تبيان الكتاب أم تحريف الكتاب ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


عندما تطال أيدي شياطين الإنس دين الله للإفتراء على الناس بإسمه فسينتج عن ذلك حتما ظهورعدة تناقضات لإستحالة توافق الشيء مع نقيضه و يبقى وصف أصحاب المذاهب للقرآن بالنقص و عدم البيان  من أبرز المفارقات الدينية على الإطلاق بغض النظر عن خطورة هذا الإتهام الذي لا يصدر إلا من كاره لكتاب الله
و تتجلى غرابة هذا الإدعاء بالأخص عند الإطلاع على مختلف آيات الكتاب التي تؤكد بما لا يدع مجال للشك بيان القرآن الكريم للعالمين
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)  سورة يوسف
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1)  سورة الحجر
 و عندما تحاصرهم بمثل هذه النصوص الصريحة لا يجدون حينها من سبيل سوى الإعتراف ببيان القرآن لكنهم في تناقضهم و تخبطهم يدعون في نفس الوقت أن القرآن كتاب مجمل و يحتاج لمن يبينه و حجتهم في ذلك قوله تعالى
 بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)  سورة النحل
مع أن الآية لم تذكر قط تبيان الرسول للذكر بل تبيانه بالذكر أي بالقرآن  
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)  سورة ص
ما نزل على الناس من بينات من خلال إيصالها و إظهارها للناس و عدم إخفائها و كتمانها عنهم لسبب من الأسباب
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12)  سورة هود
 كما فعل السابقون
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)  سورة آل عمران
فالمطالبون بالبيان هم الذين أوتوا الكتاب و البيان يكون بالكتاب و لا شيء غير الكتاب و المفاجئة أننا سنجد في النصوص الموالية من نفس السورة 
تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)  سورة النحل
أن تبيان الرسول لما أنزل على الناس ما هو في حقيقية الأمر سوى تبيان بالقرآن لما أنزل على الذين أتوا الكتاب في الماضي
 بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)  سورة النحل
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ (4)  سورة آل عمران
و تم إخفائه عن الناس
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)  سورة المائدة
فالتبيان يكون بالكتاب المبين بطبيعة الحال الذي وصف في تتمة نفس السورة بأنه تبيان لكل شيء
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)  سورة النحل
حقيقية صادمة لأصحاب المذاهب لم تترك لهم من سبيل سوى المضي قدما في تخبطهم و بعدهم عن المنطق و الموضوعية و هذه المرة بإدعاء أن من بيان القرآن دعوته للبحث عن البيان في غيره ! مستشهدين على ذلك بمجموعة من الأوصاف القرآنية كالحكمة و طاعة الرسول و قول الرسول ألخ التي قاموا بتحريف معانيها في محاولة لنسبها و حصرها في ما قاموا بإختراعه و نسبه للرسول من أحكام بشرية
و في الحقيقية لم يزد إدعاءهم هذا الطين إلا بلة و لم يظهر سوى تكذيبهم المستمر لصريح القرآن الذي يؤكد هنا أيضا تبيان آياته المباركات
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)  سورة الحج
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)  سورة الحديد 
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)  سورة النور
و أن بيانها يتجلى بمجرد تلاوتها
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)  سورة الجاثية
و تصريفها 
وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)  سورة الأنعام
فكيف يبتغون البيان في غيرها ؟ 
و تبقى حجتهم الأخيرة أو بالأحرى إفتراءهم الأخير دعوى بيان آيات القرآن بالمجمل و حاجتها للتفصيل الدقيق كأن عالم الغيوب سيترك لهم مجال للإفتراء على كتابه العظيم و لا يخبر عباده المؤمنين بتفصيله للقرآن 
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)  سورة الأعراف
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)  سورة الأنعام
الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)  سورة هود
حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)  سورة فصلت
 بل تفصيله لكل شيء
 لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)  سورة يوسف
و من أهم تفاصيل القرآن إخباره أن الله تعالى هو من يفصل و يبين الآيات
 كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)  سورة البقرة
وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)  سورة النور
سْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)  سورة البقرة
و ليس الرسول الذي لن نجد آية واحدة تخبر بتفصيله و تبيانه للآيات 
و حتى لو سايرناهم في تفسيرهم الكاذب هذا و إدعائهم أن ما قاموا بنسبه للرسول يبين تفاصيل ما جاء في الكتاب من عبادات و أحكام فدورها لا يجب أن يتعدى هذا التفصيل المزعوم لكن على أرض الواقع تبقى هذه مجرد كذبة يضحكون بها على عقول السواد الأعظم من الناس الذين لا يدرسون كتاب ربهم و حتى القلة القليلة التي تدرسه تدرسه بعيونهم و بالطريقة التي تمت برمجتهم عليها و إلا لعلموا أن بيانهم المزعوم تجاوز و تعدى منذ مدة طويلة دور تبيان القرآن و شرع في نسخ أحكامه و تبديل شرائعه بشرائع جديدة لا تمت بصلة لكتاب الله كقتل المرتد  و رجم الزاني و رضاعة الكبير ألخ من الفواحش و الجرائم المنسوبة لدين الرحمة و التي قامت بتحويله لدين إرهاب و إجرام و فاحشة و لو دققنا جيدا سنجد أن هذه الأحكام غيرت جميع الشرائع القرآنية تقريبا بدعوى التفصيل و إخترعت أديان و شرائع جديدة لم ينزل بها الله من سلطان و كلف ذلك بطبيعة الحال  إخفاء مفاهيم الأيات القرانية الحقيقة عن المسلمين
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)  سورة البقرة
نعم يستحقون جميع أنواع اللعنة كيف لا و قد أخفوا بتعمد بين القرآن و صاروا على درب المجرمين من قبلهم و لا يزالون يتسترون على جرائم أسلافهم و يحاربون بشتى الطرق من يسعى لتبيان صريح القرآن نعم فالآيات لا تزال محفوظة لفظا و هذا من رحمة الله لكن المعاني تم إخفائها عن الناس و طمسها و لبسها بتفاسير و أحاديث كاذبة فإستفيقوا يا مسلمين و ارجعوا لقرآنكم و ألقوا كتب الكفر إلى مزبلة التاريخ لكي لا ينطبق عليكم قوله تعالى
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) سورة آل عمران 


تعليقات