هل أنزل الله شريعة واحدة أم عدة شرائع ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


عندما نلقي نظرة في مختلف الملل المنتسبة لرسالات الأنبياء و الإختلافات الشاسعة بين نصوصها و أحكامها يخيل للمرأ أن الله تعالى قد أنزل مع مرور الزمن عدة أديان و بالأحرى عدة شرائع مختلفة فيما بينها 
و سنجد هذه الفكرة حاضرة بقوة بالخصوص في المنطق المسيحي الذي إعتبر الشرائع السابقة مجرد أحكام خاصة باليهود و وصف عصر المسيح بعصر النعمة الذي تغيرت فيه أحكام الله بشكل جذري و قد تبنى سلف المذاهب المنتسبة للإسلام نفس المنطق بناء على هذا الإختلاف بالإضافة لإختلاف أحكام القرآن الكبير عن نصوص اليهود و المسيحيين 
 تستمد أغلب الآراء المؤيدة لفكرة تعدد الشرائع حجيتها من هذه الآية
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  سورة المائدة
و على رأسها آراء المفسرين الأوائل بطبيعة الحال
تفسير بن كثير
 { شرعة ومنهاجاً } بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس، والله أعلم ثم هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان باعتبار ما بعث اللّه به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام المتفقة في التوحيد، 
تفسير الطبري
{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَة وَمِنْهَاجًا } يَقُول سَبِيلًا وَسُنَّة . وَالسُّنَن مُخْتَلِفَة : لِلتَّوْرَاةِ شَرِيعَة , وَلِلْإِنْجِيلِ شَرِيعَة , وَلِلْقُرْآنِ شَرِيعَة , يَحِلّ اللَّه فِيهَا مَا يَشَاء وَيُحَرِّم مَا يَشَاء بَلَاء , لِيَعْلَم مَنْ يُطِيعهُ مِمَّنْ يَعْصِيه , وَلَكِنَّ الدِّين الْوَاحِد الَّذِي لَا يُقْبَل غَيْره التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص لِلَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُل
و تبقى أكبر مشكلة تعترض فهم النصوص القرآنية على أكمل وجه هي الإكتفاء بظاهر بعض النصوص في كتاب جله متشابه يستلزم الربط بين جميع آياته لإدراك حقائق الأشياء لكن دعنا نبدأ من نص الآية السالفة الذكر و لنقم بتحليل ما جاء فيها
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  سورة المائدة
كذكر هيمنة القرآن على الكتب السماوية السابقة و هنا وجب فهم معنى الهيمنة الحقيقي في لغة القرآن و التي إختلف حولها مفسري السلف و هل يوجد شيء لم يختلفوا فيه ؟
تفسير بن كثير
{ ومهيمنا عليه } قال ابن عباس: أي مؤتمناً عليه، وعنه أيضاً المهيمن: الأمين، قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله. وقال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل. وعن الوالبي عن ابن عباس { ومهيمناً } أي شهيداً، وكذا قال مجاهد وقتادة والسدي، وقال العوفي عن ابن عباس { ومهيمناً } أي حاكماً على ما قبله من الكتب. وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو: أمين، وشاهد، وحاكم على كل كتاب قبله، 
ثم أمرت الآية الرسول بأن يحكم بين الناس بالكتاب الذي أنزل عليه أي بالقرآن واصفة كل من لم يلتزم بحكم هذا الأخير بإتباع الهوى و أخيرا أخبرت أن الله تعالى هو من جعل للناس شرائع مختلفة و هنا يقع الإشكال و اللخبطة حين إعتقد البعض أن الله تعالى أنزل في كل رسالة شريعة مختلفة تنتهي و تنسخ مع الشريعة الموالية و كل من رفض إتباعها و إكتفى بالشريعة القديمة يعد متبع للهوى
لكن لو عدنا قليلا للخلف و الآيات التي سبقت هذه الآية سنكتشف حقيقة مخالفة تماما
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)  سورة المائدة 
و أن الله تعالى كان يأمر أتباع الأهواء من أهل الكتاب بإتباع شريعة كتبهم السابقة و يلومهم على عدم العمل بها كما جاء في هذه النصوص
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)  سورة المائدة
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)  سورة المائدة
فلا يوجد أوضح من هذه الآية التي قامت بربط كفر أهل الكتاب بعدم الإيمان بكتبهم قبل تكذيبهم للقرآن الذي لم يزدهم سوى كفرا و طغيانا لتصديقه لما كفروا به من قبل 
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)  سورة المائدة
و هو ما يؤكد أن رفض هؤلاء الكفرة لحكم القرآن لم يكن تشبثا بشريعة التوراة أو الإنجيل 
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)  سورة المائدة 
بل رفضا لتصديقه و هيمنته عليهما مما يؤكد أن مفهوم هيمنة القرآن على ما سبقه من كتاب هو تأكيده لما جاء فيه من شرائع و أحكام و التي لم تكن في أي حال من الأحوال أحكام متتبعي إله الهوى
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)  سورة المائدة
و هنا نصل لبيت القصيد و قوله تعالى  لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا و الذي لا يشير بالضرورة إلى تشريع الله تعالى لشرائع مختلفة خصوصا عندما تخبرنا تتمة الآية أن هذا الإختلاف في الشرائع من ساهم في تفريق الناس إلى عدة أمم 
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  سورة المائدة
مع العلم أن القرآن وصف الأنبياء و أتباعهم المسلمين بالأمة الواحدة
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)  سورة المؤمنون
و توعد من خرج عنها بالعذاب العظيم
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)  سورة آل عمران 
فتفريق الله تعالى للناس إلى أمم مختلفة لم يكن عن طريق إنزال شرائع مختلفة بل عن طريق إضلال الظالمين منهم
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)  سورة النحل
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)  سورة هود
 الذي شرعوا ما لم ينزل به الله من سلطان
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)  سورة الشورى
و سنجد إشارة واضحة في القرآن توضح كيفية جعل الله تعالى للناس شرائع مختلفة و ذلك من خلال جعل قلوب المجرمين منهم قاسية عن الحق و الهدى
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)  سورة المائدة
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  سورة المائدة
أما شريعة الله فلم تتغير منذ زمن النبي نوح حتى خاتم النبيين
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)  سورة الشورى
بل عرفت تطورا تدريجيا في نفس الأحكام تقريبا أما الأحكام الأساسية التي تمثل عماد الدين الإسلامي كالوصايا العشر فظلت ثابتة في رسالة جل الأنبياء حتى نزول رسالة القرآن التي جاءت لتأكيدها
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154)  سورة الأنعام
و بالتالي فلا مجال للإعتقاد بأن الله تعالى قد شرع مختلف الأحكام المذكورة في العهدين القديم و الجديد اليهودي المسيحي أو أنها أحكام خاصة باليهود و المسيحيين فلا وجود لأحكام خاصة بقوم معينين تبيح لهم قتل و إبادة و إستغلال الشعوب 
سفر يوشع إصحاح 6
20 فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21 وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ22 وَقَالَ يَشُوعُ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَجَسَّسَا الأَرْضَ: «ادْخُلاَ بَيْتَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ وَأَخْرِجَا مِنْ هُنَاكَ الْمَرْأَةَ وَكُلَّ مَا لَهَا كَمَا حَلَفْتُمَا لَهَا». 23 فَدَخَلَ الْجَاسُوسَانِ وَأَخْرَجَا رَاحَابَ وَأَبَاهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا وَكُلَّ مَا لَهَا, وَكُلَّ عَشَائِرِهَا وَتَرَكَاهُمْ خَارِجَ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ. 24 وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 
و إرهاب الناس بإسم الدين 
سفر العدد إصحاح 15
32 وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ33 فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ 34 فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35 فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». 

