المفهوم اللغوي للإسلام

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



العديد من الناس يؤمنون و يعلنون إتباعهم للإسلام كدين دون إدراك حتى مفهوم هذا الإسم لغويا و هناك فئة كبيرة تعتقد أنها أدركت مفهوم الإسلام اللغوي معتمدة على آراء شيوخ و سلف المذاهب التي قامت بتفسيره على أنه إستسلام لرب العالمين و يبقى السؤال المطروح هل نحن بالفعل مستسلمون لله سبحانه تعالى ؟
فلنبدأ أولا بمفهوم الإسلام اللغوي الذي يتجلى بوضوح أنه مشتق من كلمة السلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)  سورة البقرة
و بالضبط من التسليم الذي يشير إلى تسليم الشيء بمعنى إعطائه و تأديته بطريقته سلمية
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)  سورة النساء
و يبقى الإسلام نوع من التسليم و يشير لتسليم النفس بطريقة سلمية و كمثال صريح على ذلك تسليم النفس للعدو أثناء الحرب كما جاء في هذه الآية
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)  سورة الفتح
أما المعنى العقائدي للإسلام فيتمثل في تسليم النفس لله سبحانه و تعالى
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)  سورة النساء
و ذلك من خلال جعل كل أعمالنا في الحياة الدنيا خالصة لله وحده 
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)  سورة الأنعام
و الحقيقة أن كل مخلوق في هذا الوجود مسلم لرب العالمين خاضع لمشيئته وحده شاء أم أبى
   لكن يبقى الفرق في قبول هذا الخضوع طوعا كما هو الحال بالنسبة للمسلمين عقائديا أو الإجبار عليه كرها بعد إنعدام الخيارات و الحلول كحال الكفار حين يرون العذاب
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)  سورة يونس 
حين لا يجدون أمامهم من خيار سوى الخضوع لله تعالى حينها و الإعتراف بألوهيته المطلقة
لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84)  سورة غافر
 و بجرائمهم و ظلمهم في الحياة الدنيا 
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)  سورة غافر
و هذا النوع من الإسلام هو من وصفه الله تعالى بالإستسلام
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)  سورة الصافات
و بالتالي لا يجوز مقارنة الإستسلام بإسلام  الوجه لرب العالمين عن قناعة و طيب خاطر 
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)  سورة المزمل
فنحن مسلمون و لسنا مستسلمون مجبرين كرها على عبادة الله فيجب الإنتباه من هذا الخطأ اللغوي الذي له دلالة مغايرة كليا عن الإسلام الذي أراده منا رب العالمين


تعليقات