بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يعتبر قرار تغيير المعتقد من الأكثر القرارات صعوبة في حياة الإنسان إن لم يكن أصعبها على الإطلاق و تمكن صعوبته في التخلي عن مجموعة من الأفكار و القناعات التي كانت تعتبر في الماضي القريب من المسلمات التي لا تقبل المس و التي تشكل جزء لا يتجزء من شخصية الإنسان نفسها
من أكثر الافكار شهرة و شيوعا لدى عامة أتباع المذاهب فكرة أن أمة النبي محمد هي أحسن أمة أخرجت للناس فكرة جعلت أتباع رسالة القرآن يعيشون في عالم وهمي يشعرهم أنهم فوق بقية الأمم مهما بلغوا من إنحطاط أخلاقي و تخلف فكرة نشأت كالعادة من تفاسير السلف الخاطئة
{ كنتم خير أمة أخرجت للناس } قال: هم الذين هاجروا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من مكة إلى المدينة. والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،
وفي مسند أحمد وجامع الترمذي من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ( أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على اللّه عزّ وجلّ ) وهو حديث مشهور، وقد حسَّنه الترمذي، وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات، بنبيِّها محمد صلوات اللّه وسلامه عليه، فإنه أشرف خلق اللّه وأكرم الرسل على اللّه، وبعثه اللّه بشرع كامل عظيم، لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه، وفي الحديث: ( وجعلت أمتي خير الأمم )
أمة جعل تفضيلها في جبروتها و سطلتها و إحتقارها للآخرين كحال جميع الأمم الطاغية و العنصرية
يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم، قال البخاري: عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: { كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: خير الناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام، والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس،
أمة يخرجها رسولها من النار بعدما حق عليه العذاب عكس باقي الأمم
فكر عنصري يقوم على تمييز النبي محمد عن باقي الرسل و تفضيل أتباعه على بقية المسلمين من أتباع الأنبياء السابقين
فإذا كانوا يعتبرون العمل الصالح هو معيار الإنتماء لخير أمة أخرجت للناس لماذا قاموا بحصره في أتباع رسالة محمد الذين أمروا بالتأسي بأتباع النبي إبراهيم
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) سورة الممتحنة
و بالتأسي بأتباع النبي عيسى بن مريم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) سورة الصف
ماذا عن الأمم التي عاشت قبل بعثة النبي محمد ؟ ماذا عن أتباع الرسل السابقين الذين آمنوا بنبوءة محمد قبل بعثته كجزء من الغيب المذكور في كتبهم
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف
هل ليسوا من أمة محمد ؟
كأنهم يقولون نحن خير منهم خلقتنا في أمة محمد و خلقتهم في غير أمته ليسقطوا في فخ ملهمهم إبليس
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) سورة الأعراف
الذي في الأخير لم يقوم سوى بجعل أتباعه على صورته بدفعهم لإرتكاب نفس ذنوبه كالعنصرية و التكبر السلاح الأول لتفرقة الناس إلى شيع و إخراجهم من أمة عباد الله المخلصين
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص
أمة جميع الرسل بدون إستثناء التي وصفها الله تعالى بعد سرده لقصصهم في سورة الأنبياء بالأمة الواحدة
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) سورة الأنبياء
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) سورة المؤمنون
هذه هي خير أمة أخرجت للناس لكن أصحاب المذاهب كان لهم رأي آخر و أرادوا التميز و الإنفراد بهذا الوصف و بالتالي أخرجوا أنفسهم بدون شعور من هذه الأمة المباركة و إتبعوا سبيل من فرقوا د ينهم و تقطعوا أمرهم كل حزب بما لديهم فرحون و سبيلهم في ذلك تحريف كلام الله عن مواضعه
أول ملاحظة في الآية التي إستخرجوا منها حكم تفضيل أمة محمد أنها لم تشر إطلاقا إلى تفضيل المخاطبين في نصوصها كما هو الشأن بالنسبة لبني آدم
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) سورة الإسراء
أو بني إسرائيل
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) سورة الجاثية
فلو إعتمدنا على المعنى اللفظي فقط سنجد أن الآية لم تقل كنتم خير أمة أخرجت من الناس أو ما شبه ذلك بل خير أمة أخرجت للناس أي أكثرها خيرا و فائدة للناس و هذه بعض الأمثلة المشابهة في القرآن
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) سورة النساء
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و طبعا هذا لا ينفي أفضليتها عند الله تعالى المرتبطة بالأساس بالتقوى و العمل الصالح
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) سورة الحجرات
و تبقى أبرز ملاحظة في نص الآية التي إستخرجوا منها كذبتهم إستخدامها لصيغة الماضي في وصف المخاطبين فيها
