العقوبات الجنسية كما جاءت في القرآن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


عندما نتابع حوارات أتباع الفقه السلفي للمذاهب مع المصلحين الدينيين الجدد ممن يزعمون الدفاع عن القرآن و عدم تسبيق الأحاديث الصحيحة عليه يخيل لنا أن وجه الإختلاف الوحيد بين القرآن و الحديث في موضوع العقوبات الجنسية هو عقوبة رجم الزاني المحصن هل يجلد مثلما جاء في القرآن أم يرجم كما جاء في الحديث لكن الحقيقة أن الفقه المذهبي و كل من أتباع موروثه قد أخطؤوا كليا و فشلوا فشلا ذريعا في تحديد حقيقة العقوبات الجنسية في كتاب الله
من أبرز إعتراضات دعاة حكم الرجم عدم عدل و تساوي عقوبة الزاني المحصن بمعنى الزاني المتزوج مع عقوبة الزاني الغير متزوج الأكثر عرضة للفتنة و الخطيئة كما أن زناه ليس فيه تعدي على حقوق الطرف آخر و هم محقون في هذه النقطة لكن هذا لا يبرر تشريعهم لعقوبة الرجم بإسم الله و الإفتراء على كتاب الله و إتهامه بالنقصان
آية الرجم
آية الرجم يعرفها علماء السنة بأنها آية من القرآن نسخ لفظها وبقي حكمها، بينما ينكر ثبوت لفظها: الخوارج وبعض المعتزلة وبعض الشيعة، وخالفوا بذلك مذهب جمهور أهل السنة والجماعة. كما إن طائفة من الخوارج، وبعض المعتزلة: أنكروا حد الرجم. وقد ورد ذكر هذه الآية التي كانت قبل النسخ ضمن سورة الأحزاب بلفظ هو: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم». قرأها الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رفعها الله مع ما رفع من القرآن، مع بقاء الحكم. وقد روى هذا عدد من الصحابة، ووافقهم الآخرون ولم ينكروا عليهم، وقد وردت شواهد كثيرة عن الصحابة والتابعين والعلماء في كتب التفسير والحديث وأصول الفقه وفروعه وكلها تدل على أن هذه الآية منسوخة لفظا لاحكما، فهي بعد النسخ ليست من الآيات التي تعبدنا الله بتلاوتها أما حكم الرجم الذي دلت عليه فلم ينسخ بل هو باق وثابت ومؤكد بالسنة والإجماع.
و مخالفة أحد أهم أحكامه بعدم قتل النفس إلا بالنفس 
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)  سورة الإسراء
كما تم التوضيح في موضوع
حكم القتل في القرآن
و لأن الكذب بلا أرجل خصوصا عندما يتعلق الأمر بكتاب دقيق التفصيل مثل القرآن فسيتجلى بسرعة مخالفة تشريع رجم الزاني المحصن لصريح الآيات
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)  سورة النساء
و هنا سنجد أنفسنا أمام إشكالين أولهما إستحالة تطبيق نصف عقوبة الرجم و الموت ! مما يوضح و يفضح في نفس الوقت إفتراء هؤلاء على كتاب الله و بطلان هذه العقوبة الوهمية 
أما الإشكال الثاني فلا يقل غرابة عن الأول حيث سنجد أن عقوبة المرأة المتزوجة من ملك اليمين هو 50 جلدة فقط إذا إعتمدنا على تعريفهم للزنا في كتاب الله الذي يشمل جميع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)  سورة النور
حيث ستصبح هنا عقوبة ملك اليمين المتزوجة 50 جلدة فقط أي أقل من عقوبة  المرأة الغير متزوجة بالنصف ! فمن جهة يطالب القرآن بعدم الرأفة بالمرأة الغير متزوجة و من جهة أخرى يدعوا لتخفيف العذاب عن المتزوجة من ملك اليمين بل يدعوا للصبر و العفو عنها !
