مكانة الرسول محمد بين واقع القرآن و مغلاة أصحاب المذاهب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


لا يختلف إثنان على المكانة العظيمة التي إختصها بها رب الله العالمين أنبياءه المصطفين مكانة يقدرها كل مسلم صادق ملتزم بدين ربه و كتابه الخاتم لكن شأنها شأن جل الحقائق الدينية عندما تطالها أيدي شياطين الإنس فسرعان ما تصبح وسيلة للإفتراء و تلبية رغبات البعض بإسم الله و رسله 
و قد سعى المشركون من عبدة إله الهوى 
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)  سورة الفرقان
على مر العصور على التفضيل بين الرسول و تسخير رسالتهم لخدمة أهوائهم و مصالحهم الشخصية ضاربين بعرض الحائط أبسط أسس هذه الرسالات و أتباع المذاهب المنتسبة للرسالة الخاتمة لا يختلفون في شيء و بالأخص مذهب السنة و الجماعة و الذي حتى دون الحاجة إلى الدخول في  تفاصيل شرائعه و بمجرد الإطلاع على تسميته تتجلى بوضوح أول مظاهره الشركية بوصفه لما تم نسبه للرسول محمد من أحكام بسنة الرسول عوض سنة الله و بالتالي تصنيفها كمنهج خاص و مستقل عن منهج الله أو موازي له على حد تعبيرهم لأننا حتى لو سايرناهم في إدعائهم أن كل أفعال و أقوال الرسول وحي من عند الله كما يزعمون فهذا النهج يبقى كذلك وحي إلهي و الرسول سواء كمعلم للقرآن أو لبقية الوحي في شكل أفعال و أقوال فيبقى في الأخير مجرد مبلغ للوحي بشتى تجلياته و لا يمكن نسب أي نوع من التشريع للرسول من دون الله تعالى
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)  سورة النور
فحتى الآيات التي يحاولون من خلالها إقناعنا بأن طاعة الرسول هي السنة تؤكد أن هذا الأخير مجرد مبلغ و ليس مشرع مثلما تؤكد عدة آيات أخرى على وجود  سنة وحيدة لا غير هي سنة الله و إدعاء وجود سنة أخرى موازية لها يعد شرك عظيم
مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)  سورة الأحزاب
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)  سورة الأحزاب
اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)  سورة فاطر
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)  سورة النساء
إذا كانت لله سنة واحدة ثابتة مع جميع أنبياءه لم تتغير مع مرور الزمن فمن أين خرجت لنا سنة محمد التي من مفهوم التسمية جعلوها مقتصرة عليه و على حقبته الزمنية و بالتالي تم فصلها عن سنة الله مع سابق الأنبياء أليس هذا إدعاء وقح يزعم أن الرسول يسن مثل ربه عكس باقي الرسل ؟
لكن الحقيقة أن الرسول محمد كان بالنسبة إليهم مجرد وسيلة و ذريعة لتمرير شرائعهم الشخصية و فرضها على البشر و تخويفهم من عصيانها بالخلود في نار جهنم كما توعدت نصوص القرآن كل من تجرأ على عصيان الرسول 
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)  سورة النساء
حيث شرعوا بإسمه شريعة توازي شريعة الله ظاهريا أما على أرض الواقع فشريعتهم ألغت شريعة الله و جعلت من القرآن مجرد متفرج وظيفته الوحيدة الشعوذة و إخراج الشياطين و تعويضه بما يسمى بتبيان الرسول للكتاب و الذي يعد في حقيقة الأمر تحريف للكتاب و تغيير لحكم لله  كما سبقت الإشارة في موضوع
تبيان الكتاب أم تحريف الكتاب ؟
و قد تم تحذير الرسول من محاولتهم تغير حكم الله في عصره فما بالك بعد موته ؟
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)  سورة المائدة
فالرسول محمد حكم بحكم الله الذي أنزله عليه في نصوص القرآن و ليس بحكمه الخاص و لا بحكم الجاهلية حكم الفواحش الذي نجده متجليا بوضوح في العديد من الأحاديث المنسوبة إلى الرسول بهتانا و زورا و لطالما حاولوا أن يدفعوه إلى تغير كلام الله  في عصره فلنتصور ماذا حدث بعد موته
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)  سورة الإسراء
وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)  سورة الأعراف