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
فهل لحقت أمة محمد التي كانت في أول خطواتها و بداية نشأتها و في طور تعلم كتاب ربها الذي لم يكتمل نزوله بعد لتكون خير أمة أخرجت للناس ؟ خصوصا عندما نجد الأمر المباشر لها في نفس السياق بأن تكون خير أمة أخرجت للناس من خلال نفس المعيار الذي حددت به خير أمة في الآية السالفة الذكر و المتمثل في الدعوة إلى الخير من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) سورة آل عمران
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و هنا تبدأ الأختراعات كالعادة عند كل حقيقية غير مرغوب فيها كالزعم بأن كنتم تعني أصبحتم أو أن العرب كانوا يعبرون بصيغة الماضي على الثبوت في الوصف ألخ
مما يؤكد عدم إنطباق وصف خير أمة أخرجت للناس على أمة النبي محمد و يتضح ذلك جليا في تتمة سياق الآية الذي يخاطب أهل الكتاب و يذكرهم بتفضيلهم في الماضي و أنهم كانوا خير أمة أخرجت للناس يهدون الناس إلى الحق من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لما صبروا و كانوا بآيات الله يوقنون
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) سورة السجدة
و في نفس الوقت يأمرهم بالعودة إلى الله بالإيمان برسالة محمد
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و مخبرا في نفس السياق الذي دعى فيه أمة محمد بأن تكون خير أمة أخرجت للناس أن نقيض هذا الوصف هو الإختلاف و التفرقة عن دين الله
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) سورة آل عمران
و الذي يجعل من أصحابه شر أمة أخرجت للناس كيف و لا و هم يقومون بنشر دين الله الذي كلفهم بإيصاله للناس دون بقية الأمم بطريقة عكسية تنشر الفساد في الأرض و تسيء للذات الإلهية
يعتقد أصحاب المذاهب أنهم خير أمة أخرجت للناس لكن الواقع المرير و التاريخ و الحاضر يثبت العكس مهما حاولوا إقناع أنفسهم بالعكس لأن كتاب الله سيظل شاهد على الحقيقية و على تفريقهم لدينهم عن دين الله الأوحد
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) سورة الروم
و على عدم تمسكهم بالكتاب
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) سورة الأعراف
و على نسبهم لما خطته شياطينهم من كتب لله تعالى بإدعاء أنها وحي إلهي للرسول محمد
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) سورة البقرة
و على نسبهم الفواحش لله و رسوله
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) سورة الأعراف
فكيف لا ينطبق عليهم وصف شر أمة أخرت للناس ؟ و يبقى السؤال المطروح ألم يحن الوقت للخروج و فضح حقيقة هذه الأمة الفاسدة ؟ ألم يحن الوقت لنصير خير أمة أخرجت للناس ؟ فالله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فهل نحن مستعدون لتغير ما بأنفسنا قولا و فعلا أم سنبقى متشبثين بماضي و هوية مزيفة لن نجني من ورائها سوى المزيد من التخلف والبعد عن دين الله الحق
من أكثر الافكار شهرة و شيوعا لدى عامة أتباع المذاهب فكرة أن أمة النبي محمد هي أحسن أمة أخرجت للناس فكرة جعلت أتباع رسالة القرآن يعيشون في عالم وهمي يشعرهم أنهم فوق بقية الأمم مهما بلغوا من إنحطاط أخلاقي و تخلف فكرة نشأت كالعادة من تفاسير السلف الخاطئة
تفسير بن كثير
وفي مسند أحمد وجامع الترمذي من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ( أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على اللّه عزّ وجلّ ) وهو حديث مشهور، وقد حسَّنه الترمذي، وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات، بنبيِّها محمد صلوات اللّه وسلامه عليه، فإنه أشرف خلق اللّه وأكرم الرسل على اللّه، وبعثه اللّه بشرع كامل عظيم، لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه، وفي الحديث: ( وجعلت أمتي خير الأمم )
أمة جعل تفضيلها في جبروتها و سطلتها و إحتقارها للآخرين كحال جميع الأمم الطاغية و العنصرية
تفسير بن كثير
أمة يخرجها رسولها من النار بعدما حق عليه العذاب عكس باقي الأمم
صحيح البخاري
فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُفكر عنصري يقوم على تمييز النبي محمد عن باقي الرسل و تفضيل أتباعه على بقية المسلمين من أتباع الأنبياء السابقين
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) سورة الممتحنة
و بالتأسي بأتباع النبي عيسى بن مريم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) سورة الصف
ماذا عن الأمم التي عاشت قبل بعثة النبي محمد ؟ ماذا عن أتباع الرسل السابقين الذين آمنوا بنبوءة محمد قبل بعثته كجزء من الغيب المذكور في كتبهم
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف
هل ليسوا من أمة محمد ؟
كأنهم يقولون نحن خير منهم خلقتنا في أمة محمد و خلقتهم في غير أمته ليسقطوا في فخ ملهمهم إبليس
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) سورة الأعراف
