بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من أشهر التهم الباطلة التي ألصقت بالدين الإسلامي عدونا و ظلما من طرف أعدائه إدعاء أنه دين إرهاب و سفك دماء و لكن عندما نعود للتفاسير و السيرة و الأحاديث المنسوبة للرسول نجد أن المسؤول الأول على هذه الصورة السيئة التي نسبت للإسلام هو عدوه الأول المتجلي في مذهب السنة و الجماعة و إذا عرف السبب بطل العجب فعندما نعود لتاريخ الدول الإمبريالية التي وضعت أول لبنات و أسس هذا المذهب كالأمويين و العباسيين وحتى من يطلقون عليهم لقب الصحابة نجد أن نفس هذه التفاسير و الأحاديث الدموية قد صممت على مقاس أحداث و أفعال معينة لتبرير التوسعات الإستعمارية لهذه الدول و طبعا لاتزال هذه التهمة تقف حجر عثرة في وجه دين الله إلى يومنا هذا حيث يقوم أعداء الإسلام بإستغلالها على أحسن وجه معتمدين كما إعتمد أصحاب المذاهب من قبلهم على كثرة آيات القتل و الحروب في القرآن لإيهام الناس أن سلاح الرسول الأول لنشر الإسلام كان هو السيف كما تصور أحاديثهم المخزية
لكن الباحث عن الحقيقية التاريخية قبل الدينية من خلال النصوص نفسها سيكتشف أن الحقائق جاءت معكوسة كليا و أن كثرة الحروب في عهد الرسول تعود بالإساس لإعتداء و حرب الكفار المتواصلة على المسلمين و ليس العكس
فأبرز ما يلاحظ على الذين يستشهدون بآيات القتال للإثبات عدوانية الإسلام هو إقتطاعهم لبعض الآيات أو لأجزاء منها من سياقها و تفسيرها بأسوء طريقة ممكنة فمثلا عندما تذكر هذه الآية
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة
يقومون بتفسير القتال على أنه فريضة لنشر الإسلام لكن عندما نطلع على الآية الموالية نجد أن العكس هو الصحيح و أن القتال قد فرض عليهم للدفاع عن أنفسهم و على دينهم من الزوال و أن جل فترة البعثة المحمدية لم يكف الكفار عن قتالهم و محاربتهم للمؤمنين لإخراجهم من دينهم
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) سورة البقرة
فليس الرسول محمد من حاول نشر دينه بالسيف بل الكفار من سعوا لإرجاع المسلمين لأديانهم السابقة بالسيف و هو ما سيتبين بشكل واضح في الآية التالية و التي تبين بالملموس سبب قتال المسلمين للكفار الذين طردوهم و شردوهم لا لسبب سوى لدينهم و معتقدهم الجديد
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) سورة الحج
و لنفس السبب كتب الله على بني إسرائيل القتال سابقا
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) سورة البقرة
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) سورة البقرة
و لو عدنا لجميع السور و الآيات مع مراعاة السياق سنجد أن جميع حروب الرسول كانت دفاعية و عادلة حيث كانت القاعدة الأساسية هي عدم الإعتداء على غير الظالمين
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) سورة البقرة
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) سورة الأنفال
فهل يوجد عدل و عفو أكثر من هذا فالمسلم مأمور بالكف عن القتال و الصفح عن الآخر مباشرة بعد توقف هذا الأخير عن العدوان و قد كان هذا هو منطق القرآن العام
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126) سورة النحل
فالهدف الوحيد من القتال هو كف بأس و أذى الكفار للمؤمنين و حماية دين الله و إنه لمن المضحك و المخزي في نفس الوقت الطريقة التي حرف وشوه بها أصحاب المذاهب مفهوم هذه الآيات عندما إدعوا أن المقصود بقول حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله هو وجوب قتال الكفار حتى يعتنقوا دين الإسلام و تكون جميع أمم الأرض على دين لله أما بالنسبة لعبارة فإن إنتهوا فقد قاموا بتفسيرها بالإنتهاء عن الكفر و ليس العدوان
تفسير بن كثير
{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} يعني لا يكون شرك وهو قول مجاهد والحسن وقتادة والسدي ومقاتل وزيد بن أسلم . وقال عروة بن الزبير: { حتى لا تكون فتنة} حتى لا يفتن مسلم عن دينه، وقوله: { ويكون الدين كله لله} ، قال الضحاك عن ابن عباس: يخلص التوحيد للّه؛ وقال الحسن وقتادة: أن يقال لا إله إلا اللّه، أن يكون التوحيد خالصاً للّه فليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد، وقال عبد الرحمن بن أسلم: { ويكون الدين كله لله} لا يكون مع دينكم كفر، ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللّه عزَّ وجلَّ) وقوله: { فإن انتهوا} عما هم فيه من الكفر فكفوا عنه، وإن لم تعلموا بواطنهم
تفسير الجلالين
وقاتلوهم حتى لا تكون } توجد { فتنةٌ } شرك { ويكون الدِّين كله لله } وحده ولا يعبد غيره { فإن انتهوا } عن الكفر { فإن الله بما يعملون بصير } فيجازيهم به .
