هل أباح القرآن شرب الخمر ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


من أكبر النعم التي أنعمها الله علينا في زمننا الحالي ظهور ثقافة إنكار التراث الديني بفضل تطور وسائل الإعلام و الإتصال ثقافة ساهمت بشكل كبير في توعية الناس و إخراجهم من ظلمات و كهنوت رجال الدين المذهبين لكن شأنها شأن كل ثورة فكرية إن لم توضع لها ضوابط و لم تخضع لمعايير علمية دقيقية فتصبح مجال للعبث و التلاعب بدين الله و خلق مزيد من التفرقة و البعد عن شرائع الله
من الاسئلة القديمة الجديدة التي تلوح في الأفق بين الفينة و الأخرى سؤال هل أحل القرآن أو بالأحرى هل أباح القرآن شرب الخمر ؟ لكن المستجد هذه المرة هو خروج بعض الأبواق لتعلن بكل ثقة في المنابر الإعلامية أن الله تعالى قد أحل الخمر في كتابه الكريم

و مما يزيد في خطورة هذا الأمر هو لبس أصحابه لعباءة ما يسمى بالقرآنيين المرادف إعلاميا لفكر إنكار السنة و هو ما إستغله أصحاب المذاهب لنشر نوع من الدعاية السلبية لفكر إنكار السنة و الذين رغم تحريمهم للخمر بشكل واضح و قاطع بإجماع سلفهم فإن ذلك لم يمنع بعض الآراء من الخروج عن هذه القاعدة و إدعاء العكس و هذا مثال صريح
وأكاد أجزم أن سبب مثل هذه التفاسير العجيبة يعود بالأساس للثغرات و الطريقة السطحية التي تعامل بها سلف المذاهب مع مسألة تحريم الخمر بزعمهم أن عملية تحريمه تمت بالتدريج عبر عدة مراحل
تفسير بن كثير
روى الإمام أحمد عن أبي ميسرة عن عمر أنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في النساء: { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } فكان منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام الصلاة نادى: أن لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً. فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ { فهل أنتم منتهون؟ } قال عمر: انتهينا انتهينا
و قد ذهبت أغلب الآراء إلى أن الخمر كان حلالا في الفترة التي سبقت ما يسمى بالسورة المدنية التشريعية و حجتهم في ذلك هذا النص 
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)  سورة النحل
الذي رأوا فيه إباحة و عدم ذم لشرب الخمر
تفسير الجلالين
{ ومن ثمرات النخيل والأعناب } ثمر { تتخذون منه سكراً } خمراً يسكِر سميت بالمصدر وهذا قبل  تحريمها
لكنهم للأسف نسوا معطى بالغ الأهمية حين تجاهلوا موقف الرسائل السابقة من الخمر لأنه من الغير المنطقي أن يحلل الله تعالى ما حرمه سابقا ليعود و يحرمه لاحقا فأصحاب فكرة التدرج يعتمدون بالأساس على مغالطة بداية الدين و الشريعة الإسلامية مع الرسول محمد
صحيح مسلم
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ 
و ليس بناء على الواقع القرآني الذي جاء مؤكدا و مكملا لنفس الرسالة و نفس الشريعة 
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُوَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  سورة المائدة
كما سبق التوضيح في موضوع
هل أنزل الله شريعة واحدة أم عدة شرائع ؟
 فالقرآن جاء كتذكير و تأكيد لما حرم سابقا فلا أظن أن الزنا كان مباحا للمؤمنين قبل نزول هذه الآية
وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)  سورة الإسراء
و في مثال أكثر وضوح سنجد في هذا النص الذي تم تصنيفه كأول ذكر للربا في نصوص القرآن حسب ترتيب أصحاب المذاهب لنزول السور تذكير لتحريم الله تعالى للربا
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)  سورة البقرة
لكن يبقى السؤال متى و أين حرم الربا ؟
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)  سورة النساء
و إنطلاق من هذه المعطيات فلا يمكننا الجزم بأن الخمر كان حلالا في بداية الدعوة المحمدية 
لكن الغريب في الأمر هو رؤية البعض في هذا النص
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)  سورة النحل
الذي فصل بوضوح بين السكر و الرزق الحسن إباحة لشرب الخمر ! و الذي يبقى مجرد تذكير لطريقة إستغلال المخاطبين في القرآن بما فيهم الكفار العصاة لما أنعم الله عليهم من ثمرات سواء بطريقة إيجابية أو سلبية و كمثال مشابه
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)  سورة الأنعام
فهل نستنتج هنا أن الله تعالى أباح إخفاء نصوصه في فترة من الفترات ؟!
و هو ما تؤكده بعض تفاسير السلف
تفسير بن كثير
{ ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا } ، قال ابن عباس: السكر ما حرم من ثمرتيهما، والرزق الحسن ما أحل من ثمرتيهما،
التي تناقض سابقاتها في مسألة تحليل الخمر في مرحلة ما قبل الهجرة 
