آثار الصلاة القرآنية عند أصحاب المذاهب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


عندما يحاجج أصحاب المذاهب منكري أديانهم و عبادتهم المتواترة فإنهم يسارعون بالإستشهاد بأي دليل يدعم موقفهم و يعزز مزاعمهم دون الإنتباه إلى أن نفس هذه الدلائل تحمل في طياتها ما ينفي إدعاءاتهم و يفضح ما سعوا لإخفائه طوال هذه القرون 
 كل من درس القرآن بحيادية و منطق دون اللجوء لمصادر خارجية سيخلص إلى حقيقية واحدة أن الله تعالى قد شرع ثلاث صلوات في اليوم بناء على عدة نصوص صريحة أبرزها على الإطلاق 
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)  سورة هود
إثنان منها وقتها ثابت تأدى طرفي النهار في مساجد الله
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)  سورة النور
بالإضافة لصلاة الليل التي تركها الله تعالى نافلة مفتوحة للعباد حسب القدرة و الظروف
 إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)  سورة المزمل
و قد سبق التطرق لهذه الحقيقة بالتفصيل في موضوعي
هل غفل القرآن عن ذكر تفاصيل الصلاة
عدد الصلوات في كتاب الله
في المقابل نجد الغارقين في تقديس موروث الآباء الذين تزعجهم هذه الحقيقة يتشبثون بأي قشة أمل ليقنعوا بها أنفسهم و أتباعهم ببطلان صلاة القرآن البينة و على سبيل المثال نجدهم يرددون في كل مناسبة مقولة من أين أتيتم بهذه الصلاة التي لا يوجد لها أي أثر في التاريخ و لم يسمع بها أحد في يوم من الأيام قبل ظهور فئة من منكري السنة في السنوات الأخيرة و تنكرون ما أجمع عليه صحابة النبي الذين عاشروه و حفظوا لنا دينه كاملا ؟
لكن هل يمكن إعتبار التاريخ المروي حجة كافية للحكم على حقيقة الأشياء و تجاهل بين النص القرآني ؟خصوصا إذا علمنا أنه قد تم تغييب زمان و مكان البعثة المحمدية كليا من تاريخ المذاهب و تعويضهما بتاريخ و جغرافيا مزيفان كما تمت الإشارة في موضوعي
متى بعث الرسول محمد ؟
الرسول محمد بعث في أرض الأنبياء و ليس خارجها
و بعيدا عن هذا اللبس التاريخي هناك سؤال آخر يطرح نفسه هل بالفعل لم يبقى أي آثار للصلاة القرآنية عند أصحاب المذاهب أم هنالك فئة من المؤمنين ضلت ملتزمة بها حتى أقرب الآجال ؟
عندما يصلي أصحاب المذاهب ما يسمونه بصلاة التراويح في شهر الصيام فإنهم لا يدركون أنهم يصلون نفس مقدار صلاتي طرفي النهار القرآنيتين الزمني اللتان سميتا بصلاتي الفجر و العشاء 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)  سورة النور
 حوالي 45 دقيقة تقريبا كما تم التوضيح في الموضوع أعلاه
 فهل تزامن توقيت صلاة العشاء مع صلاة التراويح الأولى و قرب صلاة التراويح الثانية من توقيت صلاة  الفجر يبقى مجرد مصادفة ؟ أم دليل صريح على إنبثاق هذه العادة التي تم حصرها في شهر الصيام من الصلاة الحقيقية للقرآن ؟ طبعا مع مرور الوقت تم التلاعب حتى بموعد العشاء و الفجر بتسبيق هذا الأخير عن موعده الحقيقي موعد ظهور الضوء و تحول لون السماء من الأسود إلى الأزرق عند القدرة على بالتمييز بين خيطي الثوب الأبيض و الأسود
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)  سورة البقرة
بحوالي 45 دقيقة بينما تم تأخير موعد العشاء بحوالي ساعة و نصف عن موعده الحقيقي الذي يبتدئ مع دلوك الشمس
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)  سورة الإسراء أي إلتصاقها بالأفق قبل الغروب بدقائق قليلة و بعبارة أدق غير أصحاب المذاهب إسم توقيت العشاء و نسبوه لوقت المغرب مع أن هذا الأخير إسم مكان و ليس إسم زمان و الطريف أنهم زعموا العكس في أحاديثهم الملفقة للرسول محمد بهتانا و زروا
صحيح البخاري
بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ 
 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ قَالَ الْأَعْرَابُ وَتَقُولُ هِيَ الْعِشَاءُ 
فهذا الحديث يثبت أن بعض المسلمين ضلوا متشبثين ليس بصلاة القرآن الحقيقية فحسب بل حتى بإسمها الحقيقي لكن التاريخ الذي يروي لنا وجهة نظر المنتصرين و أصحاب السلطة لا يعبر دائما عن حقيقة الأشياء  لكن تخونهم الكلمات في بعض الأحيان فيعطون و لو جزء صغير من الحقيقة 
صحيح مسلم
وحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى ، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا " ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَقَالَ : آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ ، قَالَ : وَأَنَا أَشْهَدُ ، لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْهُ .
حديث يتطابق بالحرف مع النص القرآني
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)  سورة ق
طبعا حاول المفسرون هنا نسب صلاة ما قبل المغرب للعصر مع أنني لا أرى اي سبب لتفضيل صلاتي الفجر و العصر عن بقية الصلوات على إفتراض وجودها ؟ لكن عندما يتم وصف توقيت صلاة ما قبل المغرب بالبرد في حديث آخر فلا مجال للتلاعب بالنصوص لنسبها لتوقيت العصر
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ  وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
فأصحاب المذاهب يحاولون إقناع أنفسهم أن منكري السنة جاؤوا بدين جديد و صلاة جديدة لكن الحقيقية أن هذه الصلاة كانت دائما موجودة في نصوص القرآن و حتى في بعض أحاديثهم و سارية العمل عند من أدركوا حقيقة النصوص فلنتفرك قليلا لو نزعنا الإنترنيت من علمنا الحالي رغم ما يوفره من وسائل إتصال حديثة هل سيشعر أحد بوجود منكري السنة و لا بما يطرحونه من أفكار ؟ بطبيعة الحال لا لأن جميع وسائل الإعلام و التعبير مقفلة في وجوههم فالإعلام العربي أصبح يعطي الكلمة للملحدين و الشواذ و لا يعطيها لمنكري السنة و هنا أتحدث عن منكري السنة الحقيقيين و ليس بعض السنيين الذين يحاولون تزيين و تنقية مذاهبهم فمن الذي يضمن لنا أنهم لم يكونوا موجودين عبر مختلف العصور و أنه كان يتم طمس أقوالهم و منع كتابتهم و محوه آثارهم من التاريخ 
فإلى يومنا هذا لا تزال آثار صلاة القرآن حاضرة في مختلف عبادات أصحاب المذاهب فنجدها في صلاة التراويح التي في رأيي الشخص كانت أول هيئة وضعها أصحاب المذاهب لصلاة القرآن بحصرها بعدد معين من الركعات و السجدات و الأقوال ثم تم التخلي عنها تدريجيا و حصرها في شهر الصيام كما نجدها في مواقيت تلاوة القرآن في المساجد التي تأدى مرتين في اليوم بعد كل من صلاتي الفجر و العصر فهذه كلها بقايا صلاة كانت تأدى في مساجد الله  مرتين في اليوم 
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)  سورة النور
فهمها طال الزمان لا بد للحقيقية أن تظهر و لا يمكن للكذب أن يستمر مهما بلغ سلطانه و سيطرته على الناس 
 

تعليقات