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)  سورة النساء
 و هذا غير عادل و غير منطقي بالمرة و يوحي بوجود خلل كبير في التعريف التقليدي للزنا الذي لو كان بالفعل يشير للعلاقات الجنسية المحرمة فسنجد أنفسنا أمام المزيد من المشاكل و الأسئلة المحيرة و من أبرزها سبب غياب عقوبة رمي الغير المحصنات و رمي الرجال ؟ حيث إكتفى القرآن بالأمر بمعاقبة من يرمون المحصنات من النساء فقط 
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)  سورة النور
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)  سورة النور
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)  سورة النور
لماذا لم يأمر القرآن بعقاب من يرمون الغير المحصنات أو النساء اللاتي يرمين أزواجهن أو غير المحصنين من الرجال ؟
ما يجب إدراكه أن القاعدة العامة في الدين الإسلامي هي المعاقبة بالمثل
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)  سورة النحل
و من هنا نستنتج أن حكم القرآن بجلد 80 جلدة لكل من إتهم المحصنات المتزوجات بالفاحشة كذبا يدخل في إطار مبدأ المعاقبة بالمثل من خلال معاقبة المفترين بنفس العقوبة التي سعوا لإسقاطها على المحصنة المتهمة مما يوحي بأن عقوبة المحصنة المتزوجة في حال إرتكابها للفاحشة هو 80 جلدة في حقيقة الأمر و ليس 100 جلدة مما يعني أن جريمة الفاحشة الجنسية لا علاقة لها بالزنا الذي سبق التطرق لتعريفه الحقيقي في كتاب الله في هذا الموضوع التفصيلي
و الذي توحي جل النصوص و السياقات التي تطرقت إليه في القرآن على أنه زواج المحارم
وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)  سورة الإسراء
وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)  سورة النساء
و في نفس الوقت نستنتج أن سبب عدم وجود عقوبة لرمي الغير المحصنات و رمي الرجال هو عدم وجود عقوبة خاصة بهم في حالة إرتكابهم للفاحشة و بالتالي لا يوجد داعي لمعاقبة من إتهمهم بتهمة لن تسبب لهم العذاب
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)  سورة النور
قد يتساءل البعض لماذا لم يذكر القرآن بوضوح عقوبة فاحشة المحصنات و لماذا إقتصر العقاب عليهن من دون الرجال و الغير محصنات ؟
من المغالطات الكبرى التي يقع فيها البعض عند دراسة القرآن الإعتقاد بأن هذا الأخير هو من جاء بمختلف الأحكام و العقوبات المذكورة في نصوصه كالتعددية و الميراث لكنه في الحقيقة لم يقم سوى بتعديل و ضبط أحكام كانت سارية المفعول في مجتمع الرسول بشكل أكثر تنظيما و عدلا بناء على ظروف تلك الحقبة الذي كانت تقوم على مبدأ قوامة الرجل على المرأة 
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)  سورة النساء
و الذي كان يفرض بعض الإمتيازات للرجل على حساب المرأة فجاء القرآن ليضع شروط و ضوابط لهذه الأحكام كإعطاء نصيب للمرأة في الميراث و و وضع ضوابط و شروط في التعددية و الزواج و الطلاق ألخ 
فالقرآن لم يشرع عقوبة رمي المحصنات بل تعامل معها كعقوبة كانت سارية المفعول في مجتمع الرسول كان يقتصر فيها العقاب على المرأة المتزوجة فقط فقام القرآن بفرض عقوبة رمي المحصنات لحمايتهن من الإفتراء و الكذب و الظلم أما المرأة الغير متزوجة فلا قوامة عليها و بالتالي لا عقوبة عليها
في المقابل سنلمس تساوي عقوبة الرجل مع المرأة في عقوبة زواج المحارم المعرف بالزنا التي جاء بها القرآن كحكم جديد
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)  سورة النور
بعدما حدد للناس ما حرم عليهم
وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)  سورة النساء
و أيضا بسبب عدم خضوع هذه الجريمة لمبدأ القوامة لعدم شرعية الزواج بين الطرفين من الأساس
من المغالطات الشائعة في قراءة النص القرآني نسب فاحشة النساء السلفة الذكر لنص هذه الآية
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)  سورة النساء
كما جاء في تفاسير سلف المذاهب
تفسير بن كثير
{ واللاتي يأتين الفاحشة } يعني الزنا { من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم؛ فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل اللّه لهن سبيلا } فالسبيل الذي جعله اللّه هو الناسخ لذلك، قال ابن عباس رضي اللّه عنه: كان الحكم كذلك حتى أنزل اللّه سورة النور فنسخها بالجلد أو الرجم وهو أمر متفق عليه
تفسير الجلالين
( واللاتي يأتين الفاحشة ) الزنا ( من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) أي من رجالكم المسلمين ( فإن شهدوا ) عليهن بها ( فأمسكوهن ) احبسوهن ( في البيوت ) وامنعوهن من مخالطة الناس ( حتى يتوفاهن الموت ) أي ملائكته ( أو ) إلى أن ( يجعل الله لهن سبيلا ) طريقا إلى الخروج منها أمروا بذلك أول الإسلام ثم جعل لهن سبيلا بجلد البكر مائة وتغريبها عاما ورجم المحصنة ، وفي الحديث لما بين الحد قال "" خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا "" رواه مسلم .
