه لاحقا ظهور المذاهب لكن لو تدبرنا في الحقائق التاريخية و الجغرافية المتواجدة بين أيدينا خصوصا القرآنية منها بمنطقية و حياد سنجد أن هؤلاء الصحابة الممجدين لدرجة الأنبياء لا محل لهم من الأعراب في التاريخ الإسلامي الحقيقي و قد تفصلهم قرون طويلة عن الزمن الحقيقي الذي بعث و عاش فيه النبي محمد عليه السلام كما تمت الإشارة في موضوع
و لعل أبرز كذبة لهم على الإطلاق إدعاء أن الرسول محمد لم يجمع و يدون القرآن في عصره و بالتالي أشرك مهمة إبلاغ الرسالة بل و ترك الجزء الأهم منها لأصنامهم البشرية ؟
فالقرآن كان مجموعا و مدونا في عصر النبي بنصوص صريحة لا تقبل الجدل
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)  سورة الطور
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)  سورة عبس
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)  سورة الفرقان
و قد تعهد الله بحفظه كما حفظ جميع جميع الرسالات السابقة من قبله حتى إنتهاء فترة صلاحيتها كما جاء في موضوع
بآية صريحة و واضحة
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)  سورة الحجر
و عندما نتحدث عن حفظ الذكر فإننا نتحدث عن الكتب السماوية  عامة و القرآن خاصة  و لا شيء غيرها 
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)  سورة ص
 نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)  سورة ق
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)  سورة الأنبياء
أهل الذكر أي أي الكتاب
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)  سورة الأنبياء 
كتاب واحد و ليس عدة كتب ؟
و عندما نتحدث عن الكتاب فإننا نتحدث عن كتاب يحتوي بين طياته تبيان لكل شيء أي كل ما يخص العبادات و الأحكام 
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)  سورة النحل
لكن أصحاب التراث و المذاهب ممن أصروا على فرض عباداتهم و عاداتهم التي لم ينزل بها الله من سلطان إخترعوا في نفس الوقت لتبرير هذه العبادات مقولة ما حفظ الله من سنة نبيه و من عبادات لم يتم تفصيلها في القرآن ؟ ألا يخجلون بكذبهم المتعمد حينما يتهمون القرآن بعدم التفصيل مكذبين بذلك صريح نصوصه
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)  سورة يوسف
ثم يأمرون الناس بإتباع ما تناقلوه عن أسلافهم أبا عن جد من تشريعات مجهولة المصدر ؟ لكن المضحك بالفعل هو كيلهم للاشياء بمكيالين فعندما يريدون إنتقاد الملل الأخرى كالمسيحية مثلا يرفضون التواتر و يلومون تأخر تدوين الأناجيل لكن عندما يتعلق الأمر بأسلافهم فنجد إنقلاب تام للمعايير و غياب تام للمنطق و الإكتفاء بالإيمان العاطفي حيث يجعلون أسلافهم في مصاف الملائكة ؟
فهل ترك الرسول محمد بالفعل خلفه أمة من الصالحين الذين يمكن أن يأمن الله تعالى على دينه بين أيديهم و هل هناك في القرآن يشير إلى ذلك ؟
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)  سورة آل عمران
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)  سورة التوبة
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)  سورة المائدة
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)  سورة الإسراء
فأي عقل يقبل أن تبقى العبادات كما هي طيلة أربعة عشر قرنا بين أيدي هؤلاء ؟ هذا إن سلمنا أصلا أن الرسول بعث بالفعل قبل أربعة عشر قرنا ؟ فلا يمكن لنا أن نعتمد على البشر في حفظ الأحكام و العبادات لأنه أغلبهم فاسقين و غير أهل للثقة 
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)  سورة الأنعام
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)  سورة يوسف
و إلا لما أنزل الله رسالاته في شكل صحف مكتوبة و إكتفى بتركه أقواله بين أيدي البشر ؟ فالتدوين هو عدو المحرفين و هو السبيل الوحيد الذي حافظ على القرآن من التحريف و مع ذلك نجد تلاعب في نطق و معاني العديد من كلامته كما سبقت الإشارة في موضوع
مفهوم عربية القرآن
و يبقى السؤال المطروح لهؤلاء هل صعب على الله و رسوله جمع و كتابة كل الشرائع و الأحاديث التي يزعمون في كتب محفوظة لو كانت هذه الأخيرة موجودة  بالفعل و جزء من الدين ؟ فعلى سبيل المثال نجد حاليا مئات إن لم نقل ألاف الكتب الخاصة بتعليم الصلاة فهل صعب هذا الأمر على الرسول و كل من عاصره ؟
فالتواتر مجرد محاولة يائسة لتبرير شرائعهم البشرية التي فرضوها على دين الله تعالى و بدون شعور يعطون الحجة لبقية الملل الكذابة التي تتبع نفس المنهج

تعليقات