حقيقة القلب و الصدر في القرآن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


من بين المعايير الخاطئة التي يعتمدها غالبية بالناس لفهم نصوص القرآن سواء عن جهل أو بتعمد إعتماد ما يسمى بلسان العرب ولكن جل هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم القيام ببحث تاريخي جدي و منطقي يثبت أن أقصى حدود ما يسمى بلسان العرب التاريخية يعود بنا فقط إلى زمن العباسيين الذين كان جل علمائهم غير عرب للإشارة !
و قد سبق التنبيه في موضوع 
مفهوم عربية القرآن
إلى هذه الحقيقة البالغة الأهمية التي تجعل كل ما ورثناه من مفاهيم للكلمات القرآنية محل للشك وقابل للفهم بطريقة مغايرة ربما قد تبدو غريبة للبعض لكن الحقيقة أننا ورثنا فهم الأمويين و العباسيين لكلمات القرآن و ليس لمعانيها الحقيقية كما فهمها من نزل القرآن بلغتهم الأصلية
و هذا التسليم المطلق بما ورثناه يجعلنا نسلم بالمعنى الموروث لكل كلمة نقرأها في القرآن على أنها حقيقية مطلقة لكن ماذا عندما نصطدم بأحد المشاكل والحقائق العلمية الحديثة التي تخالف هذه المفاهيم فيصبح العلم متعارض مع النص القرآني ليس بسبب هذا الأخير لكن بسبب فهم فئة معينة من الناس له بطريقة خاطئة بناء على معتقدات عصرهم
فهل سنسلم بأخطاء مماثلة و نضع القرآن في موقف حرج أم سنشغل عقولنا قليلا و نعيد قراءة الكلمات القرآنية بطريقة جديدة مع مراعاة الدليل و الأمانة العلمية و في نفس الوقت عدم السقوط في فخ الإختراع و الكذب على كتاب الله
من بين المسلمات العلمية التي تعارض نصوص القرآن أو بالأحرى فهمنا الحالي له إدعاء أن القلب هو الجسم المفكر في الجسد
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)  سورة الحج
طبعا هذه مشكلة كبيرة فكل شخص له ذرة علم في عصرنا الحالي سيدرك أن مركز التعقل في الجسد هو الدماغ المتحكم الأول في الذاكرة و المشاعر و الغضب و الفرح و الأحلام ألخ لكن مع ذلك هناك من يكابر و يستغفل الناس و يحاول خداعهم بأن القلب هو المسؤول الأول عن التعقل و التفكير في الجسم بناء على بعض الأبحاث الغربية الحديثة التي تم تحريف أقوال أصحابها فكل ما توصل إليه العلم أن القلب له ذاكرة خاصة و دماغ صغير مرتبط بالدماغ العضو الأساسي لكن المفاجئة أن هاتين الميزتين توجدان في جل أعضاء الجسم و ليس في القلب فقط و يبقى السؤال المطروح لهؤلاء لماذا يستطيع الإنسان تغيير قلبه و لا يستطيع تغيير دماغه ؟ هناك في المقابل من شرح مفهوم القلب في القرآن بطريقة مجازية على أنه الإدراك الداخلي أو النفس لكن الآية السالفة الذكر تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن القرآن يتحدث بالفعل عن القلوب التي في الصدور مما يحيلنا إلى سؤال آخر ما هي الصدور ؟
يقول سبحانه و تعالى في كتابه
أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)  سورة هود
الكثير يمرون على هذه الآية مرور الكرام دون الإنتباه إلى المعلومة البالغة الأهمية التي ذكرت فيها فبغض النظر عن مختلف التفاسير التي ذكرها السلف فإذا قرأنا النص بشكل محايد و بسيط سنتوصل لحقيقية واحدة أن مجموعة من الكفار كانوا يثنون صدورهم ليستخفوا من الرسول أي ليتختبئوا منه فذكرهم الله أنهم عندما يقومون بذلك عن طريق إستغشائهم لثيابهم أي تغطية أنفسهم بثيابهم فإنه يعلم ما يسرون وما يعلنون فنستنج هنا أم معنى ثني الصدر هو إخفائه عن طريق تغطيته بالثياب
و يبقى السؤال المطروح هنا هل عندما يسعى الإنسان للإختباء و إخفاء هويته عن الآخرين هل يغطي رأسه أم صدره  ! و هل تغطيته لهذا الأخير ستمكنه من الإختباء عن الآخرين ؟ فلو وضعنا هذا النص بين أيدي أي باحث يتعامل مع لغة القرآن بشكل محايد سيؤكد  لنا أن المعنى القرآني للصدر هو رأس الإنسان و ليس العضو الذي يعلوا البطن و بالتالي فإن القلب هو الدماغ و ليس العضو المسؤول عن ضخ الدماء في الجسم سيقول البعض أن الرأس ذكر بوضوح في عدة آيات ؟ ولكن هل الرأس حسب لغة القرآن له نفس المفهوم الحالي ؟ فلنتدبر هذه الآية جيدا
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)  سورة المائدة
السؤال المطروح هنا هل الوجه غير الرأس ؟ أليس الوجه جزء من الرأس و بغسله نقوم بغسل الرأس في نفس الوقت ؟ فلماذا قامت الآية بالفصل بينهما كعضوين مختلفين و تخصيص أحدهما بالغسل و الثاني بالمسح ؟ أليس الأجدر هنا ذكر مسح الشعر عوض مسح الرأس فمسح الشعر هو التفسير الذي أعترف به و أجمع عليه حتى أصحاب المذاهب و يطبقونه يوميا في وضوءهم بإستثناء إذا كان مفهوم الرأس في القرآن هو بالفعل الشعر أو أعلى الرأس بالمفهوم الحالي و سنجد نفس الملاحظة هنا
قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)  سورة طه
لماذا ذكرت اللحية منفصلة عن الرأس أليست هذه الأخيرة جزء من الرأس ؟ بإستثناء إذا كان المقصود بها شعر هارون فيا ترى من المقصود هنا 
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)  سورة البقرة
هنا حلق الشعر أم الرأس بالمفهوم الحالي ؟ خصوصا أن الشعر غير مذكور بالمرة في القرآن 
فلو تخلينا عن مفاهيمنا الموروثة و لو للحظة و تدبرنا هذه النصوص كأننا أمام لغة مختلفة لخصلنا إلى حقيقة واحدة أن الصدر هو الرأس بالمفهوم الحالي و أن القلب هو الدماغ بالمفهوم الحالي و أن الرأس هو الشعر أو أعلى الرأس بالمفهوم الحالي و هنا تنقلب المعايير رأسا على عقب و تتحول الشبهة إلى إعجاز علمي خصوصا عندما يخبرنا القرآن أن القلوب هي من تعمى أو تبصر و ليس الأعين في حقيقة الأمر
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)  سورة الحج
حقيقة علمية لم تكتشف إلا مؤخرا بأن الدماغ هو  من يبصر و تبقى العين مجرد موصل للصورة فالبفعل فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

