بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تحظى صلاة الجمعة عند أصحاب المذاهب و بالأخص مذهب السنة و الجماعة بمكانة تفوق بكثير بقية الصلوات المكتوبة لدرجة أن تركها ثلاث مرات متتالية يعتبر خروجا من الملة لكن ككل إدعاء ألصقه المشركون بدين الله تفتقد صلاة الجمعة لأبسط مقومات الدليل العلمي كتشريع حقيقي منزل من رب العالمين و لعل أبرز ما يلاحظ عند البحث عن مصادر تشريع هذه الصلاة هو الإنعدام التام لذكرها أو ذكر تشريعها في كتاب الله أو حتى في كتبهم المعتمدة ! لا يوجد نص واضح يبين متى تم تشريعها هل في حادثة المعراج مع الصلوت الخمس المزعومة أم قبلها أم بعدها ؟ و قد إرتكب مفسري السلف خطأ جسيما بنسب تشريعها لسورة الجمعة التي من خلال سياقها خرجت فكرة هذه الصلاة الوهمية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) سورة الجمعة
أول ملاحظة في هذه السورة عدم وجود أي أمر بصلاة جديدة و إنما تنبيه لتصرفات بعض المصلين الذين كانوا يتركون الصلاة عامة في يوم الجمعة
ثاني ملاحظة لم تذكر صلاة الجمعة بالإسم بل ذكرت الصلاة من يوم الجمعة مما يؤكد أننا هنا أمام نفس الصلاة المعتادة مع التركيز على الحفاظ عليها في يوم الجمعة
ثالث ملاحظة أن هذه السورة نزلت لتنهى المسلمين عن ترك الصلاة و ليس لتشريع صلاة جديدة
رابع ملاحظة أن الأمر بإنتشار المؤمنين بعد الصلاة على إفتراض أن المقصود هنا هي بالفعل صلاة الجمعة التي تقام في وقت الظهيرة و إبتغاءهم من فضل الله يخالف عادات قوم الرسول في هذا الوقت الذي كان بالنسبة إليهم وقت راحة و وضع الثياب
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) سورة النور
فالحقيقة أن يوم الجمعة لم يكن يوم تجمع في المعابد و إنما يوم تجمع في الأسواق و بعبارة أدق يوم خاص بالبيع و الشراء فالمسلمين كانوا ينشغلون فيه عن الصلاة و يتركون الرسول لوحده في المسجد فنزلت هذه السورة لتنهاهم عن هذا الفعل فحولوا يوم الجمعة من يوم كان فتنة للمسلمين إلى يوم مقدس إدعوا أنه اليوم الذي خلقت فيه الأرض و الإنسان و شهد أهم الأحداث العظيمة عبر التاريخ !
و هذا اليوم ليس محددا بزمن معين و إنما متغير حسب الثقافات و الحضارات و نجده ذكر بأكثر من لفظ فمثلا عند المصريين كان يسمي بيوم الزينة
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) سورة طه
و لا أدري هل هي مجرد صدفة أم إقتباس تاريخي حيث نجد أن مفهوم يوم الجمعة بالفرنسية هو نفس مفهومه القرآني أي يوم البيع vendredi بمعنى vendre البيع di يوم باللاتينية
فهذه السورة نزلت لتنهى كل مسلم في كل زمان و مكان عن الإنشغال بالتجارة و اللهو و تنطبق على أي يوم تجمع و لهو و لا تنحصر على يوم معين
فإذا لم تشرع صلاة الجمعة في سورة الجمعة فمتى شرعت يا ترى ؟ أكيد ليس في القرآن و كذلك لن نجد تشريعها في السنة فلا يوجد حديث واحد يأمر من خلاله الرسول قومه أن يؤدوا هذه الصلاة الشبح
و لن نجد حديثا واحدا يفصل صلاة الجمعة و خطبتها فقد نسي مؤلفي أديان السنة و الشيعة تشريع هذه الصلاة في كتبهم الشركية و تركوا المهمة لسورة الجمعة التي تبين أن لا علاقة لها بالموضوع
ويا ليت الأمر توقف عند متبعي المذاهب في تقليدهم الأعمى لأسلافهم المشركين من اليهود و المسيحيين بإختراع صلاة أسبوعية بل تجاوزه لتقديس يوم من الأسبوع و هنا سقط في المحضور و دخلوا في حزب من تجرأوا على الخالق و وصفوه بالإله الذي يشقى و يتعب لأن بإعترافهم بالأسبوع كوحدة قياس رغم عدم تشريعها في القران فإنهم يؤكدون نفس ما جاء في توراة اليهود المحرفة
سفر التكوين الإصحاح 2
1 فَاكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالارْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2 وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3 وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لانَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقا.
بأن الله بعزته و جلاله قد تعب من خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم إستراح في اليوم السابع فمن هنا خرجت للوجود فكرة الأسبوع و كذلك الإحتفال بالمولود في يومه السابع و حتى تسمية اليوم السابع بيوم السبت ليست صدفة بل جاءت كتعبير عن راحة الله في اليوم السابع فالسبت إسم مشتق من السبات أي الراحة كما يفعل اليهود إلى يومنا هذا في يوم السبت
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) سورة الفرقان
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) سورة النبأ
و قد كان رد القران واضحا و صريحا بخصوص هذا الإتهام الباطل
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) سورة الأحقاق
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) سورة ق
بل نهى رسوله الكريم عن إتباع شريعة السبت و ما شبهها
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) سورة النحل
فمن واجب كل مسلم حريص على تعظيم ربه و عدم الإساءة إليه ترك هذه الصلاة السياسية التي لم تخترع سوى لغسل أدمغة الناس و حشد الجيوش و قد كانت أحد أهم الأسلحة التي إستعملت من طرف من أطلقوا عليهم لقب الصحابة في خضم حروبهم على السلطة
تعليقات
إرسال تعليق