و قد كان رد الرحمن حاسما في الأمر عندما أخبر الناس في كتابه أن لا فتوى و لا تشريع غير فتواه و تشريعه و لو تعلق الأمر بالرسول نفسه 
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)  سورة النساء
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)  سورة النساء
فلا فتوى و لا تشريع للرسول فما بمن أعطوا لأنفسهم حق الإفتاء من شيوخ الضلال و الكفر و الشرك فلا أدري كيف يعطون لأنفسهم هذا الحق ثم يدعون الإيمان بكتاب يقول بالحرف
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)  سورة الكهف
فهذا هو الشرك بعينه و يتجلى ذلك بوضوح في مختلف حجج و أقوال السنيين الشبيهة بأقوال مشركي الأمس فعندما تطالبهم بالعودة إلى كتاب الله و جعله الحكم الوحيد بيننا و نبذ كتبهم يؤكدون أنهم لا يعودون لهذه الكتب و أقوال أئمتهم إلا للتقرب من الله و فهم نصوص القرآن أكثر
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)  سورة الزمر
و عندما تحاورهم من القرآن مباشرة و تبين لهم بالدليل بطلان شرائعهم تحس بالنرفزة في وجوههم  و يطالبون بالعودة إلى تفاسير أصنامهم البشرية و لا تعود إليهم الإبتسامة و السرور و الطمأنينة إلا بسماعها و الإقتناع بها كحقيقة مطلقة
وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (4)  سورة الزمر
 نأتي الآن إلى أسوء إدعاءاتهم على الإطلاق و أكثرها شركا بالله بزعمهم أن الرسول محمد كان شخصا معصوم من الخطأ و كله وحي ! نعم هذا هو الوصف الذي يزعمون أن كل أقواله و أفعاله و حركاته وحي إلهي عن طريق روح القدس جبريل
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)  سورة النجم
قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)  سورة النحل
أليس هذا نفس التجسد الإلهي الذي يزعمه المسيحيون مع عيسى بن مريم الجسد البشري الذي تجلت فيه روح القدس و مشيئة الله و كانت كل أفعاله و أقواله تجسيد للأب الإله ؟ فصراحة لا أجد أي إختلاف في الفكرة فمحمد لم يعد هنا بشرا مستقلا بذاته يصلح و يخطئ بل مجرد أداة بشرية كل تصرفتها تعبر عن وحي و مشيئة الله عن طريقة روح القدس و هنا تحول من مجرد رسول بشري إلى شبه إله يعبد و يتقبل دعوات الناس في قبره و يخرجهم من النار يوم القيامة  عن طريق الشفاعة ألخ و بطبيعة الحال القرآن ينفي ذلك تماما
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)  سورة الكهف
و الملفت هنا أن الآية ربطت بشكل واضح بين بشرية الرسول محمد و وجوب عدم الشرك بالله
قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)  سورة الأحقاق
وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)  سورة آل عمران
 فإن كان بالفعل هذا الإدعاء الصحيح فكبف سيهدي الله من الضلالة شخص معصوم
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)  سورة الضحى
و لماذا سيأمر شخص معصوم من الخطأ بترك الرجز
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)  سورة المدثر
و لماذا سيأمر شخصا معصوم بالإستغفار لذنوبه 
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)  سورة غافر
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)  سورة محمد
طبعا هذا السؤال موجه للمتشددين الذين يؤمنون بألوهية محمد المطلقة منذ نعومة أظافره أما الذين وجدوا حلا ترقيعيا بإدعاء عصمة الرسول بعد البعثة فهم مطالبون بإيجاد تفسير منطقي لمغفرة الله لما تأخر من ذنب محمد
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)  سورة الفتح
فالقرآن لم يبين عدم عصمة محمد كشخص فحسب بل فصل بشكل واضح و صريح بين محمد الشخص المخطئ أو محمد النبي الغير حامل لرسالة الرحمن و محمد الرسول حامل الرسالة الذي يستلزم الطاعة فمحمد الشخص مجرد بشر مثلنا قد يرتكب أخطاء لا يرتكبها العديد من الناس
