المذاهب ليست من الإسلام في شيء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



يعتقد أغلب الناس أن ما يسمى بالمذاهب الإسلامية سواء العقائدية منها أو الفقهية تعد جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي دون أن يدركوا مدى بعد هذه الفكرة و مخالفتها لواقع الأشياء حقيقة لن تخفى على كل من درس نصوص القرآن حق الدراسة بعيدا عن العاطفة و ما نسب للرسول من أقوال كاذبة
و لعل أول سؤال يتبادر إلى الدهن هو ما إسم المذهب الذي كان ينتمي إليه النبي محمد و أتباعه الأولين ؟ القرآن يخبرنا أنهم كانوا مسلمين حنفاء على نفس ملة أبيهم إبراهيم 
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)  سورة النساء
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)  سورة النحل
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)  سورة الأنعام
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)  سورة الحج
أو ليس من الغريب أن نجد في نصوص القرآن كل هذه الدعوة و الحث على إتباع ملة إبراهيم مقابل تجاهل كلي لسنة مبلغ القرآن المزعومة أو لإتباع أهل بيته المقدسين عند البعض ؟  لكن أصحاب المذاهب كان لهم رأي آخر بزعمهم أن النبي محمد كان سنيا ليس بالتسمية بل في الجوهر و العقيدة حين جعلوا منه الأب الروحي و المؤسس الحقيقي لمذهبهم
موطأ مالك
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ
سنن أبي داوود
فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ
نفس الشيء بالنسبة للشيعة الذين يرون في توصية النبي بإتباع علي من بعده دليل قوي على دعوته لإتباع ما يسمى بأهل البيت المتمثلين في أئمة الشيعة الإثنا عشر 
لكن الحقيقة التي لن يختلف عليها إثنان أن نشأة جميع المذاهب كانت بعد وفاة الرسول محمد و أتباعه المقربين بمدة طويلة و أنها كانت وليدة صراع سياسي في بادئ الأمر قبل أن يتطور مع مرور الزمن ليشمل الجانب العقائدي و يبقى السؤال المطروح هل كانت هذه المذاهب لترى النور لولا صراع بني أمية مع بني علي بن أبي طالب ؟ فإذا كانت عقائد السنة و الشيعة جزء لا يتجزأ من دين الله لماذا لم يتم تجسيد هذه الحقيقة على أرض الواقع في زمن المؤمنين الأوائل من خلال تدوين كتب واضحة الملامح بنفس حجية القرآن يستحيل معارضتها و الحياد عنها لاحقا ؟ 
و هنا تمكن أهمية قصص القرآن التي تعطينا أدق تفاصيل من سبقنا من الأمم
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)  سورة النور
و التي نلمس فيها إعادة التاريخ لنفسه مع أتباع رسالة القرآن فعندما نطلع على مثل هذه الآيات
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)  سورة الروم
تستشعر أنها تخاطب المذاهب المنتسبة  للإسلام و التي لا يزال أتباعها إلى يومنا هذا يفرحون بما لديهم و يكفرون غيرهم بدون وجه حق
طبعا قد يتهم منكري المذاهب بنفس الإتهام لكننا على خلاف البقية لم نفرق ديننا زبرا 
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)  سورة المؤمنون
بل ندعو للتمسك بكتاب الله وحده و نبذ ما دونه 
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)  سورة آل عمران
 وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)  سورة آل عمران
فالمذاهب المنتسبة لرسالة محمد لا تختلف في شيء عن من سبقها في الكفر و الكذب على الله و رسله  و تبقى مجرد وسيلة شيطانية للتلاعب بكلام الله و تحريف دينه الله الأوحد و سنجدها تكرر نفس أقوال سابقيها في محاولة لنسب الأنبياء لمملهم المختلقة
 مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)  سورة آل عمران
رغم أن هذه الملل نشأة قرون طويلة بعد بعثة هؤلاء الأنبياء
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)  سورة آل عمران
و نحن بدورنا نقول لهم ما كان محمد سنيا و لا شيعيا و لا صوفيا بل كان حنيفا مسلما مثلما نذكرهم أن كتبهم لم تظهر إلا بعد وفاة الرسول محمد بقرون أفلا يعقلون ؟
و من بين أقوالهم المشابهة لأسلافهم الضالين قولهم كونوا سنة أو شيعة تهتدوا
وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)  سورة البقرة
و نحن بدورنا نرد عليها بنفس قول الله تعالى بل ملة إبراهيم حنيفا و ما كان من المشركين الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون 
فهناك دين واحد هو الإسلام للرب العالمين المتمثل في الإلتزام بحكمه الذي أنزله في كتبه السماوية و كل من لم يحكم بهذا الحكم فقد كفر بالله و رسله
  وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)  سورة المائدة
  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)  سورة المائدة
و كل من سعى لإشراك حكمه أو حكم غيره مع حكم الله فقد أشرك برب العالمين 
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)  سورة الكهف
و بالتالي فقد خرج من دين الإسلام التي تم بيان تعريفه الحقيقي في موضوع
فمحاولة نسب هذه المذاهب للإسلام لن يغير من حقيقة إرتداد أصحابها عن دين الله و إتباعهم لأديان أخرى منذ لحظة شروعهم في الكذب على الله و رسوله و الحكم بما لم ينزل به من سلطان و التخلي عن أحكامه و شرائعه
فعندما ينتقد البعض الإسلام بوصفه بدين الظلم و الإجرام و التخلف ألخ فإنهم لا ينتقدون الإسلام في حقيقة الأمر بل ينتقدون نقيضه من دين الشيطان حقيقة مؤسفة تظهر لنا كيف نجحت هذه المذاهب في طمس دين الله الحقيقي و منع ظهوره للعالم لكن مهما طال الزمن لا بد للحق أن ينتصر و لا بد للحقيقية أن تظهر و  سيظل كتاب الله تعالى شاهدا عليهم إلى يوم يبعثون

تعليقات