هل هناك حجية للسنة في نصوص القرآن ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


تعد المذاهب المنتسبة للإسلام أخطر عدو لدين الله كونها تلبس ثوبه و تتحدث بإسمه بهتانا و زورا و الأخطر من ذلك إرتكابها للجرائم و نشرها للفساد في الأرض بإسم الله و رسوله حقيقة مؤلمة سبق التطرق إليها بالتفصيل في موضوع
المذاهب ليست من الإسلام في شيء
و بطبيعة الحال حاول أصحاب هذه المذاهب إعطاء شرعية لمللهم في كتاب الله عن طريق تطويع مجموعة من النصوص القرآنية من خلال تحريف معانيها لإثبات حجية مذاهبهم و على رأسها مذهب السنة و الجماعة الأكثر شهرة و إعتناق بين أتباع رسالة القرآن و الذي يرى فيه العديد من الناس الوجه الأوحد و الحقيقي للإسلام لذلك إرتأيت أن أخصص هذا الموضوع للتطرق لمختلف الحجج الذي يستشهد بها أتباعه لإثبات حجية ما يسمونه بالسنة النبوية
  ككل مذهب ديني يدعي أتباع مذهب السنة و الجماعة أن مذهبهم عبارة عن إمتداد لرسالة خاتم النبيين و أن كل ما جاء فيه يعد جزء لا يتجزأ من هذه الرسالة الخاتمة و بطبيعة الحال على كل مدعي البينة و لإنعدام الدليل و البينة في كتاب الله و في جميع الكتب السماوية من قبله فلم يجد أصحاب المذاهب من سبيل سوى الدخول في المحضور بالتحريف و التلاعب بكلام الله لإثبات ما ليس له وجود فهل صعب على رب السماوات و الأرض أن يذكر في كتابه بالحرف وجود سنة  للرسول و يلزم المؤمنين بإتباعها ؟
عوض ذلك نجد كتاب مؤلف من آلاف الجمل  و لا واحدة منها أشارة للسنة المزعومة لا من قريب و لا من بعيد نصوص تأمر المسلمين في عشرات المواضع بالصلاة و الزكاة و الإحسان و البر بالوالدين و عدم التكبر و رد التحية ألخ و لا نجد و لو إشارة بسيطة  للوحي التشريعي الثاني المزعوم غريب أليس كذلك !
فأول تحدي واجه أتباع مذهب السنة و الجماعة هو إثبات وجود سنتهم في القرآن و هذا ما إضطرهم بطبيعة الحال لتحريف معاني النصوص و التلاعب بها كما فعل أسلافهم من مشركي الذين أوتوا الكتاب من قبلهم
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)  سورة النساء
لإستخراج أي شيء يوحي بوجود تشريع خاص بالرسول منفصل عن القرآن فتارة إدعوا أن السنة هي الحكمة و حجتهم في ذلك ذكر هذه الأخيرة بشكل منفصل عن الكتاب 
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)  سورة الجمعة
و منفصل عن الآيات في نص آخر
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)  سورة الأحزاب
حجة تبدو قوية للوهلة الأولى لكنها لن تنطوي على الدارسين لكتاب الله الذين يدركون أن الحكمة و الكتاب و القرآن و الذكر و الآيات ألخ مجرد أوصاف لنفس الوحي و هو ما يتجلى بوضوح في هذا النص
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)  سورة الحجر
الذي ذكر هنا أيضا الآيات بشكل منفصل عن الذكر الحكيم رغم كونهما معا من أوصاف القرآن و هو ما يظهر عدم نزاهة و صدق أصحاب هذا الإدعاء مع أنفسهم و محاولة إستغلالهم لجهل الناس بكتاب ربهم لتمرير أكاذيبهم و تطاولهم على دين الله بنزع صفة الحكمة عن القرآن و حصرها في دينهم المبتدع ليقولوا للناس أنظروا أليست الحكمة غير الكتاب و الآيات ؟ متجاهلين وصف القرآن بالحكمة في أكثر من موضع
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)  سورة يونس
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)  سورة آل عمران
و التي نجدها حاضرة بقوة في مختلف نصوصه و وصاياه
لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)  سورة يونس
و ليت الأمر توقف عند الحكمة فقد حاول هؤلاء الكفرة المفترون تجريد القرآن من جل صفاته و نسبها لسنتهم المختلقة 
فتارة يزعمون أنها تبيان الكتاب فإذا أخبرتهم أن الكتاب نفسه هو تبيان لكل شيء 
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)  سورة النحل
يقولون بل هي تفصيل للكتاب و إذا أخبرتهم أن الكتاب هنا أيضا تفصيل لكل شيء
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)  سورة يوسف
يهربون لحجة تعليم الرسول للكتاب 
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)  سورة الجمعة
و عندما تخبرهم أن تعليم الرسول للكتاب مجرد وصف لما جاءهم به من علم في الكتاب حقيقة نلمسها بوضوح في وصف الذين أوتوا الكتاب من قبل القرآن بالذين أوتوا العلم 
قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)  سورة الإسراء 
و أن المعلم الحقيقي هو الله تعالى و أن تعليمه للكتاب يكمن في ما أنزله من علم في آياته البينات
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)  سورة البقرة
و التي كان يستوعبها الناس بمجرد قراءتها عليهم بإستثناء الظالمين الذي في قلوبهم مرض
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)  سورة الإسراء
لا يتبقى أمامهم من سبيل  سوى الإستشهاد بالنصوص التي تأمر بطاعة الرسول لمحاولة إثبات حجية سنتهم من خلالها و هو إدعاء كاذب بطبيعة الحال و يفتقر للدليل العلمي فطاعة الرسول شاملة و تقبل أكثر من إحتمال فمن يضمن لي أن طاعة الرسول هي ما جاء في سيرته السنية ؟ لماذا لا يكون ما جاء في سيرته الشيعية على سبيل المثال ؟