تعليقات

  1. حاججت نفسك بنفسك ياعبد الله ... فكل ماورد من الايات تدل عكس ماتقول وتدل على صحة مانعلمه من مفهوم الراس والقلب والصدر ...
    وما ارى الا انك تحاول ان تسخر ايات الله على العلم الحديث لتطابق مفاهيم عقلك .....
    ولكن الاجدر بك ان تضرب بعلوم الكون عرض الحائط اذا وصل الامر للقران ...
    فاننا لا نطايق القران بما نعلمه الان ... بل نطايق ما نعلمه الان بالقران فان لم يتتطايق مع القران رميناه وبحثنا من جديد..
    وفعلا ( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )..
    الله يهديك

    ردحذف
  2. أثبت ذلك بالحجة والدليل بذكر وجه الخطأ في قراءتي للنصوص
    أَلَا إِنَّهُمْ 👈يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ👉 لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ 👈يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ👉 يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5) سورة هود
    وليس بالادعاء والكلام الإنشائي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع...أصلا ما دليلك على أن القرآن كلام الله إن خالف العقل والمنطق وما تدركه الحواس حينها سيصير إيمانك مجرد إيمان عاطفي لا يختلف في شيء عن إيمان أتباع الأديان البشرية والذي يلزمك على سبيل المثال أن تؤمن بغورب الشمس بحجهما الحقيقي في عين حمئة حسب موروثك اللغوي
    حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ (86) سورة الكهف
    أم أنك هنا ستقبل بعرض الشيوخ لنص الآية على العلم ؟؟؟ فأمثالك لا يدافعون عن القرآن بل عن موروثهم الديني واللغوي في حقيقة الأمر

    ردحذف

إرسال تعليق