النبي أحمد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


من منا لم يتساءل في يوم من الأيام عن سر الإختلاف بين تسمية أحمد التي بشر بها المسيح بني إسرائيل في الماضي و بين تسمية محمد التي خوطب بها خاتم النبيين في زمن تنزيل القرآن ؟ ما الحكمة في التبشير بإسم شبيه عوض ذكر الإسم الدقيق للنبي الموعود ؟ خصوصا أن تشابه الأسماء
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ (102) سورة البقرة
ليس بحجة كافية لإلزام الناس بالإيمان بأمر مصيري و بالغ الأهمية كنبوءة رسول آخر الزمان بل المنطقي و الطبيعي أن يكون ذكره بالإسم حجة لعدم الإيمان بغيره و لو تشابهت الأسماء محمد محمود حامد حمد ألخ و هنا نجد أنفسنا أمام ثلاث إحتمالات لا رابع لهم 
التفسير التقليدي الذي يزعم إشتراك إسمي أحمد و محمد في المعنى و أن القرآن نقل لنا نطق نفس كلمة محمد بمفهومها في لغة قوم المسيح و الذي يبقى إحتمال جد مستبعد إذا أخذنا بعين الإعتبار أسلوب الخطاب في كتب الله السماوية و عدم ترجمته لأسماء الأنبياء و الشخصيات الدينية و كمثال الأسماء التي تحمل إسم الله إيل إل في اللغات السامية القديمة
إلياس إل ياس
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) سورة الصافات
إسرائيل إسرا ئيل
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ (93) سورة آل عمران
إسماعيل إسمع ئيل
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) سورة مريم
فلماذا لم يترجم القرآن كلمة إسماعيل إلى لغة قوم محمد المعاصرة كسمع الله أو السامع لله ألخ حسب المعنى المراد من الكلمة في لغتها الأم ؟ لماذا سيبشر المسيح إذا بإسم يختلف في النطق عن إسم النبي الموعود خصوصا أن هدف هذه البشارة هو إقامة الحجة على الجيل المعاصر له بلغتهم و ليس بلغة أسلافهم 
الإحتمال الثاني أن تكون البشرى بنبي آخر غير محمد إسمه أحمد و للأسف أغفل أغلب الباحثين هذه الفرضية التي لم تنل حقها من البحث في كتب اليهود و المسيحيين فمن يدري قد يكون أحمد أحد أنبياء بني إسرائيل الذين بعثوا بعد المسيح
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) سورة الصف
فتشابه أسماء الأنبياء يبقى جد وارد في مجتمع متقارب الأعراف و العادات و الأسماء و كمثال
وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ (48) سورة ص
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) سورة الصافات
خصوصا أن الوصف القرآني
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (157) سورة الأعراف
يوحي أن محمد كان معرفا في التوراة و الإنجيل بقوميته و إنتمائه للأميين و ليس بإسمه و بالتالي حتى لو كان محمد هو المقصود ببشارة المسيح
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) سورة الصف
فإنها ستكون بشارة شفوية خارج نصوص الإنجيل توارتها النصارى المسلمين
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (36) سورة الرعد
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) سورة القصص
الذين تشبثوا برسالة المسيح حتى زمن نزول القرآن مما يفسر إقبالهم على رسالته مقارنة ببقية الطوائف
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) سورة المائدة
و هو ما يحلينا إلى الإحتمال الثالث أن يكون إسم خاتم النبيين الحقيقي هو أحمد و أن محمد كان مجرد لقب و هو أمر شائع في القصص القرآني للأنبياء و هذه بعض الأمثلة
النبي يونس الذي لقب بذا النون
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) سورة الأنبياء
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) سورة الصافات
النبي إدريس الذي لقب بإليسع
 وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48)  سورة ص
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)  سورة الأنبياء
النبي إل ياسين الذي لقب بإلياس 
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132) سورة الصافات
و لو أمعنا النظر في كلمة عمران سنجدها مجرد لقب يشير إلى طول التعمير فوق الأرض
وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) سورة فاطر
مما يوحي أنه ليس إسم والد مريم الحقيقي 
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ (12) سورة التحريم
بل لقب أطلق عليه لاحقا في كبره لتعميره لمدة طويلة فوق الأرض
نفس الشيء بالنسبة للقب سارة أو صارة الذي أطلق عليها في كبرها بسبب فرحتها و سرورها عند بشارة الملائكة لها بالإنجاب 
فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) سورة الذاريات
فلو تدربنا النصوص الأربعة التي ذكرت كلمة محمد
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ (2) سورة محمد
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40) سورة الأحزاب
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (144) سورة آل عمران
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (29) سورة الفتح
سنلاحظ أنها لم تخاطبه شخصيا بل كانت موجهة بالخصوص لأتباعه المؤمنين فمن يدري قد يكون محمد مجرد لقب مشتق من إسمه الحقيقي أحمد أطلقه عليه أتباعه لزيادة في تعظيم إسمه
معنى إسم احمد
اسم علم مذكر عربي، جاء بصيغة التفضيل، و معناه: من تحلَّى بأفضل الصفات، ولهذا يحمدُه الناس.
معنى إسم محمد
اسم علم مذكر عربي، أهمُّ الأسماء عند المسلمين لأنه اسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . جاء على صيغة المبالغة من ‏الحمد. 
على خلاف أحمد الذي ذكر بوضوح أنه إسم النبي المبشر به
 وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) سورة الصف
شخصيا أرى أن هذا الإحتمال هو الأقرب للحقيقة دون إغلاق الباب أمام إحتمالية أن يكون أحمد نبيا آخر غير محمد

تعليقات

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. هناك احتمال رابع لم تنوه على ذكره، وهو أن كلمة أحمد فعل مضارع ، وعليه يكون محمد اسم مفعول لفعل أحمد، لأن النبي عيسى عليه السلام هو الذي حمد اسم نبينا عليه السلام فتكون معنى الأية (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) أي أحمد اسمه، فعيسى هو الحامد لاسمه، ولهذا السبب عرف محمدا عند النصارى من بني إسرائيل بهذا الاسم واشتهر به بينهم، وبالتالي حسب هذا الاحتمال لا حاجة لافتراض شخصية وهمية أخرى بلا أدلة مقنعة جاءت بين عيسى ومحمد عليهما السلام اسمها أحمد، تحية طيبة

    ردحذف

إرسال تعليق