و لإدراك دور الرسول و المعنى الحقيقي لطاعته وجب العودة لقصة النبي موسى مع فرعون التي تخبرنا أن موسى كان مجرد رسول حامل لرسالة ربه إلى فرعون و ملئه و التي بالمناسبة لم تشمل أي كتاب سماوي و لا تشريعات فقط أمر بتحرير بني إسرائيل من العبودية و إقامة الحجة ببعض الآيات
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)  سورة طه
و ما كان على موسى سوى تنفيذ الأمر و نقل أوامر الرحمن بالحرف إلى فرعون 
إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16)  سورة المزمل 
فكانت النتجية عصيان فرعون لهذا الأمر و بالتالي عصيان الرسول و في نفس الوقت عصيان الله المرسل 
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)  سورة النازعات
و هنا يتجلى بوضوح أن عصيان الرسول كان بمثابة عصيان الرسالة التي أرسل بها و في نفس الوقت عصيان الله المرسل و بالتالي فإن طاعة الرسول هي نفس طاعة الله المرسل حتى أن النصوص شبهت رسالة موسى برسالة محمد و ليس إدعاء أن للرسول تشريعات أو إضافات خاصة به منفصلة عن رسالة الله المتمثلة في القرآن فهم عندما يفصلون طاعة الرسول عن طاعة الله ليستخرجوا كذبتهم من نصوص القرآن فأنهم يكذبون صريح هذه القرآن
 مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)  سورة النساء
كيف لا و نصوص الآيتين المواليتين تفضحهم و تؤكد أن أقوال الرسول التي يرفض المنافقون من قومه طاعتها و يبيتون على غيرها هي نفسها آيات القرآن التي يدعوهم الله إلى تدبرها
وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)  سورة النساء
لأنهم لو إعترفوا أن طاعة الرسول هي نفسها طاعة الله فسيجدون أنفسهم مجبرين على الإعتراف بأن إتباع القرآن من طاعة الله و الرسول معا و بالتالي يسقط دليلهم المزعوم الذي يحاولون من خلاله حصر طاعة الرسول في السنة و يبقى السؤال المحير لو فرضنا صحة أقوالهم هل من يتبع القرآن لا يعتبر مطيعا للرسول حامل الرسالة ؟ و هل من يتبع السنة المزعومة لا يعتبر مطيعا لله ؟ و كيف يستقيم ذلك مع قوله تعالى من أطاع الرسول فقد أطاع الله ؟ منطق غريب و عجيب !  و رغم أن هذه الدلائل كافية لفضح هذا الإدعاء فلا بأس من توضيح الأمور أكثر و تبيان أن طاعة الرسول الحقيقية هي تنفيذ ما جاء به من آيات مفصلات في كتاب ربه المبين
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)  سورة النساء
فما هي حدود الله هنا ؟ أليست أحكام الميراث المذكورة في الآيتين 11 و 12 ؟ ألم يوصف الإلتزام بها بطاعة كل من الله المشرع و الرسول الحامل للرسالة ؟ أليس هذا نص قرآني صريح يؤكد أن طاعة الرسول هي طاعة ما جاء في القرآن من شرائع و ينفي حصرها في الباطل و أكاذيب الأحاديث ؟ أليس هذه رسالة واضحة تؤكد أن الحدود لله وحده عكس الطاعة الشاملة لكل من الإله المشرع و الرسول حامل رسالته للبشر و أن لا شريك لله في الأحكام و التشريعات ؟
و بطبيعة الحال عندما تقفل في وجههم جميع الأبواب الممكنة للإفتراء على كتاب الله لا يجد أعداء القرآن من سبيل سوى أسلوب إقتطاع الآيات من سياقها لتحريف كلام الله و يبقى أشهر مثال على ذلك إستشهادهم بمقولة
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 
التي عندما نضعها في سياقها الكامل 
مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)  سورة الحشر
يتضح لنا أنها لا تمت بصلة لحجية السنة لا من بعيد و لا من قريب بل بما أوصى به الله تعالى في كتابه الكريم بخصوص تقسيم غنائم الحرب
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)  سورة الأنفال
و من أشهر الأمثلة التي يستشهدون بها أيضا 
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  
 في إشارة إلى أن جميع أقوال الرسول نابعة عن وحي إلهي و التي عندما نضعها في سياقها الكامل 
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)  سورة النجم
يتبين مدى سخافة هذا الإدعاء كمن يقول أن جبريل هو من علم محمد مجمل الكلام و ليس مجمل القرآن ! 
و المشكلة أنهم لم يكتفوا بمحاولة نزع العديد من الصافات القرآنية عن كتاب الله و نسبها للقرآن بل حاولوا إشراك السنة مع القرآن في بعض الأوصاف كالذكر و حجتهم في ذلك شمول وصف الذكر لكل ما أنزل من وحي عبر التاريخ
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)  سورة الأنبياء
لكن المشكلة هنا أن الله تعالى لم يضرب للناس مثلا في زمن الرسول محمد سوى بذكر القرآن
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)  سورة فصلت  
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)  سورة الأنبياء 
 وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)  سورة ص
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)  سورة ق 
فليأتوا بآية واحدة توحي بوجود ذكر غير القرآن في رسالة محمد إن كانوا صادقين ؟
فعندما يقوم أصحاب المذاهب بعرض دلائلهم المزعومة في منابرهم تبدوا في الظاهر  منطقية و علمية لكن بمجرد عرضها على واقع علم الكتاب تظهر مدى سطحيتها و بعدها عن الواقع القرآني الذي لم يلزم المؤمنين سوى بما جاء في نصوصه