الذي في الأخير لم يقوم سوى بجعل أتباعه على صورته بدفعهم لإرتكاب نفس ذنوبه كالعنصرية و التكبر السلاح الأول لتفرقة الناس إلى شيع و إخراجهم من أمة عباد الله المخلصين
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص
أمة جميع الرسل بدون إستثناء التي وصفها الله تعالى بعد سرده لقصصهم في سورة الأنبياء بالأمة الواحدة
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) سورة الأنبياء
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) سورة المؤمنون
هذه هي خير أمة أخرجت للناس لكن أصحاب المذاهب كان لهم رأي آخر و أرادوا التميز و الإنفراد بهذا الوصف و بالتالي أخرجوا أنفسهم بدون شعور من هذه الأمة المباركة و إتبعوا سبيل من فرقوا د ينهم و تقطعوا أمرهم كل حزب بما لديهم فرحون و سبيلهم في ذلك تحريف كلام الله عن مواضعه
أول ملاحظة في الآية التي إستخرجوا منها حكم تفضيل أمة محمد أنها لم تشر إطلاقا إلى تفضيل المخاطبين في نصوصها كما هو الشأن بالنسبة لبني آدم
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) سورة الإسراء
أو بني إسرائيل
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) سورة الجاثية
فلو إعتمدنا على المعنى اللفظي فقط سنجد أن الآية لم تقل كنتم خير أمة أخرجت من الناس أو ما شبه ذلك بل خير أمة أخرجت للناس أي أكثرها خيرا و فائدة للناس و هذه بعض الأمثلة المشابهة في القرآن
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) سورة النساء
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و طبعا هذا لا ينفي أفضليتها عند الله تعالى المرتبطة بالأساس بالتقوى و العمل الصالح
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) سورة الحجرات
و تبقى أبرز ملاحظة في نص الآية التي إستخرجوا منها كذبتهم إستخدامها لصيغة الماضي في وصف المخاطبين فيها
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
فهل لحقت أمة محمد التي كانت في أول خطواتها و بداية نشأتها و في طور تعلم كتاب ربها الذي لم يكتمل نزوله بعد لتكون خير أمة أخرجت للناس ؟ خصوصا عندما نجد الأمر المباشر لها في نفس السياق بأن تكون خير أمة أخرجت للناس من خلال نفس المعيار الذي حددت به خير أمة في الآية السالفة الذكر و المتمثل في الدعوة إلى الخير من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) سورة آل عمران
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و هنا تبدأ الأختراعات كالعادة عند كل حقيقية غير مرغوب فيها كالزعم بأن كنتم تعني أصبحتم أو أن العرب كانوا يعبرون بصيغة الماضي على الثبوت في الوصف ألخ
مما يؤكد عدم إنطباق وصف خير أمة أخرجت للناس على أمة النبي محمد و يتضح ذلك جليا في تتمة سياق الآية الذي يخاطب أهل الكتاب و يذكرهم بتفضيلهم في الماضي و أنهم كانوا خير أمة أخرجت للناس يهدون الناس إلى الحق من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لما صبروا و كانوا بآيات الله يوقنون
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) سورة السجدة
و في نفس الوقت يأمرهم بالعودة إلى الله بالإيمان برسالة محمد
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران
و مخبرا في نفس السياق الذي دعى فيه أمة محمد بأن تكون خير أمة أخرجت للناس أن نقيض هذا الوصف هو الإختلاف و التفرقة عن دين الله
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) سورة آل عمران
و الذي يجعل من أصحابه شر أمة أخرجت للناس كيف و لا و هم يقومون بنشر دين الله الذي كلفهم بإيصاله للناس دون بقية الأمم بطريقة عكسية تنشر الفساد في الأرض و تسيء للذات الإلهية
يعتقد أصحاب المذاهب أنهم خير أمة أخرجت للناس لكن الواقع المرير و التاريخ و الحاضر يثبت العكس مهما حاولوا إقناع أنفسهم بالعكس لأن كتاب الله سيظل شاهد على الحقيقية و على تفريقهم لدينهم عن دين الله الأوحد
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) سورة الروم
و على عدم تمسكهم بالكتاب
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) سورة الأعراف
و على نسبهم لما خطته شياطينهم من كتب لله تعالى بإدعاء أنها وحي إلهي للرسول محمد
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) سورة البقرة
و على نسبهم الفواحش لله و رسوله
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) سورة الأعراف
فكيف لا ينطبق عليهم وصف شر أمة أخرت للناس ؟ و يبقى السؤال المطروح ألم يحن الوقت للخروج و فضح حقيقة هذه الأمة الفاسدة ؟ ألم يحن الوقت لنصير خير أمة أخرجت للناس ؟ فالله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فهل نحن مستعدون لتغير ما بأنفسنا قولا و فعلا أم سنبقى متشبثين بماضي و هوية مزيفة لن نجني من ورائها سوى المزيد من التخلف والبعد عن دين الله الحق
تعليقات
إرسال تعليق