هل كان آدم أول البشر ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



تعد فكرة عدم وجود البشر قبل آدم أكبر عائق بين نظريات الخلق المتبنات في مختلف االأديان و بين علوم العصر التي أكدت عكس ذلك و قد سبق و تطرقت في موضوعي
لتطابق ما جاء في آيات القرآن مع نظرية تطور الأحياء و في نفس الوقت التلميح لوجود بشر قبل آدم من خلال التركيز بالخصوص على آيات الخلق و في هذا الموضوع سأقوم بعرض نصوص مباشرة  تذكر بشكل صريح و واضح وجود بشر قبل آدم
في البدأ أخبر الله تعالى ملائكته بخلقه لمخلوق جديد سماه بشرا و أخبرهم أنه عندما سيصل  إلى مرحلة التسوية بمعنى مرحلة التكليف و القدرة على التمييز بين الخير و الشر
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)  سورة الشمس
و التي ربما كانت تفصلها عن هذا الخطاب مدة طويلة قد تصل لملايين السنيين سيقوم بنفخ روحه فيه أي يحدث تغير في طبيعته و طبيعة ذريته المختارة  و بطبيعة الحال الروح ليست هي النفس المسؤولة عن الحياة
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)  سورة الزمر
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)  سورة الإسراء
 حينها فقط سيلزمهم بالسجود له 
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)  سورة ص
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)  سورة الحجر
و معنى سجودهم للإنسان أي الخضوع له كما سبقت التوضيح في موضوع
و قد حالوا إيهامنا أن هذا الخطاب هو نفسه الذي ذكر في الآيات التالية من سورة البقرة بتفاصيل أكثر 
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)  سورة البقرة
إلا أن المتدبر لكتاب الله سيدرك أن الخطاب الأخير كان في مرحلة مختلفة مرحلة إعترضت فيها الملائكة على قرار الله عكس الخطاب الأول مرحلة جاء فيها الأمر المباشر للملائكة بالسجود عكس الآية الأولى التي ذكر لهم فيها السجود كحدث مستقبلي  مرحلة تتحدث عن جعل خليفة و ليس خلق مخلوق جديد 
فالإنسان قام بخلافة و تعويض الملائكة أنفسهم و بالضبط طائفة من الملائكة كان دورها حكم و تسيير شؤون الأرض
و لعل أبرز ما يلاحظ في الآيات هو إعتراض الملائكة على هذا القرار و تذكريهم لربهم بتسبيحهم و تقديسهم الدائم له فكيف يفضل عليهم مخلوقا لا يحسن سوى سفك الدماء و الإفساد في الأرض ؟
مما يحيلنا إلى السؤال التالي كيف علموا بإفساد هذا المخلوق لو كان آدم بالفعل هو أول الخلق ؟ سيقول البعض أن الله أخبرهم الغيب طيب لماذا لم يخبرهم في نفس الوقت بمميزات هذا البشر ؟
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)  سورة البقرة
و كيف علم إبليس مسبقا أنه سيغوي آدم و ذريته ؟
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)  سورة الإسراء 
فإبليس مع بقية الملائكة كانوا يدركون جيدا طبيعة البشر و نقاط ضعفه من خلال مراقبتهم الدقيقة له اليت امتدت لعصور طويلة
 و هناك دليل قرآني أكثر وضوح بخصوص هذه الحقيقة فلطالما حاولوا إقناعنا أن الآيات التي تتحدث عن النفس الواحدة التي إنبثق منها جميع البشر تخص آدم لكنها في الحقيقة تتحدث عن شخص آخر أكثر قدما 
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)  سورة الأعراف
و تؤكد حقيقة  مختلفة تماما أن سلفنا الأول كان شخصا كافر و مشرك لا علاقة للأمر بآدم الذي لن نجد نص قرآني واحد يؤكد أنه أول البشر ولا حتى أول البشر المكلفين مما أصاب مفسري السلف بتخبط كبير 
تفسير بن كثير
{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة - إلى قوله - جعلا له شركاء فيما آتاهما } إلى آخر الآية، وعنه قال: أتاهما الشيطان فقال: هل تدريان ما يولد لكما! أم هل تدريان ما يكون أبهيمة أم لا؟ وزين لهما الباطل، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا، فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي لم يخرج سوياً ومات، كما مات الأول، فسميا ولدهما عبد الحارث، فذلك قول اللّه تعالى: { فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما } الآية. وروى ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان فقال لها: أتطيعيني ويسلم لك ولدك؟ سميه عبد الحارث، فلم تفعل، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك فلم تفعل، ثم حملت الثالثة فجاءها فقال: إن تطيعيني يسلم، وإلا فإنه يكون بهيمة فهيبها فأطاعا، وهذه الآثار يظهر عليها واللّه أعلم أنها من آثار أهل الكتاب، وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمه اللّه في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته، ولهذا قال اللّه: { فتعالى عما يشركون } فذكر آدم وحواء أولاً كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين
يعني للمرة الثانية يضحك الشيطان على آدم و زوجته ؟ و يكرران نفس الخطأ بالإنصات إليه ؟ و طبعا لا نجد لا حس و لا أثر لهذه الرواية الغريب في أي نص ديني في العالم سوى في هذا التفسير الترقيعي الذي يبين عجز صاحبه على تقبل فكرة وجود بشر قبل آدم
فالله تعالى خلق مجموعة بشر ثم صورها لاحقا أي جعلهم في صورتنا الحالية عن طريق التطور و إختلاط الأجناس ثم إصطفى آدم من بينهم كممثل لجنسنا الحالي لتسجد له الملائكة 
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)  سورة الأعراف
و يبقى السؤال المحير هل كل البشر الحالي من بني آدم 
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)  سورة الأعراف
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)  سورة الأعراف
لماذا نجد بعض الشعوب يعيشون عراة و لا يشعرون بالخجل مثل آدم و ذريته ؟
هل آدم أب كل البشر أم أب سلالة الأنبياء فقط الي استقرت ذريته في  الشرق الأوسط في زمن الأنبياء قبل أن تنتشر في العالم و تختلط بالشعوب الأخرى
 إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)  سورة آل عمران
أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)  سورة مريم
يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)  سورة الأعراف 
لماذا لم يشهد التاريخ وجود رسل و لا أديان توحيدية سوى في الشرق الأوسط و هل درجة التكليف تختلف بين بني أدم و غيرهم من البشر
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)  سورة الأعراف 
و إلا ما مصير باقي شعوب العالم الذين ظلوا بدون أنبياء لألاف السنين 
 إن كان البشر الحاليين كلهم من بني آدم فمن هؤلاء الذين لم يفضل الله بني آدم عليهم ؟
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)  سورة الإسراء
فضلهم الله على كثير و ليس على كل فمن هم الذين فضلوا على بني آدم أو جعلوا في نفس مرتبهم ؟
فخلاصة القول أن جميع النصوص تذهب لنفس الفكرة أن آدم هو أب سلالة الأنبياء و ليس أب البشر