مع أن سياق الآيات كان واضحا و صريحا و يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإنتهاء خاص بالعدوان و ليس بالعقيدة و الكفر أما بالنسبة لقوله تعالى حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله تعني حتى يبقى الإسلام خالص لله لوحده و لا يتم القضاء عليه و إرجاع أتباعه للفتنة و عبادة الشركاء لأن هذا كان هو هدف عدوان و حرب المشركين على المسلمين من الأساس بإرجاعهم لدينهم السابق
و الحقيقة أن هدف حروب الرسول محمد كان مقتصر على كف بأس و عدوان الكفار لا غير
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) سورة النساء
و للأسف يحاول أعداء الإسلام التركيز على بعض الكلمات دون مراعاة ليس سياق الآيات فحسب بل حتى سياق الآية المعنية بالأمر حيث يكتفون بعرض جزء منها كذكر أمر القرآن بتحريض المؤمنين على القتال لتصويره على أنه حث دائم على الحرب و الإعتداء على الآخرين و كذلك إستشهادهم بمصطلح الإرهاب المشهور الذي أصبح ملازما للإسلام خصوصا في عصرنا الحالي الذي عندما نطلع على السياق الذي ذكر فيه كاملا
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) سورة الأنفال
نجد أن مفهوم الإرهاب الحقيقي في القرآن هو إظهار القدرات العسكرية للعدو لتخويفه و دفعه لعدم العدوان و محاربة المؤمنين و ليس معناه تفجير الأبرياء كما يقوم مجرمي السنة في عصرنا الحالي خصوصا عندما نجد في الآية الموالية أن الهدف الأساسي من هذا الإرهاب هو إنهاء الحرب و دفع العدو إلى طلب السلم حيث أمر الله تعالى رسوله في هذه الحالة أن يجنح للسلم معهم
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) سورة الأنفال
أما بالنسبة لتحريض المؤمنين على القتال فيكون في حالة واحدة فقط عند خيانة الكفار للرسول بعد معاهدته لهم كما سيتبين في الآيات الموالية
وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) سورة الأنفال
فعندما نتدبر السياق كاملا نجد أن كل الآيات التي تستعمل لتصوير الإسلام على أنه دين قتل و رعب ما هي في الحقيقة سوى حالات للدفاع عن النفس و عن العقيدة ضد عدو كان دائم الغدر و الخداع و نقد المواثيق و العهود
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) سورة الأنفال
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) سورة الأنفال
و دائما مع سياق سورة الأنفال
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) سورة الأنفال
حيث حرم الله على المؤمنين حماية كل مؤمن تعرض للإضطهاد الديني إن كان هذا الأخير ينتمي لقوم يربطهم ميثاق مع المؤمنين ميثاق و هذا يبين مدى حرص القرآن على إحترام المعاهدات و عدم نقض العهود نفس الشيء بالنسبة للأقوام التي إستشعر المؤمنون خيانتها
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) سورة الأنفال
فيجب من منطلق أخلاقي إخبارهم بإنهاء عهد السلام معهم قبل قتالهم ثم يأتي البعض ليتبجح و يصف الإسلام بدين قطاع الطرق ؟ و سنجد حثا على نفس المبدأ في عدة مواضع أخرى
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) سورة الأنفال
فيجب من منطلق أخلاقي إخبارهم بإنهاء عهد السلام معهم قبل قتالهم ثم يأتي البعض ليتبجح و يصف الإسلام بدين قطاع الطرق ؟ و سنجد حثا على نفس المبدأ في عدة مواضع أخرى
فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91) سورة النساء
هنا أيضا يتبين ماذا حرص القرآن على عدم قتال الكفار و المنافقين الذين الذين لم يسعوا لقتال المسلمين بل سنجد تحذير في الآيات الموالية من قتال من لم يرفع سيفه ضد الإسلام من غير المسلمين بسبب معتقدها الديني و هذه الاية بالذات تعد ضربة قاضية لفكرة نشر الإسلام بالسيف و نهب خيرات الدول بإسم العقيدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) سورة النساء
حيث توعد الله في كتابه قاتلهم عمدا بالخلود في نار جنهم
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) سورة النساء
وألزمت أداء الكفارة في حالة قتلهم خطأ
