تساؤل حول تعداد الجيوش في حروب البعثة المحمدية ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


عندما ننظر لتعداد الجيوش التي شاركت في مختلف حروب البعثة المحمدية كما جاء في سيرة أصحاب المذاهب نجدها جد ضئيلة مقارنة بالوصف القرآني لتلك الحروب الضخمة و ربما يعود ذلك لمحاولة حصر نفس السيرة لهذه الحروب بين الرسول و أتباعه من المؤمنين و بين كفار قومه بالإضافة إلى بعض قبائل الجزيرة العربية الصحراوية لاحقا 
و كما وعدت في موضوع 
هل الملائكة و الجن مخلوقات غير مادية ؟
الذي تطرقت فيها لمفهوم رؤية الملائكة و الذي أوضحت من خلاله أن الإحتمال الأقرب للواقع هو تجسد الملائكة في شكل بشر بقدرات قتالية قريبة من قدرات البشر و أن مفهوم عدم رؤية المقاتلين المؤمنين لهم كان عبارة عن عدم إدراك لهويتهم الحقيقية و الإعتقاد أنهم جنود من البشر مثلهم
فساحول في الموضوع إكمال التطرق لشبهة كثرة أعداد الملائكة مقارنة بتعداد الجيوش التي شاركت في حروب البعثة المحمدية
عندما نطلع على مختلف النصوص القرآنية نجد تأكيد واضح على تأييد الله سبحانه و تعالى للمؤمنين بالملائكة في جل معارك التي خاضوها ضد أعداءهم و أعداء الإسلام
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)  سورة الأحزاب
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)  سورة التوبة
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)  سورة التوبة
لكن تبقى السيمة المشتركة عند هؤلاء الجنود في جميع المعارك هي عدم قدرة المقاتلين البشر على رؤيتهم أي تمييزهم من بين بقية المقاتلين و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على قلة عددهم مقارنة بجيوش المسلمين لدرجة تجعل المقاتلين المسلمين لا ينتبهون لوجودهم و لو قمنا بمقارنة أكبر عدد من الملائكة التي ذكرت في القرآن 
بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)  سورة آل عمران
بأكبر جيش إسلامي في سيرة المذاهب و الذي بلغ عشرة آلاف مقاتل عند فتح مكة المزعوم 
فتح مكة
وكان عددُ الجيش عشرةَ آلافٍ فيهم المهاجرون والأنصار الذين لم يتخلف منهم أحد
سنجد أنفسنا أمام سؤال مهم كيف سيدعم خمسة آلاف مقاتل عشرة آلاف أي نصف الجيش دون أن يشعروا بوجودهم ؟ لكن المشكلة أن السيرة نسبت نص الآية التي تتحدث عن تدعيم الله للمؤمنين بخمسة آلاف من ملائكة لغزوة بدر بالذات
تفسير بن كثير
{ إذا تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة} ، قال: هذا يوم بدر. وقال الربيع بن أنَس: أمد اللّه المسلمين بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف،
{ يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} أي معلمين بالسيما. عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض،
يعني بعدما وعد الله تعالى المؤمنين بألف من الملائكة نفس تعداد جيش الكفار حسب سيرة أصحاب المذاهب
غزوة بدر
كان عددُ المسلمين في غزوة بدر ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس
ما دامت نفس السيرة قد قامت بنسب نص الآية التالية لغزوة بدر 
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)  سورة الأنفال
طالب المؤمنين بالمزيد من الجنود ؟ فبشرهم الله بثلاثة ألاف و مع ذلك لم تطمئن قلوبهم بعد حتى بشرهم بخمسة ألاف أي خمس أضعاف جنود قريش فهل كان جيش قريش مكون من مقاتلي النينجا حتى يحتاج المؤمنين إلى خمسة أضعاف عدده من الملائكة بمعدل خمسة ملائكة على كل مقاتل من الكفار ؟ و مع ذلك لم يستطع هذا الجيش الضخم من الملائكة من قتل حتى سبعون رجلا !
 وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون
ما دام العديد منهم قد مات بأيدي المقاتلين المؤمنين كما تروي الروايات يعني ضحك على الذقون و عبث بالتاريخ و بكتاب الله بوضح النهار و من يجرأ على إستخدام المنطق و التشكيك في هذه المهازل التي يخجل المرأ من تسميتها حقائق تاريخية يتم وصفه بالكفر و الزندقة 
فبغض النظر هل كان المقصود بهذه الآيات غزوة بدر أو غيرها رغم أن كل الدلائل تشير إلى أن ذكر غزوة بدر فيها جاء فقط للتذكير بنصر الله للمؤمنين في الماضي
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)  سورة آل عمران
فمن خلال ردة فعل جنود المؤمنين الذين لم تكفيهم ثلاثة ألاف من الملائكة يتجلى بوضوح ضخامة الجيش المقابل لهم الذي حسب هذا الوصف سيعد بالآلاف إن لم نقل بعشرات الآلاف فلطالما حرصت السيرة المذهبية على تقزيم عدد الجيوش المشاركة في حروب البعثة المحمدية حتى تتلائم مع جغرافيا الجزيرة العربية ذات القرى الصغيرة و الكثافة السكنية القليلة رغم أن كل شيء في القرآن يشير إلى جيوش ضخمة مكونة من سكان عدة قرى و عدة أقوام
مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)  سورة التوبة
فحرب المؤمنين و الكفار أثناء البعثة المحمدية لم تقتصر في يوم من الأيام على قبيلتين و لم تنحصر على ما يسمى بقبيلة قريش بل شملت مجموع قرى أي مدن  أنذرها الرسول محمد سلميا في بادئ الأمر
وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)  سورة الأنعام
 و عندما بدأ ينتشر الإيمان بين أفرادها أزعج ذلك كفارها فبدؤوا بعملية إضطهاد كبيرة
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)  سورة الحج
أتبعتها حرب و معارك طويلة
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)  سورة البقرة
إنتهت بنصر لله تعالى لدينه وعباده المؤمنين 
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)  سورة النصر
وسنجد جل الآيات القرآنية تشير إلى حرب المؤمنين مع الأحزاب أي مجموعة أقوام و ليس مع قبيلة واحدة تدعى قريش ؟ 
على العموم يمكن إعتبار تعداد الملائكة التي شاركت في حروب القرآن دليل إضافي على زيف و كذب  السيرة المذهبية سواء تاريخيا أو جغرافيا و بطبيعة الحال عندما يمزج كلام الله بالكذب ينتج عن ذلك مجموعة تناقضات و شبهات تنسب بهتانا و زورار لدين الله 

تعليقات