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)   سورة عبس
 تمييز واضح و إتباع للمظاهر و تفضيل للغني على الأعمى الضعيف ! لو قام بهذا الفعل أي شخص في زمننا الحالي لترسخت لدينا صورة جد سيئة عليه و مع ذلك جعلها الله سورة في كتابه لتبقى عبرة و شاهد على ضعف الإنسان حتى و إن كان المثل الأعلى في الأخلاق لأمة بأكملها طبعا يجب هنا الأخذ بعين الإعتبار المجتمع و الثقافة التي نشأ فيها محمد و عدم قياسها على عصرنا الحالي و تبقى العبرة المستخلصة هي عدم عصمة محمد كشخص
و نبقى دائما في سياق أخطاء النبي محمد في القرآن  حين حرم على نفسه ما أحل له الله إبتغاء مرضات أزواجه
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)  سورة التحريم
و لعل أبرز ملاحظة في الآية أن الله تعالى نزع عنه صفة الرسول و إكتفى بوصفه بالنبي كونه لم يبلغ رسالة ربه حينها بل شرع من تلقاء نفسه و ليس صدفة أن الأمر الوحيد الذي وجه لشخص الرسول في نصوص القرآن كله هو تبليغ رسالة ربه المتمثلة في القرآن بطبيعة الحال
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)  سورة المائدة
 فحتى لو إفترضنا وجود سنة نبوية تشريعية خاصة بالنبي فهي غير ملزمة للمؤمنين أولا كون الآية السابقة أثبتت عدم عصمة تشريعات النبي خارج الرسالة المتمثلة في القرآن و ثانيا لعدم وجود أي أمر في القرآن كله بطاعة محمد النبي بمعنى إتباع شرائعه خارج الرسالة فكل أوامر الطاعة في القرآن محصورة في شخص الرسول فقط
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)  سورة النور
فالرسول مجرد حامل لرسالة ربه و ليس مشرع و من طاعة هذه الرسالة إتباع ما أنزل من كتاب و عدم إتباع أولياء يشرعون ما لم ينزل به الله من سلطان
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)  سورة الشورى
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)  سورة الأعراف
و كذلك عدم تتبع السبل فتفرق عن سبيله
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)  سورة الأنعام
لكنهم في الحقيقية لم يتخذوا وليا واحدا ولا سبيلا واحدا من دون الله بل جعلوا من أصنامهم البشرية ممن أطلقوا عليهم إسم الصحابة مشرعين من دون الله و كمثال تشريع الأذان في المساجد من طرف عمر بن الخطاب
صحيح البخاري
حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول : كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم بل بوقا مثل قرن اليهود فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد بالصلاة
فلا وجد هنا لا لروح القدس و لا لرسول و لا لوحي يوحى فقط أقوال عمر البشرية التي صورتها لنا هذه الروايات أنها أكثر حكمة من أقوال الرسول نفسه
صحيح البخاري
حدثنا  يحيى بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة : أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب
فعمر أدرك ضرورة الحجاب قبل تشريعه في القرآن على حد زعمهم عكس الرسول ليتساءل المرء هنا من الأحق منهما بالرسالة !
فلا حول و لا قوة إلا بالله و صدق الله العظيم عندما قال
 وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)  سورة آل عمران
و هذا ما حدث بالفعل العديد بعد موته عادوا لشركهم و تشريعهم للفواحش و الأسوء أنهم نسبوا ذلك للرسول لأنهم وجدوا فيه الوسيلة الوحيدة لصناعة دين جديد  والمجال المفتوح و اللامتناهي لإختراع الأكاذيب و نسبها للرسالة الأخيرة مادام باب نسبها للخالق قد أغلق عليهم إلى الأبد مع إكتمال و تدوين  القرآن و أي محاولة جديدة ستتطلب إنشاء دين جديد يتطلب رسول جديد و دعوة جديدة ستتكلل غالبا بالفشل فرأوا أن الحل الأنسب و الأسهل هو الإستمرار على نفس الديانة التي أخذت مكانتها بين الناس و نسب كل جديد لرسول نسي أن يدون أحاديثه المزعومة فنابوا عنه في القيام بذلك

تعليقات