و يبقى نهي القرآن عن الإقتراب من الصلاة في حالة السكر
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)  سورة النساء
 من أكبر حججهم على تدرج تحريم الخمر و إباحة شربه في وقت من الأوقات رغم عدم إشارة هذا النص لشرب الخمر لا من قريب و لا من بعيد و هنا تمكن معضلة تأثير تفاسير و فهم سلف المذاهب على معاني المصطلحات القرآنية حين قاموا بحصر مفهوم السكر في الخمر و تجاهلوا مفهوم الكلمة في باقي النصوص القرآنية التي تشير بصفة عامة لفقدان الوعي و السيطرة على النفس
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)  سورة ق
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)  سورة الحجر
الذي له عدة مسببات من دون الخمر كحالات الحمى و المرض الشديد و الفزع و الغضب الشديدان ألخ فنزل هذا الحكم لينهى المؤمنين عن الصلاة في حالة عدم القدرة على التحكم في النفس و الأقوال بغض النظر عن السبب وبالتالي فهنا أيضا لا يمكن الجزم بإباحة القرآن لشرب الخمر
وهنا نصل لبيت القصيد و الموضعين القرآنيين اللذان ذكرا فيهما الخمر بوضوح حيث جاء أولهما كجواب على تساؤل البعض عن الخمر الذين لم يأتي من فراغ بل للإشارة لوجود منافع في الخمر
 يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)  سورة البقرة
فكان جواب الله تعالى واضحا و مفصلا بتأكيد و إقرار وجود منافع في الخمر لكن هذه المنافع لا تشفع و لا تبرر تحليله لإثمه الكبير الذي يفوق منافعه و الملفت في الأمر هو إستعمل نفس مصطلح الإثم لوصف أكل ما حرم من الطعام
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)  سورة البقرة
بل أشير به إلى الشرك أعظم ذنب على الإطلاق
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)  سورة النساء
و أنه سبيل المجرمين لدخول جهنم
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)  سورة آل عمران
و مع ذلك هناك من يقول لا الخمر ليس حرام نريد نص صريح يقول حرم عليكم الخمر !؟ أو ليس التحريم العلني للإثم يعد تحريم صريح للخمر و لكل ما وصف بالإثم ؟
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)  سورة الأعراف
تحريم يعززه وصفه بالرجز الذي عملته أيدي الشيطان
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)  سورة المائدة
الذي نهانا الله تعالى من إتباع خطواته 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)  سورة النور
و الذي لم يرسل إلينا رسله إلا بهدف تطهيرنا من رجزه
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)  سورة الأنفال
لكن مع ذلك هناك من يرى في هذا الوصف إباحة لشرب الخمر ! مثلما لا يرى في الأمر بإجتنابه تحريم صريح !
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)  سورة المائدة
رغم إرتباط أمر الإجتناب بأكبر الذنوب و الفواحش 
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)  سورة النحل
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)  سورة الحج
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)  سورة إبراهيم
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)  سورة النساء
فعندما يأتي الأمر بالإجتناب في النص القرآني فإن ذلك يعد تحريما قاطعا و لمن يساوره شك في ذلك فليقارن بين هذا النص الذي يحرم بشكل واضح الحكم بالزور
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)  سورة الأنعام
و بين الأمر بإجتنابه في النص الموالي
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)  سورة الحج
ليتأكد أن كل من الأمر بالتحريم و الأمر بالإجتناب وجهان لعلمة واحدة و لمن بقي في قلبه قليل من الشك فليقارن بين هذه النصوص
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)  سورة النجم
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)  سورة المائدة
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)  سورة البقرة
التي تثبت بما لا يدع مجال للشك أن الخمر من كبائر الإثم المؤدية لطريقة التهلكة كيف لا و قد فصلنا رب العزة سبيل و هدف الشيطان من صناعته 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)  سورة المائدة
فهل منتهون ؟ هل يوجد تحريم أكبر من أمر خالق السماوات بالإنتهاء عن الخمر ؟ أمر مماثل لأكل الربا  و كل فاحشة مقيتة
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)  سورة البقرة
فهل أنتم منتهون عن الإستخفاف بنصوص القرآن و تفسير أحكامه بمثل هذه السطحية التي تفتح المجال لنسب الفواحش لدين الله و إعطاء المزيد من الأسلحة لأعداء الإسلام للنيل منه ؟

تعليقات