و لا وجود لأحكام تعجيزية تأمر بمحبة الأعداء و مباركة المجرمين 
إنجيل لوقا إصحاح 6
27 «لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ 28 بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 
و إعطاء الخد الثاني للمعتدين
إنجيل لوقا إصحاح 6
 29 مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضاً. 
 هناك دين و شريعة واحدة خاصة بجميع الشعوب تدعوا للإصلاح في الأرض و نبد الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الدفاع عن حقوق الإنسان فلنتوحد على شريعة الله و لنكف على ترديد مقولة الأديان و الشرائع السماوية التي تفتري و تسيء لرب العالمين و التي لا تزيد سوى في تفريق الناس عن دين ربهم الحقيقي و تشجيعهم على التشبث بالأديان الأرضية التي ورثوها عن آبائهم

تعليقات

  1. سلام أخي الكريم,
    لم أعد أذكر إن كنت تطرقت في إحدى مقالاتك الى تعريف الأمم ومعنى آية "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28)" الجاثية
    وهل المقصود كتاب الحياة الدنيا ام ان الامم يوم الحساب لها كتب جماعية كما ان للافراد كتب تحتوي على اعمالهم..؟
    لقد ناقشنا من قبل فكرة ما اذا كان " المسيحيون" اليوم (بما فيه من يتماهى معهم بشكل او بآخر بغض النظر عن الممارسات) امتداد لفئة نصارى, لو افترضنا ان كتاب الاية من سورة الجاثية كتاب مثل القران وغيره مما نعرفه في الحياة الدنيا فما قولك في كتاب "المسيحيين" وماذا عن من ليس لهم كتاب متل اناس في الصين وغيرها؟ أم انه يمكننا اعتبار كل سكان الارض اليوم كتابهم القرآن سواء أآمنوا به ام لم يؤمنوا وسيكون الحكم لان القران يفصل كل الحالات بما فيه من يترك حكمهم لله ولا علم لنا بمصيرهم؟

    ما جعلني أسأل هذا السؤال هو ان هناك أحد المتدبرين على اليوتيوب من يظن (لسبب من الاسباب) ان تحريف التوراة والانجيل مجرد مشاكل ترجمة واستشهد باية الجاثية, علما ان هناك العديد من تدخلات الايدي البشرية التي نجدها فيما يسمى الكتاب المقدس والتي لا يمكن ان تكون مجرد اخطاء ترجمة وحتى لو اقررنا انها كذلك فهذا سيعني ان العبرية القديمة ليست لغة التوراة الاصلية كما يدعي البعض لان النص العبري فيه الكثير من الكوارث التي سبق أن تكلمت عن بعضها.

    ما هو تعليقك على ما سبق؟ (لا داعي للرد ان كنت تنوي ان تكتب عن هذا الموضوع في مقال جديد)

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام أخي الفاضل
      كما سبق لي التوضيح في اكثر من مناسبة فلا يجب أخذ النصوص والأقوال القرآنية بشكل مطلق كما وجب الأخذ بعين الإعتبار اسلوب الحذف الحاضر بقوة في لسان القرآن لتجنب تكرار البديهديات واقتصار الحديث في بعض النصوص
      وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58) سورة الإسراء
      على الأمم المنذرة
      وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) سورة الشعراء
      واستثناء الأمم الغافلة
      ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) سورة الأنعام
      التي لم يأتيها نذير
      لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) سورة يس
      أو لم تصلهم الرسالة بشكل صحيح وسليم وبالتالي لا يمكن نسقط على الأمم الغافلة النصوص المتحدثة عن حساب الأمم المنذرة سواء كان المقصود بالكتاب كتاب الأعمال أو الرسالة المبلغة
      ويبقى العلم لله سبحانه وتعالى

      حذف

إرسال تعليق