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) سورة النساء
وكما يلاحظ فقد وصف القرآن كل شخص مسالم بغض النظر عن عقيدته بالمؤمن و لتأكد من ذلك يمكن الإطلاع على هذا الموضوع
هل قام القرآن بالتمييز بين المسلم و الغير مسلم في القصاص ؟
نفس المبدأ تكرر في العديد من الآيات و السور المختلفة
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) سورة النساء
وألزمت أداء الكفارة في حالة قتلهم خطأ
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) سورة النساء
وكما يلاحظ فقد وصف القرآن كل شخص مسالم بغض النظر عن عقيدته بالمؤمن و لتأكد من ذلك يمكن الإطلاع على هذا الموضوع
هل قام القرآن بالتمييز بين المسلم و الغير مسلم في القصاص ؟
نفس المبدأ تكرر في العديد من الآيات و السور المختلفة
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) سورة الممتحنة
و إنه لمن الغريب و من الجهل و عدم الإنصاف ما يدعيه بعض أعداء الإسلام ان الخطاب القرآني تحول من خطاب سلمي يبيح لغير المسلم حرية العقيدة أثناء مرحلة الضعف المكية و تغيره إلى سور كلها قتال و إكراه في الدين بعد الهجرة و الإستقرار بالمدينة
المشكلة أن كل السور و الآيات التي إستشهدت بها لحد الساعة تعتبر مدنية على حسب تصنيفهم لمراحل الوحي و التي لم يتغير فيها منطق القرآن الدفاعي لأنه بكل بساطة لا وجود لا لمرحلة مكية ولا مدنية و لتفاصيل أكثر يمكن الإطلاع على موضوع
هل هناك إختلاف بين القرآن المكي و المدني ؟
هل هناك إختلاف بين القرآن المكي و المدني ؟
و الدليل على أن نفس منطق حرية العقيدة بقي كما هو و لم يتغير حتى بعد ما يسمونه بالمرحلة الهجرية هذه الآية التي جاءت في سورة البقرة المدنية حسب تصنيف أصحاب المذاهب للسور
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) سورة البقرة
فمرحلة الهجرة أو بالأحرى مرحلة طرد الرسول و المسلمين من ديارهم و أوطانهم
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) سورة محمد
كانت هي بداية الإضطهاد و محاربة الكفار للإسلام و المسلمين و لم تكن أبدا مرحلة قوة حيث كان الكفار دائما أكثر عددا من المسلمين أثناء الحروب
الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) سورة الأنفال
أما مرحلة القوة الحقيقية للمسلمين في عهد الرسول فكانت بعد فتح بكة
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) سورة الفتح
فقبل الفتح حتى المسلمين أنفسهم كان فريق منهم يتجنب القتال نظرا لتفوق العدو
وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) سورة الحديد
و هنا نصل إلى أكثر سورة يستشهد بها أعداء الإسلام سواء الداخليين ممن يسخرون الآيات لأهوائهم الدنياوية أو الخارجيين الذين يستغلون تفاسير أصحاب المذاهب و تصنيفهم للسور للنيل من الإسلام و هذه السورة بطبيعة الحالة هي سورة براءة أو التوبة كما أطلق عليها البعض الأخر و قد تعمدوا تصنيفها على أنها أخر ما أنزل من القرآن
لإيهام الناس أنها ناسخة لكل ما قبلها من السور و بالتالي إلغاء كل ما جاء من سلم و حرية عقيدة في بقية سور القرآن لكن الله تعالى أبى إلى أن يفضح هذه الكذبة و يبين لهم أن سورة المائدة هي أخر ما أنزل من القرآن حين أعلن من خلالها أنه أكمل للمسلمين دينهم
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) سورة المائدة
و هم يعلمون ذلك جيدا حيث جعلوا سورة المائدة في الترتيب ما قبل الأخير حسب النزول حتى تكون الخاتمة لسورة التوبة و حتى لا يعارض ما جاء في سورة المائدة من أحكام تنافي الأفكار العدوانية التي نسبوها لسورة التوبة أحكامهم النهائية و لا أدري كيف يقول الله للناس اليوم أكملت لكم دينكم ثم ينزل بعد ذلك مباشرة سورة تلغي السواد الأعظم من هذا الدين الذي أعلن إكتماله ؟
أول ما يلفت الإنتباه في خاتمة السور هو إعلانها يئس الكفار من دين المسلمين أو بالأحرى يأسهم من القضاء عليه مما يؤكد ما أسلفت الذكر حول سبب الحروب التي لازمت المسلمين في جل فترة البعثة المحمدية و المفاجئة أننا كلما تتبعنا سياق الآيات كلما إكتشفنا أن أخر الوحي لم يتغير عن أوله في شيء من حيث منطق العدل و تحريم العدوان و الإعتداء على الغير و العفو عن الظالمين في حالة توبتهم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) سورة المائدة
