هل داعش هي الوجه الحقيقي للإسلام ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


مع إقتراب نهاية تنظيم الدولة الإجرامي أو ما يسمى بداعش إقتربت في نفس الوقت نهاية الخرجات الإعلامية الحاقدة على الإسلام و التي ظلت تردد طوال فترة قيام هذه الدولة الإجرامية مقولة داعش هي الوجه الحقيقي للإسلام و التطبيق الصحيح للقرآن تنظيم سيتحسر أعداء الإسلام على زواله أكثر من زعماء التنظيم أنفسهم تنظيم ترك عدة أسئلة عالقة و أبرزها على الإطلاق هل كشفت داعش بالفعل عورة الإسلام التي كان يخفيها التجميليون و السياسيون ؟
 هل يوجد شيء فعلته داعش و لم يفعله محمد و أتباعه ؟ محمد قتل داعش تقتل محمد قطع الرقاب داعش تقطع الرقاب محمد قتل معارضيه داعش تقتل كل من يعارض فكرها محمد طبق حد الردة داعش تقتل المرتدين محمد رجم داعش ترجم محمد هدد بالحرق داعش تحرق ألخ و قد تفنن أصحاب هذه التهمة في وضع المقارنات لإثبات أن داعش هي أكثر دولة تمثل الإسلام بأدق تفاصيله في زمننا الحالي 
و بغض النظر عن مسؤولية أحكام المذاهب المنتسبة للإسلام في أغلب أفعال داعش فإن الحجة التي إستندوا عليها للربط بين داعش و الإسلام غير منطقية بالمرة لأن المعيار الحقيقي لإدراك مدى قرب قوانين داعش من النصوص الدينية و بالأخص النص القرآني الذي يبقى أساس الدين الإسلامي و الذي لا يختلف حوله أتباع رسالة محمد ليس هو هل هناك شيء قامت به داعش و لم يقم به محمد بل هل قامت داعش بكل قام به محمد و أتباعه في القرآن ؟
فعندما يضع أصحاب هذه النظرية مقارناتهم و جداولهم فإنهم يعتمدون بالأساس على النقاط السلبية في دين المذاهب و التي ليست من الإسلام في شيء في حقيقة الأمر و لو كانوا منصفين لقاموا بمقارنة شاملة و دقيقة لكل ما قامت به داعش بناء على كل ما جاء في القرآن الذي يأمر على سبيل المثال بنص صريح بالمن على أسرى العدو بإطلاق سراحهم دون مقابل
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (4) سورة محمد
فهل عملت داعش بهذا الحكم في يوم من الأيام ؟
و الذي يأمر بالجنوح للسلم في حالة رغبة الأعداء في ذلك
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) سورة الأنفال
فهل سعت داعش للسلم في يوم من الأيام ؟
و بأن لا تقاتل الأبرياء المسالمين أثناء الحروب 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (94) سورة النساء
فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سورة النساء
ألا تقوم داعش بعكس ذلك ليل نهار ؟
و بأن لا تلجأ لسياسة الغدر و الخيانة حتى في حالة إستشعارها بغدر و خيانة العدو 
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)  سورة النساء
أليست جرائم داعش ضد المدنيين الغافلين هي أم الغدر و الخيانة ؟
هذه فقط أمثلة و لو ضعنا قائمة لمختلف جرائم داعش و قمنا بمقارنتها مع نصوص القرآن لن نكتشف فقط مدى بعد داعش عن الإسلام الحقيقي بل أنها في حقيقة الأمر التجسيد الصريح لأعداء الإسلام الذي حاربوا الرسول محمد و أتباعه و الذين كانوا يستعملون الدين كذريعة لتحقيق رغباتهم الدنياوية و كمثال قتال و إضطهاد الناس لإخضاعهم لأديانهم البشرية
وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا (217) سورة البقرة
قتل و إضطهاد المدنيين من النساء و الشيوخ و الأطفال
وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) سورة النساء
عدم الحكم بما أنزل الله
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) سورة المائدة
 وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) سورة المائدة إفتراء الكذب و نسب الفواحش لدين الله 
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)  سورة الأعراف
و الأمثلة كثيرة 