عجيب أصبح السبيل هو الموت رجما !؟ أليس من المفترض أن يدخل الرجم في إطار حكم حتى يتوفهن الموت ؟ ترقيع و إستخفاف ما بعده إستخفاف بآيات الله و مع ذلك يصر البعض على تقديس هذه التفاسير و جعلها حجة على كتاب الله ! تفاسير تزعم نسخ سورة النور بحكم الجلد لحكم الإمساك في البيوت الذي ذكر في سورة النساء
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)  سورة النساء
 و لم تتفطن لذكر نفس السورة لنصف عذاب المحصنات بعد 10 آيات فقط
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)  سورة النساء
ليطرح هنا أيضا نفس السؤال الذي طرح بخصوص نصف عذاب الرجم ما هو نصف عذاب الإمساك في البيوت 
فمن الواضح أن الفاحشة التي إختصها الله تعالى بعقوبة الإمساك في البيوت ليست هي نفس فاحشة المحصنات التي كانت عقوبتها و عقوبة من رمى بها كذبا 80 جلدة و عقوبة من إرتكبها من ملك اليمين 40 جلدة
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)  سورة النور
و إنما هي فاحشة الشذوذ الجنسي 
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)  سورة الأعراف
و سيأتي التأكيد على ذلك في الآية الموالية 
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)  سورة النساء
التي خاطبت مقترفي نفس الفاحشة من الرجال بصيغة المثنى في إشارة إلى الفاعل و المفعول به في دليل واضح على أن المقصود بالفاحشة هنا هي الممارسات الشاذة سواء تعلق الأمر بالنساء أو الرجال حقيقة لم يستطع بعض مفسري السلف إنكار وضوحها رغم تباينهم و إختلافهم الدائم في الآراء
تفسير بن كثير
{ واللذان يأتيانها منكم فآذوهما } أي واللذان يفعلان الفاحشة فآذوهما، قال ابن عباس: أي بالشتم والتعيير والضرب بالنعال، وكان الحكم كذلك حتى نسخه اللّه بالجلد أو الرجم، وقال مجاهد: نزلت في الرجلين إذا فعلا اللواط , وقد روى أهل السنن عن ابن عباس مرفوعاً قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )
تفسير الجلالين
{ وَاًلَّلذّانِ } بتخفيف النون وتشديدها { يأتيانها } أي الفاحشة الزنا أو اللواط { منكم } أي الرجال { فآذوهما } بالسب والضرب بالنعال 
و تسبيقهم الدائم لسنتهم الكاذبة على كتاب الله من خلال إستباحة هنا أيضا قتل النفس التي حرم الله في كتابه بالدعوة لقتل الشواذ 
و هنا وجب عدم الخلط بين الحبس الذي يشار به إلى المنع التام من الظهور
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)  سورة هود
و في حالة الحبس في مكان ما المنع التام من الخروج منه 
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)  سورة المائدة
 كما ذهبت تفاسير سلف المذاهب
تفسير الجلالين
( فأمسكوهن ) احبسوهن ( في البيوت ) وامنعوهن من مخالطة الناس 

و بين الإمساك الذي يشير أكثر إلى السيطرة و التحكم في الأشياء
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)  سورة الملك
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)  سورة فاطرفالإمساك في البيوت ليس معناه بالضرورة السجن التام في البيوت و إنما تجريد النساء المقترفات لهذه الفاحشة من الخروج لوحدهن   
و إن كانت تبدوا هذه العقوبة غير متكافئة و ظالمة للمرأة من وجهة نظر مجتمعنا الحالي فلأننا لا نتوفر على جميع المعطيات و المعلومات عن مجتمع الرسول و الأسباب الذي ألزمت هذا التشريع و تبقى الإحتمالات كثيرة و منها سهولة إختلاط النساء بينهن أو أن هذه الفاحشة كانت جد نادرة آنذاك و سعى القرآن لكبح جماحها لكن هذا لا يعني سريان هذا الحكم في كل زمان و مكان فالمجتمعات و الظروف تتغير و كما أسلفت الذكر في موضوع
هل القرآن صالح لكل زمان و مكان ؟
تبقى أحكام القرآن الموجهة لقوم الرسول مجرد مثال يحتدى به و يجب العمل بها بناء على مستجدات العصر و ليس بناء على ظروف قوم الرسول
فالقرآن لم يأتي في حقيقة الأمر سوى بعقوبة زواج المحارم و عقوبة الشواذ و لا يوجد في نصوصه أي أمر بمعاقبة مقترفي فاحشة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج التي ترك عقابها إلى يوم الحساب أو للخيانة الزوجية التي تختلف عقوبتها حسب المجتمعات و الحقب الزمنية لذا وجب تحديد عقوبة رمي النساء أو رمي الرجال في حالة وجود عقوبة جنائية عليهم بناء على قوانين كل أمة و بناء على مبدأ المعاقبة بالمثل و الله تعالى أعلم

تعليقات