و هذه آيات أخرى تأكد بالملموس إحترام القرآن حتى أخر سوره لمبدأ حرية العقيدة
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) سورة المائدة
فكما ترون لا وجود لأي إكراه في الدين و لا حد ردة و لا على عدوان على الكافرين
بالنسبة لسورة التوبة فقد قمت بتخصيص موضوع خاص بها حتى يتسنى التطرق لجل آياتها بالتفصيل
كيف غيرت سورة التوبة مجرى تاريخ الإسلام
حيث يتبين بوضوح من خلال آياتها الأولى فقط أن الخطاب كان موجه لطوائف من المشركين كانت لهم عهود مع المؤمنين
بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) سورة التوبة
حيث لم يتبرأ الله تعالى من عموم المشركين فيقول براءة من الله و رسوله إلى المشركين بل إلى الذين عاهدتهم من المشركين
و الدليل على أن أمر قتل المشركين بعد إنسلاخ الأشهر الحرم لم يكن عاما هو إستثناء المشركين الذين إستقاموا للمؤمنين و لم يظاهروا عليهم و ينقصوهم من عهدهم شيئا
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) سورة التوبة
و قد بينت الآية بوضوح أن سبب قتال المشركين هم نكثهم لعدهم حيث ستوضح الآيات الموالية غدرهم بالمؤمنين و محاولة إخراجهم للرسول
أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) سورة التوبة
و طبعا عندما يتم إقتطاع أجزاء من هذه الآيات و عدم مراعاة السياق و لغة و طريقة خطاب القرآن فإنها توحي بإكراه المشركين المطلق على الإسلام في كل زمان و مكان لكنها في الحقيقية تخص طائفة منهم فقط نقضت عهدها و غدرت بالمؤمنين و لن نجد آية واحدة تطالب بقتال الكفار حتى يؤمنوا فهدف قتال الكفار الدائم في القرآن كله بما فيه سورة التوبة هو إجبار الكفار عن وقف العدوان
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) سورة التوبة
و من الآيات التي يستشهد بها أصحاب المذاهب أيضا لإثبات أن سورة التوبة فرضت الإكراه في الدين
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) سورة التوبة
لكن في الحقيقة هذا الأمر الإلهي ذكر قبل سورة التوبة حسب سيرتهم المعتمدة
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) سورة التحريم
وكلنا نعلم أن سورة التحريم قد نزلت حسب نفس السيرة قبل سورة المائدة التي تدعوا لحرية العقيدة كما سبقت الإشارة فحجتهم و أكذوبتهم ساقطة من الأساس
و هل الجهاد محصور أصلا في القتال ؟ بطبيعة الحال لا فأساس جهاد الكفار و المنافقين هو القرآن
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) سورة الفرقان
و ما فيه من آيات تفضحهم و تفضح معتقداتهم الكاذبة
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) سورة المائدة
يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) سورة التوبة
و المفاجئة أننا سنجد في سورة التوبة نفسها الدليل على إحترام الإسلام لحرية عقيدة الأخرين مثل بقية السور و هذا مثال
وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) سورة التوبة
فهل نص القرآن هنا بتنفيذ حد الردة في حقهم بل على العكس جاء التأكيد على أنهم سيبقون على قيد الحياة يفتنون بأموالهم و أولادهم حتى تزهق أنفسهم و هم كافرين كل ما طلبه الله تعالى من رسوله الكريم هو عدم قبول صدقاتهم و أموالهم
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) سورة التوبة
هنا أيضا لا وجود لحد ردة فقط طلب من الرسول بعدم قبول شراكتهم في الحروب و عدم الصلاة على أحد منهم عند موته
فالإكراه في الدين مجرد أسطورة صنعتها المذاهب خصوصا مذهب السنة و الجماعة لتبرير أفعالهم و فكرهم الإستعماري الإجرامي الذي قاموا بتعزيزه بأحاديث كاذبة نسبت للرسول محمد بهتنا و زورا مثل
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
هذه هي حقيقية القتال و آيات السيف في القرآن لمن أراد الحقيقة
تعليقات
إرسال تعليق