ستختفي داعش كما إختفت القاعدة و من سبقها من عصابات إجرامية و ستخرج للوجود تنظيمات أخرى أكثر وحشية و إجرام و ستظل أصابع الإتهام الرخيصة و الإنتهازية موجهة للدين الإسلامي العظيم ما دامت المذاهب المنتسبة إليه على قيد الوجود و ما دام حلم الخلافة الإسلامية موجود و ما دامت المؤسسات الدينية و التعليمية تعلم الناس أن مجد الدين الإسلامي قد تم بواسطة إحتلال الدول عسكريا فيما سمي بالفتوحات الإسلامية التي ليست من الإسلام في شيء كما سبق التوضيح في مقال
أكذوبة جهاد الطلب
لكن تبقى الكارثة الأعظم هي رفض تكفير أكبر المؤسسات الدينية المذهبية لهذه العصابات الإرهابية 
و حجتهم في ذلك أمام الإعلام أنهم يؤمنون بالله رغم جرائهم و أن الحكم المناسب لهم هو حكم الله تعالى
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) سورة المائدة
فإذا كانت محاربة الله و روسوله لنشر الفساد و الإجرام في الأرض ليست كفرا فلا أدري ما هو الكفر في قاموس هؤلاء !؟ أليست هذه قمة العبث و الضحك و الإستخفاف بعقول الناس ؟ أليس من المخجل و المخزي أن يصير مثل هؤلاء السفهاء المنفصمين أئمة الدين الإسلامي و لو بالإسم فقط ؟
بإستثناء إذا كانوا يعتبرون إستشهاد داعش بالنصوص القرآنية غير خاطئ و هنا ستصبح مصيبتهم أكبر لأنهم يؤكدون بهذا التصرف تطابق أحكام مذاهبهم مع أحكام داعش عكس أحكام منكري السنة على سبيل المثال الذين قاموا بتكفيرهم بدون أدنى تردد و هذه المرة تتغير المعايير و يصبح الإيمان بالله غير كافي و لا حتى الإيمان بالنبي محمد و بالقرآن بل يستلزمك لتصير مسلما في نظر هؤلاء أن تؤمن بوثن ما يسمى بالسنة و لو كنت مجرم حرب دموي تحرف كلام الله 
علماء أزهريون: القرآنيون مرتدون
وتؤكد فتوى لجنة السنة بمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر: إن من ينكر السنة ليس مسلماً، باعتبارها المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد كتاب الله الكريم.. 
مما يوحي أن ما يقومون به من نقد ظاهري لداعش يبقى مجرد تطبيق لأقوال سلفهم باللجوء لسياسة التقية في حالات الضعف العسكري 
آية السيف
قال ابن كثير رحمه الله : " وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 99) .
ونزلت - في قول الجمهور - ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين ، آمرة بقتالهم . وقال بعض أهل العلم : ليست آية السيف ناسخة لتلك الآيات ، ولكن الأحوال تختلف ؛ فإذا قوي المسلمون وصارت لهم قوة استعملوا آية السيف ، وما جاء في معناها ، وقاتلوا جميع الكفار ، وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، فيكون الأمر بحسب المصلحة والنظر في العواقب . و هذا القول هو الراجح .
و الدليل إكتفاءهم بترديد نفس المقولة المستفزة عند كل جريمة إرهابية " داعش لا تمثل الإسلام " طيب أثبتوا للعالم صحة هذه المقولة بتبيان خطأ التفاسير و الأحاديث التي يستشهد بها الداعشيون لتبرير كل جريمة يقومون بها ؟ أعلنوا للعالم أن فكرة الخلافة الإسلامية ليست من الإسلام في شيء ؟ و لمن يساوره الشك في تأييد السلفيين الخفي لداعش فليسأل أي شيخ سلفي هل حلم داعش بإنشاء الخلافة يخالف الدين في الشيء هل فرضهم للجزية على الغير مسلمين و قتلهم لمن يمتنع عن تأديتها ليس من الإسلام في شيء ؟ ألخ و ما علينا سوى الرجوع للتاريخ الوحشي للخلافات السابقة كالأمويين و العباسيين و العثمانيين و إستغلالهم الفظيع للعباد بإسم الدين لإدراك مكمن الخلل الحقيقي 
فداعش و غيرها و من الجماعات مجرد تجسيد لحقيقة سلف المذاهب الذين قاموا بصنع دين على مقاس بطش و أهداف سلاطين زمانهم و تجسيد لمدى بعد هذا الدين عن الإسلام الحقيقي و للأسف عوض التركيز على إنهاء سيطرة سبب الداء و إحتكار داعش الأم على دين الله يتم تقديم مثل هذه الجماعات التي لا تمثل سوى قطرات صغيرة في بحر الظلمات و الكفر ككبش فداء بين الفينة و الأخرى